لقد هرمنا كما يبدو،أجسادنا تحولت إلى قطع غيار،البراءة غادرت نظراتنا،مهما كنَّا طيبين لن يصدقنا أحد،فالأفق يكتظ بالذئاب والوحوش،تلك الوجوه المتعبة أعرف ما تخفي،وتلك الكلمات أسمعها كل يوم!
الحكومة منذ أعوام وهي تقول إنها ستحول الوطن إلى جنَّة،لكنها جعلتنا نعيش في جنَّة مليئة بالحمير واللصوص والقصائد الحزينة،المعارضة وهي تحفر صحراء الفرص،ملأت عيوننا بتراب الخيبات،النبلاء كثر،لكن الظروف ليست نبيلة كعداد البنزين،الذي جعل أصحاب السيارات الذين تسربوا مبكرا من المدرسة يتعلمون الحساب بدقَّة!
الحياة صعبة،قالها صديقي وهو يعاني من آلام الضرس والبطالة،ويدخن سيجارة حزينة استدانها من عند صاحب الدكان المتجهم،نصحته بالصبر وبالنضال،وقلت له أن الشمس ستشرق غدا،وأن الحزن يضر بصحة القلب،وأن الحكومة لن تتكفل بعالجه إذا مرض،ستعتبره رقما وحسب.
ذات صيف فائت في أقصى الوطن،وبالتحديد الواحدة زوالا،رأيتها ترقص بنشوة تحت عريش يشبه عش الطيور،إنها فتاة في العشرين،كانت سعيدة رغم تعاسة المكان والمناخ،عجبت لحالها!ومن حال صديقتي المقيمة في أوروبا التي بعثت لي برسالة تقول فيها إنها تشعر بالإكتئاب وبالرغبة في البكاء.عندما رمتني وزارة التعليم قُدس سرها،في أطراف الوطن من أجل تدريس الرياضيات،حملت حقائبي الخفيفة كحقائب الوطن،وأنا في الباص أراقب الطريق والأحلام الوردية تبتعد كطائرة ورقية تطاردها الرياح،نظرت للساعة في معصمي،كانت تشير إلى ربع قرن وسنتين،إنني في مرحلة الكفاح،وأنا ذاهب إلى مكان هادئ ومعزول،هل أتحول إلى فيلسوف وأبني صومعة من التأمل،حتى أغوص في اعماق الحياة،فكرت في هجاء وزارة التعليم،فهي لا تستحق المدح،لكن الهجاء أيضا كثير عليها،لم أفكر مطولا في جغرافيا الأقدار،فهي تدفعنا دائما لأشياء لا ندرك حقيقتها،قد تكون في ظاهرها سيئة،لكن الخير يكمن في باطنها،ليس هذا وقت التأمل إنه الصباح،هل تناولتم الخبز،بالمناسبة لدي 5000 آلاف ومثلهم من المتابعين ولا أحد منهم دعاني للغداء،بكل صراحة صداقكتم ليست مثمرة!
لقد كنت البارحة أفتش عن زوجة صالحة في الواتساب،وعثرت على واحدة مطلقة،لكن الحوار وصل لطريق مسدود فهي تخاف من الظلام وتكره السفر،وأنا ابحث عن امرأة تشبه الحقيبة الصغيرة أحملها معي دائما،لتخفف علي من وطأة الوحدة والإنفلات العاطفي الذي يجتاح قلبي،بالمناسبة الذين يضعون إسمي في قوائم المدونين المميزين للعام المنصرم أشكرهم جدا لكنهم يحرجونني،الإطراء يشعرني بالخجل،والذين يطلبون مني الإندماج في السياسة يطلبون المستحيل،أنا مجرد عابر ووجهتي ليست قمة الحياة،والكتابة مجرد هواية بالنسبة لي،أحاول من خلالها التجول في فضاءات الحياة،وقراءة تلك القصائد الصامتة المكتوبة على وجوه الناس،والعنوان لا يخدم النص،الحياة ليست صعبة،فقط علينا أن نجتاز أسوار اليأس والإنكسار بكل شجاعة.
هنا نواكشوط الشمالي(حي بوحديدة).والساعة 10:33 دقيقة وصباحكم بهجة ونشاط،وطابت أوقاتكم.
-----------------
من صفحة الأستاذ خالد ولد الفاظل على الفيس بوك