“داعش” في الموصل: جزية على المسيحيين ولا بيوت للأقليات
الجمعة, 04 يوليو 2014 17:13

2 الموصل ـ حشد معذب ينتظر ساعات أمام مركز شرطة قديم في قرية الرشيدية في عزّ القيظ ، فاقم الأمر مشهد البعض وهم يقبلون أحبتهم الخارجين من الاعتقال عند باب المركز الذي يسيطر عليه مسلحو داعش ، لكن غيرهم يلفهم الحزن، فقد غاب أحبتهم.

 

الصحفي رأفت أحمد كان من ضمن المنتظرين لاستقبال أخيه وأخواله الذين أعتقلهم مسلحو داعش المسيطرون على المدنية مع ستين رجلا في قرية القُبة . يقول رأفت “دخلت القرية قوات مسلحة تمتلك قوائم بأسماء الرجال المطلوبين وكانوا يأخذون هويات المواطنين ويبحثون عنها من خلال حاسوبهم الالكتروني ، فقاموا باعتقال أثنين من أخوالي وهم من الطائفة الشيعية وأخي هو من الطائفة السنية، وكانوا يبحثون عن رجال قالوا بأنهم ينتمون لفصائل فيلق بدر و حزب الله والمجلس الأعلى الإيراني.”

 

القُبة هي قرية زراعية غالبية ساكنيها من الشيعة التركمان و فيها خليط من العشائر التركمانية الشيعية والعربية السنية وهي تقع جغرافيا أبعد من قرية شريخان العليا والسفلى ثم جرف الملح. المنطقة فيها عدة عشائر للتركمان مثل الخُدشات وغيرها وهناك عشائر عربية مثل طي وجبور وحمدون وكل العشائر متصاهرة فيما بينها سنةً وشيعة، وقد سيطر عليها عناصر داعش بعد انسحاب الجيش العراقي.

 

 

هجرة السكان الشيعة

 

الأهالي الذين كانوا قد هجروا القرية إثر دخول عناصر داعش، عادوا لمزارعهم وبيوتهم بعد أن طمأنهم المسلحون أن بإمكانهم رفع الأذان الشيعي في الحسينيات ( دور العبادة الشيعية)، وهو ما جعل الفلاحين وأطفالهم يشعرون أن عودتهم إلى القرية باتت أكثر أماناً.

 

الصحفي رأفت مضى إلى القول” بعد عودة الأهالي الى القرية جاءت قوات مسلحة وفصيل غير ذاك ( الفصيل) الذي طمأن الناس للعودة، قوات منظمة تمتلك سيارات ومعدات وحواسيب وكانوا يرتدون دروعاً فألقوا القبض على ما يقارب ستين رجلاً، بدءً قاموا بحصرهم بالملعب ثم اعتقلوهم “

 

بعد ثلاثة أيام أطلق المسلحون سراح نحو 30 رجلاُ بين سني وشيعي تتراوح أعمارهم بين 15 الى 18عاما كما أطلقوا سراح الأشخاص الذين تكفل بضمانتهم أقاربهم وجيرانهم، ومازالت تتضارب الأخبار في قرية القبة بين قتل الآخرين أو أخذهم كرهائن مقابل أن تطلق الحكومة المركزية معتقلين عندها.

 

فجر مسلحو داعش مرقد الإمام عباس في قرية القبة وحسينية في قرية شريخان، متعللين بأنه ثأر من “عصائب أهل الحق ” ( ميليشيا شيعية) الذين قاموا بقتل 100 من الطائفة السنية في بغداد، كما أعلن عناصر داعش.

 

ويضيف رأفت “المسلحون كانوا يسألون المعتقلين هل هم روافض أم شيعة ثم يطلبون منهم إقامة الصلاة ورفع الأذان أو تعداد أركان الإسلام (ليعرفوا حقيقة انتمائهم الطائفي)، و يشهد بعض الأهالي بوجود أفراد في القرية كانوا يعملون لصالح فيلق بدر والمجلس الأعلى الإيراني وهناك بيوت تعود لإيرانيين كانوا يسكنون القرية تحت حماية الجيش العراقي.” الظلام يعم قرية القبة اليوم حيث انقطع التيار الكهربائي وهي تفتقر للاتصالات، فيما هجر كثير من البيوت أصحابها بلا عودة.

 

الجزية على المسيحيين ومصادرة بيوت الشبك

 

شهدت شوارع مدينة الموصل استعراضا عسكرياً أقامته قوات داعش وعرضت فيه غنائمها من الجيش العراقي ، شاركت الحضور عدد من النسوة المنقبات وهن يشهدن الاستعراض ويطلقن الزغاريد ويجلسن على المنصة الخاصة باستعراض مهرجان الربيع الذي كان يقام سنوياً في المدينة قبل 2003. تزامن هذا الاستعراض مع استعراضات يقوم بها المتطوعون للخدمة فيما يعرف ب “الجيش الكفائي ” في بغداد وجنوب العراق بعد إصدار المرجعيات الشيعية لفتوى الجهاد ضد داعش.

