لقد عملت الحكومة الموريتانية على وضع خطة تنموية شاملة تأخذ بعين الاعتبار محاربة كل أنواع الفساد وترشيد الإنفاق العام وتوجيهه إلى الأوجه التي تخدم التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وضمن خطة الإصلاح الهيكلي هذه، محاربة الفساد كخيار استراتيجي شمل كافة أوجه الحياة العامة سبيلا لبناء دولة مدنية قائمة على العدل والمساواة وعلى الكفاءة والنزاهة و على ما يقدمه الفرد من خدمات للمجتمع.
حيث بات الأمر ضربا من الخيال وتحديا قائما إلى عهد قريب ولعل ابرز مظاهر الفساد التي ظلت قائمة وأوسعها انتشارا فوضوية استخدام السيارات العمومية وشتى طرق استغلالها البشعة التي أرهقت كاهل الدولة وكادت تفقدها هيبتا ووقارها دون رقيب أو حسيب من خلال فواتير المحروقات وفواتير الإصلاح والترميم وعناوين عديدة أخرى تهدر تحتها مبالغ ضخمة في بعض الأحيان و وهمية أحيانا أخرى، ناهيك عن الاستخدامات المختلفة لهذا الملك العام دون معايير موضوعية.
وقد عكفت الحكومة من خلال جملة إجراءات حديثة تميزت بالصرامة والشمولية شملت جرد عام للسيارات المملوكة للدولة على المستوى الوطني أي كان نوعها أو طبيعتها وبيع المتهالك منها للجمهور عن طريق مزاد علني تميز بالشفافية والعلنية ووضع البقية على قاعدة بيانات رقمية لأول مرة في تاريخ البلد سهلت عملية الاستغلال الأمثل، كما شملت العملية جوانب إصلاح أخرى متعددة منها على سبيل المثال التحكم في حركة السيارات ومعرفة الجهات المستخدمة والإغراض الموجه إليها في نفس اللحظة وفق نظام رقمي حديث سهل عملية المتابعة الدقيقة لهذه السيارات.
إن هذه الإجراءات وغيرها مكنت من تعبئة موارد مالية معتبرة تم توجهيها إلى مشاريع استثمارية حيوية تلامس حياة المواطن وساهمت في تحسين مستواه المعيشي في حين كانت تذهب إلى جيوب من لا يستحقونها منتجة نمطا استهلاكيا معينا شكل إساءة للدولة والمجتمع ردحا من الزمن، و دون أن تساهم في الدورة الاقتصادية بنفع عام لتنتهي بذالك فصول من الفساد سادت حقبا عديدة بالإضافة إلى أنها ظلت عنوانا ومظهرا للفساد من خلال استغلال السيارات العمومية بصور ومظاهر مختلفة متى يممت وجهك في كل إرجاء الوطن.
إن محاربة الفساد وترشيد الإنفاق العام وتقريب الخدمة العمومية من المواطن والصرامة والشفافية في تسيير المال العام والاهتمام بالمشاريع الحيوية ذات الطابع الاجتماعي أهم ركائز وأولويات الحكومة الحالية بهدف تفعيل دور الدولة و الحد من البطالة ومكافحة الفقر وتحسين المستوى المعيشي للمواطن من اجل تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية شاملة وترسيخ القيم الديمقراطية على أساس العدالة الاجتماعية وتطبيق الشفافية في تسيير المال العام.
بقلم الأستاذ: القاسم ولد محمود