حديث إلى الشباب بقلم/ السعد بن عبد الله بن بيه |
الخميس, 14 أغسطس 2014 11:09 |
هل أصبح أغلب الشباب الموريتانى أو بعضه – لا قدر الله – يعتقد أو يفهم على نحو خاطئ مقولة (إراسموس) – ساخرا - "إن الحماقة هي التى تحافظ على الجنس البشري"،لماذا نقسوا هكذا بهذا التساؤل ؟! لا شك أن المتأمل في الفرصة التى تسوقها الأوضاع اليوم للشباب الموريتانى، له أن يقلق بشأن فهم وتحليل هذه الفئة الاستراتيجية – الشباب- للوضع الجديد، طبعا لكي نفهم أهمية هذه الفرصة وقيمتها العالية، لا بد من شرح وتحليل الوضع المهين الذي كان فيه الشباب الموريتانى، والذي تظاهرت عليه عوامل عديدة لإبقاءه في مربع اللا التأثير ،وهو ما لن نستطيعه الآن في هذه العجالة لسببين الأول :أن أغلب الشباب يحس بثقل ونحس تلك الوضعية لأنه يعيشها حتى ولو لم يتمكن من تحليلها كما ينبغي ،الثانى :أن كاتب هذه السطور حاول ذلك في كتابات ماضية –يمكن الرجوع إليها لمن أراد- سنحاول في هذه المساهمة إسداء نصيحة –إلا لمن أبى- ، دون أن يعنى ذلك أننا في موقع النصح أو المأهلون دون غيرنا له ،ذلك ان موقع النصح يحتاج مستوى من الخبرة الواقعية والمعرفية، ومن الحياد والتعالى عن الحظوظ مما لا يتاح لكل أحد ؛ لكن ولعبثية النقاش العمومي الذي نلحظه من وقت لآخر بين مكونات الفئة الشابة ،أستشعرنا المسؤولية في توجيه نصح ولو متواضعا ،وذلك لاعتبارات منها :اهتمامى منذ فترة ليست قليلة وخصوصا فيما ارتكبه من الكتابة بمسألة المشاركة الشبابية في الشأن العام الوطنى،انطلاقا من قناعة لا تتزحزح أنه لا أمل لهذا الوطن كي ينهض ويتقدم إلا بشبابه ،شباب على مستوى التحديات ، خالطت وباشرت أحلام التغيير قلبه وعقله،شباب يجد بين اضلعه شهوة لبناء موريتانيا، تمكنه معارفه وخبراته من اقتراح مشروع حقيقي للإقلاع نحو سعة الإزهار والتقدم، كما اننى واكبت فعليا إلى جانب آخرين من الشباب الذكي والمتفانى، بداية الحراك الذي نشهده الآن من خلال تجربة لقاء الشباب،واخيرا اعتقد بل أقول جازما أن ليست لي تطلعات خاصة – بالمعنى النفعي المباشر- فيما يتعلق بمستقبل ثمار هذا المشروع، وهو ما يشهد له أننى لم اتحرك لا رسميا ولا بشكل موازي للإستفادة من هذه التجربة، لكن ماحاك في نفسي وجعلنى لا أصبر حتى أنشر هذه المساهمة، هو أن الشباب تنكبوا المنهجية المناسبة لتفعيل ضمان مشاركة الشباب في المجهود التنموى ،فقد انصرف النقاش العمومي إلى الاتهامات ونزل حد مناقشة الاشخاص بدل المشروع، فاصبح مناقشة سيزيفية وسفسطة لا تفعل أكثر من تشتيت الجهد ،- وجعلت المعادين لمنهج التجديد والتغيير بسواعد الشباب يسخرون منهم - ولنكن عمليين؛ على الخطاب العام للشباب أن يناقش :المضامين/ والمفاهيم/والآليات/ والعلاقات،بمعنى آخر ما هو المستوى أو المضمون وما هي الأسئلة التى على الخطاب أن يرتقي إلى مستوى تصنيفها وحلها ،حيث الأسئلة التنموية الملحة والحقيقية المتعلقة بالتعليم والصحة والبنية التحتية ...إلخ ،والأسئلة السياسية المتعلقة بمجالنا السياسي وعلاقتنا ،والسؤال الثقافي المتعلق بارتقائنا الابداعي، فضلا عن الأسئلة الروحية والأخلاقية ،عن أية مفاهيم وتصورات ورؤى على الشباب أن يبذلوا فيها جهدهم النظرى والعملي، عن أية آليات ووسائل فكرية وثقافية وقانونية ومؤسسية ...