 

تعيش الأقليات الشيعية من الشبك والتركمان، وأقلية المسيحيين التي تركت المدينة بشكل نازف منذ التغيير عام 2003 ، وضعا قلقا جدا في الموصل التي لم تشهد هدوءا قط . مخاوف الأقليات ازدادت بعد ظهور داعش وسيطرتها على المنطقة وما حولها.

 

سهاد صبحي هي مواطنة شبكية كانت تسكن مركز المدينة وهاجرت إلى قرية بايبوخت التي يسكنها الشبك ( وهم أقلية شيعية تسكن شمال العراق) ، تقول : “غادرنا الموصل بعد خطف والدي خلال 2007 الذي أطلق سراحه مقابل 13,000 دولار ثم عدنا للموصل في 2010، أما اليوم خرجنا من الموصل خوفاً من داعش خاصة بعد اختفاء رجلين من أقاربنا كانوا يعملون في الموصل ومازال مصيرهم مجهولا وهذا أكد مخاوفنا “ وتكمل سهاد بعد ضحكةً ساخرة “برغم وجودنا في قرية تحت سيطرة البيشمركة ( القوات الكردية) إلا أننا خائفون من تمدد قوات داعش ألينا وانسحاب قوات البيشمركة، بصراحة لم نعد نثق في أي قوة عسكرية تحمينا”.

 

قوات إقليم كردستان تحمي قرى ومدن الأقليات

 

قوات البيشمركة تفرض سيطرتها اليوم على المناطق المتنازع عليها وعلى مناطق “سهل نينوى” بحسب المادة 140 من الدستور العراقي لسنة 2005. وقد شهدت السنوات الأخيرة مطالب بإقامة محافظة خاصة بالأقليات في هذه المنطقة وخصوصاً بعد تزايد حدة الهجمات عليهم في مدن عراقية أخرى.

 

وتتكلم سهاد والعرق يغمرها بسبب انقطاع التيار الكهربائي فتبدو منهكة “أريد مغادرة القرية ولن أعود إلا إذا تكونت دولة قوية أحترمها ، فالدولة في الموصل لم تكن تحمي المواطن ، فعندما كنا نخطف من بيوتنا أمام الأنظار، كان الجيش يقف قرب البيت ولا يحرك ساكنا”، في إشارة إلى العنف المتصل الذي عاشته مدينة الموصل على مدى 11 عاما.

 

أما أم فؤاد ، وهي مسيحية عادت إلى الموصل بعد هجرتها إلى قضاء الحمدانية إثر دخول قوات داعش فتقول: ” بعد عودتي أخبرني الجيران المسلمون أنّ داعش جاءت إلى المنطقة وطلبت منهم أن يقولوا للعوائل المسيحية إنها تريد الجزية منهم مقابل سلامة حياتهم”.

 

وأكملت وهي تغلق الحقائب والصناديق ومنشغلة برزم حاجياتها ولوازم بيتها “كذلك أخبروني أنهم سيقومون بمصادرة البيوت الفارغة العائدة للمسيحيين والشبك، لذا أنا الآن لا خيار لي إلا مغادرة المدينة إلى الأبد”. وتمضي أم فؤاد إلى القول إن جيرانها المسلمين لم يخبروا عناصر داعش أنها مسيحية خوفاً عليها وعلى عائلتها وهي تشكر لهم هذا الفضل.

 

 

داعش لا تخيف الأيزيديين والمسيحيين في قراهم

 

 

الوضع في ناحية بعشيقة الأيزيدية – المسيحية مختلف تماماً ( فالمدينة وكل الأقضية والقرى المسيحية وألأيزيدية خاضعة لسيطرة وحماية البيشمركة بموجب اتفاق بين ممثلي الأيزيدية والمسيحيين وقيادات إقليم كردستان العراق ) . الناشط المدني سالم خليل يصف وضع بعشيقة بالقول “لا توجد لدينا مخاوف من تمدد داعش الى منطقتنا لكن هاجس الخوف الوحيد هو من أن تتحول بعشيقة الى منطقة صراع وهذا يعرض المدنيين إلى القصف بالهاون أو الاختطاف والابتزاز أو عمليات محاولة الدخول للمنطقة.”

 

ويكمل سالم ” انسحاب البيشمركة من المناطق في مركز مدينة الموصل كان من ضمن تداعيات أن المنطقة ليست كردستانية أما مناطق الايزيدين والمسيحيين والشبك فتعتبر مناطق كردستانية لذلك نرى في بعشيقة تحشيدا أمنيا، ويوجد تعاون بين الأهالي والبيشمركة خاصة ً أن تشكيلاتها هم من شباب المنطقة وأبنائها.”(الاناضول)

فيديو 28 نوفمبر

البحث