
وضع الموت حدّاً لحياة الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي، والمفكر الإسلامي، حسن الترابي، عن عمر ناهز الـ 84 عاماً، حيث أصيب الرجل بذبحة قلبية فارق في إثرها الحياة عشية اليوم، السبت.
"
للترابي آراء فقهية جدلية قادت بعض المتشددين للمطالبة بإهدار دمه، خاصة في ما يتعلق بالمرأة
"
وتجمهر المئات من محبي الرجل وكوادر حزبه، فضلا عن أعضاء حزبه، أمام منزله، وتقدمهم الرئيس السوداني، عمر البشير، الذي وصل لمنزل الرجل بعد أن زاره في المشفى قبيل إعلان وفاته، وعرض نقله بطائرة خاصة لتلقي العلاج في دولة ألمانيا، إلا أن الأطباء عارضوا الخطوة لتأخر حالة الترابي.
ويعتبر الترابي أحد مؤسسي الحركة الإسلامية السودانية، وقررت أسرته دفنه في الثامنة من صباح الأحد في مقابر "بري" في الخرطوم.
ولد الترابي في عام 1932 وهو من الأسر المعروفة في السودان بالعلم والدين واللغة العربية، والأخيرة تعلمها على يد والده ذي الميول الصوفية، لذا يعرف الترابي بقدرته الهائلة على التمكن من اللغة واللعب بمصطلحاتها طوال تاريخه السياسي، حتى أن مؤلفاته يصعب على الكثيرين فهمها.
نال الترابي جزءاً من تعليمه في بريطانيا وفرنسا، حيث حاز درجتي الماجستير والدكتوراه، بعد تخرجه من كلية الحقوق جامعة الخرطوم، الأمر الذي يرى مراقبون أنه أثر في تكوين شخصيته وأثر في التناقض الذي بدا واضحا في مواقفه السياسية والفكرية.
وللترابي آراء فقهية جدلية قادت بعض المتشددين للمطالبة بإهدار دمه، خاصة في ما يتعلق بالمرأة، فقد أجاز إمامة المرأة للرجل في الصلاة، فضلا عن زواج المسلمة من كتابي، إلى جانب تشكيكه في صدق بعض الصحابة وموثوقية صحيح البخاري.
وفي 1991 أنشأ المؤتمر الشعبي الإسلامي، والذي جمع الحركات الإسلامية من الدول المختلفة وممثلي المنظمات الإسلامية في الغرب، فضلا عن المجموعات الراديكالية العربية، كحزب البعث العراقي والحزب الاشتراكي اليمني، وبعض المنظمات الفلسطينية، بما فيها اليسارية واليمينية، وانتخب وقتها أميناً عاماً للمؤتمر.
في 1998 خرج الترابي من السلطة عقب المفاصلة الشهيرة مع نظام البشير، ليقود معارضة خشنة ضد أقرانه، وشهد إقليم درافور حربا أهلية قيل إن الترابي مهندسها، إذ يتمسك الحزب الحاكم بتبعية حركة العدل والمساواة لحزب الترابي باعتباره الجناح العسكري لها.
وبعد 15 عاما من الانفصال، عاد الترابي أخيرا إلى أصدقاء الأمس في السلطة، عبر دعوة البشير للحوار الوطني التي سارع لتأييدها والمشاركة فيها تمهيدا لعودة الحزبين، وطرح الترابي مسودة لاتفاق أطلق عليه "النظام الخالف"، قصد منه توحيد الإسلاميين من جديد وعمد في أكثر من مجلس إلى بث آماله بعودة توحيد الإسلاميين وتحسين صورتهم قبل مفارقته الحياة.
العربي الجديد