إلخ يمكن التذرع بها ،وعن أية علاقات مع الماضي والحاضر والمستقبل مع الأفكار والمؤسسات والفاعلين علينا أن نقيمها؛ أعتقد أن هذه الشُعب من الأسئلة هي ما يمكن أن يمثل مضمونا لنقاش عمومي بناء، أصحابه على قدر المسؤولية والتحدي ومستعدون فعلا لشراكة حقيقية بحجم شراكة مع الرئيس من أجل الوطن. أما الشُبه أو التحفظات التى تمثل اليوم مسجر تنور الأزمة الخلافية بين الشباب، فاعتقد أنها تمثل سببا مباشرا لاعطاء صورة منحطة عن الشباب، كشباب عاجز عن تنظيم خلافاته وضبطها بحدود نكران الذات والترفع وبسقف مصلحة الوطن،هناك في تلك الخلافات الكثير من الزيف والافتعال والقليل من الحقيقة: - فبخصوص "التشاورية" فقد وجه الرئيس مباشرة بها ،واعتقد أن الآلية التى تعتمدها اللجنة مقبولة نسبيا في الاستفادة من أدوات العصر "الانترنت" في ارسال استمارات لابداء الرأي ،وقد تتم اقتراحات تحسينية من قبيل: الكتابة مباشرة للجنة ،وكذلك اعتماد آلية الاجتماعات مع الكيانات المنظمة من الشباب، والذين لهم ممثلون منتدبون لعرض مقترحاتهم على اللجنة – طبعا اللقاءات الفردية ليست فقط غير عملية بل غير ممكنة 70% من المجتمع- وعلى الشباب والجهات الشبابية الذين قدموا مقترحاتهم واسئلتهم وتحفظاتهم إلى اللجنة مراقبة مخرجات عمل اللجنة، وفحصها ونقدها بالأساليب الديمقراطية والمنهجية المعتادة. - وبخصوص تهمة "الاحتكارية" ،فمن البدهي أنها ستكون في حكم العدم، إذا اعتمدت آلية التشاور وبحث الجميع عن قيمة "التوافق" الممكن، وبخصوص هذه التهمة علينا أن نكون واضحين حتى الدساتير تحتاج إلى "لجنة" -هيئة تاسيسية- لوضعها، ومن ثم عرضها للاستفتاء الذي هو بمثابة المراجعة والنقد، وبهذا الخصوص لا يمكن للجميع أن يكون اللجنة أو ممثلا في اللجنة ،لا بد هنا من تنمية "الثقة" فيمن اسند إليهم الأمر مع تفعيل "الرقابة" على اعمال اللجنة من جهة أخرى، كلجنة مفوضة من الرئيس ومقبولة لخدمة المشروع الشبابي. - وبخصوص التحفظ الثالث المتعلق "بمعايير" الاقتراح والتعيين في المجلس الأعلى للشباب ،والذي يبدو أكثر حساسية وإثارة للجدل ،فلا بد من التنبيه على التالي أولا هذه المعايير هي مفتوحة للنقاش والتشاور، وأظن أن الجميع متفق بشأن الخطوط العريضة: كالكفاءة والخبرة وثقة رئيس الجمهورية بالعضو وعنصر السن الذي نقترح أن يحصر بين (20- و35) ،تبقى الحقيقة الواضحة والتى لا تبرر هذا الجدل والاختلاف هي أن المجلس هو مجرد آلية محددة ومحدودة، ولا يمكن أن يتسع لكل الشباب الموريتاني بل ولا شباب اللقاء 400 ، وعليه ما من سبيل إلا محاولة وضع شروط ومعايير واضحة ودقيقة، تضمن تمثيلية عادلة تعبر عن الجميع ما أمكن ،وأن يكون هذا المجلس أكثر تنوعا لمختلف الحساسيات والمكونات الناظمة للحراك الشبابي، وأن يكون أكثر وفاء من حيث الشكل والمضمون لثراء المجموعة الوطنية ،على أساس الكفاءة بعيدا عن السطحية، بحيث يرى الجميع نفسه ممثلا، ويبقى التحدي الحقيقي متعلق بفعالية هذا المجلس ومساهمته في خدمة القضايا التى تخدم الشباب، وتعبئ جهودهم لخدمة الخير العام ،وهو ما يجب أن يتنافس فيه المتنافسون. - في الأخير على الشباب من كل الأطراف أن يكون ذاته لا صدى لغيره ،وعليه أن يختلف لكن بعقلانية وبنزاهة وبحكمة وربما بعبقرية ، فبدون التوحد والتجمع، المشروع كله سيذهب مع الريح وبفعل فاعل، لا يعنى ذلك أن الخلافات والتناقضات ليست موجودة، فهذا شيء ضروري في أي مقاربات أو سلوكات تستهدف العمل العمومي ،وانما يعنى ان الخيار الاستراتيجي الآن هو البحث عن التوافق والتعاون بدل الصراع، في ظل ضعف الشباب وعدم توازن علاقات القوة والنفوذ في البيئة السياسية لصالح القوة التقليدية.
باحث بمجال العلوم السياسية مهتم بقضايا الشباب.
|