فسوق فتاة ولا نفاق مجتمع / محمد عالي الهاشمي
الأربعاء, 19 فبراير 2014 19:05

 محمد عالي الهاشميأثار ظهور فتاة موريتانية سافرة الوجه والرأس في فيديو كليب غنائي موجة انتقادات واسعة وهو أمر مقبول في دولة تتسمى بالإسلامية لكن أليس المجتمع الموريتاني يمارس نوعا من النفاق حين يهول من أمور ويتغاضى عن أمور أخرى هي أشد هولا ؟ ففي التدين مثلا نجد ظاهرة

التجارة بالدين منتشرة فإذا كان الربح المادي هو في التدين تجد الواحد وكأنه الفضيل بن عياض في تعبده أو الحسن البصري في زهده وإذا كان جني المال في الابتعاد عن الدين تجد الواحد في فسقه كأنه يزيد الفاسق في عصره أو آتاتورك وبوركيبة في عصرنا اليوم أليست هذه الظاهرة أولى بالمحاربة ؟

 

" التسدار " أو " لمجي" أليس من الظواهر المنتشرة جدا في المجتمع والمسكوت عنها بل إن المجتمع يعتبرها ظاهرة صحية بل من مميزات الرجولة !! , فهل هي ظاهرة إسلامية؟ يقال انه كان في بعض مجتمعاتنا "المحافظة" يأتي الرجل في ساعة متأخرة من الليل لمحبوبته وهي نائمة بين والديها ويغمزها لتخرج معه ووالديها أو والدتها على الأقل تتغاضى عن ذلك , فهل هذه هي القيم الإسلامية ؟ ماذا يريد رجل غير محرم من الخلوة بامرأة في ساعة متأخرة من الليل ؟ لا أظنه يريدها لقيام الليل أو التهجد !! .

 

يقول الداعية محمد ولد سيدي يحي إن بعض الآباء تأتيه ابنته - التي لا تعمل وليس لها دخل شرعي للمال - بدراعة "هدية" ولا يسألها من أين لك هذا لأنه يعرف أنها من الحرام !!

 

فهل هذه العلاقات المحرمة شرعا والمجاهر بها والتي يشجعها المجتمع بشكل من الأشكال أولى هي بالمحاربة أم ظهور فتاة بدون ملحفة؟

 

النفاق في تعامل بعضنا مع البعض فالواحد منا يرى الآخر يرتكب الخطأ تلو الخطأ ولا يستطيع أن يقول له ذلك في وجهه وينصحه لكنه يقول في غيابه ما لم يقله مالك في الخمر !!

 

النفاق السياسي للأسف وصلنا فيه لدرجة من لم ينافق فيها للأغلبية فهو مخرب ومن لم ينافق للمعارضة فهو " صفاك" ومطبل !! الفساد هو الآخر ظاهرة يتكلم عنها الجميع حتى أعلى هرم في السلطة - رئيس الجمهورية- ومع ذلك هي منتشرة من أتيحت له ممارسة الفساد مارسه ومن لم يتح له "ناضل" من أجل أن يتاح له ما يفسده والمفسد في نظر المجتمع هو البطل الشجاع وغيره " درويش" ( متمربط ) فأي الظواهر أحق بالمعالجة؟.

 

في مجتمعنا تترك فئات تمارس الزنا – والعياذ بالله - ولا ينكر ذلك والمبرر دائما طبقي وفي مجتمعنا تهمش فئة أخرى هي أكثر من خدم الدين بحفظ كتاب الله وصناعة اللوح والقلم وهي أكثر من خدم المجتمع بالصناعة الخدمية والعسكرية فئة لمعلمين والمجتمع ساكت عن ذلك لا ينكر هذا المنكر المنافي لقيم العدل والمساواة التي تقوم عليها الدولة الإسلامية و جاء بها نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم !!.

 

أمس كنت في زيارة لمستشفى الصداقة بانواكشوط فرأيت شخصا واقفا بأحد الممرات يدخن أذاه تعدانى إلى غرف المرضى فاتجهت إليه مستغربا من فعله فوجدتها مجموعة من المدخنين متفرقة فيها الكبير في السن والمتوسط وعرفت أن الكلام مع أحدهم لن يجدي ووقتى لا يسمح بالتوجه إلى كل واحد منهم و لاحظت أنه سلوك عام ونزلاء المستشفى يبدوا أنهم تعودوا عليه, أليست هذه السلوكيات أولى بالمعالجلة؟

 

إننا نهول من أمور ونترك أخرى هي أشد منها هولا من الناحية الشرعية والقانونية والعقلية وهو ما يشير إلى أن المجتمع تنتفض فيه روح الإصلاح عندما تمس مقدساته وليس بالضرورة مقدسات الإسلام فتقوم الدنيا ولا تقعد , يقوم شخص ما وليكن رئيس الدولة مثلا – أيا كان – بمصافحة ضيوفه من النساء وهي مسألة لم يرد دليل قطعي الدلالة والثبوت على تحريمها – وإن كان الأفضل عدم فعلها وجهور الفقهاء يرى حرمتها- ثم نتجاهل أخرى محرمة بأدلة قطعية الدلالة والثبوت ومحل إجماع كالكذب والخيانة وأكل المال العام واتخاذ الأخدان ( العشيقات " التسدار" ) , ننتفض لأن فتاة " بيضاء" خرجت في فيديو دون ملحفة في حين أن لها أخوات يعشن معنا يوميا في الإدارات الحكومية والخاصة ووسائل الإعلام وهن لا يرتدين الملحفة ولا يرتدين الحجاب ومع ذلك لم ينتقدهن أحد !! هي إذا هي مسألة عادة أكثر منها مسألة دين.

خروج فتاة سافرة الرأس والوجه بل حتى فسوقها – وان كان محرم قطعا - هو أهون من نفاق مجتمع يمارس الكبائر ويغض الطرف عنها لكنه حين تمس عادته هو ينتفض - وطبعا لا خير في الإثنين لكن علاج الأخطر مقدم على ما دونه- فلنراجع أنفسنا ولو قليلا ولنتصارح معها كثيرا .

محمد عالي الهاشمي [email protected]