أصبحت الدفعة الأولى من الإذاعات والتلفزيونات المرخصة منذ تحرير الفضاء السمعي البصري عام 2011، قريبة جدا من انتهاء الوقت المحدد لرخصتها، خمس سنوات من العمل عجز بعضها عن الاستمرار ومواكبة الركب لأسباب نعلمها وأخرى قد لا نعلمها ،فيما تحارب الأخريات من أجل البقاء.
بقاء بات مرهونا بتجديد هذه المؤسسات لرخصة العمل إن استطاعت إلى ذلك سبيلا ،فديونها ثقيلة ومتراكمة ودخلها ليس بالكثير، ربما لا يغطي رواتب العمال -الهزيلة جدا- فما بالك بالماء والكهرباء وشركة البث؟ خاصة أن بعض المؤسسات الإعلامية الخاصة لديها بطاقة صفراء إذ تم توقيف بثها سابقا لعجزها عن دفع بعض ديونها. الدولة رفعت يدها عن هذه المؤسسات وأوقفت صندوق دعم الصحافة الخاصة، بعدما كان يساعدها قليلا عن فك الحصار عليها من خلال تسديد بعض الديون وترتكها تقف لوحدها وكأني بلسان حال النظام يقول لن ندعم تلك المحطات فمن استطاع أن يواصل فاليفعل ذلك لوحده وبمجهوده الخاص، ومن لم يستطع فاليغلق أبواب مؤسسته ويستريح. رجال الأعمال الذين يملكون هذه المؤسسات ليسوا على استعداد للاستثمار فيها، فهذه المؤسسات وليدة وتحتاج ضخا للأموال يجعلها تقف على رجليها في المستقبل، إلا أن رأس المال جبان ،ورجل الأعمال الموريتاني لا يفهم في الاستثمار على المدى البعيد، الربح عنده إما أن يكون عاجلا أو لا يكون.
لم يدخر مديرو هذه المؤسسات أي جهد في وضع مطالبهم وما قد يخرجهم من عنق الزجاجة أثناء الأيام التشاورية لإصلاح الصحافة التي نظمت مؤخرا في فندق الأجنحة الملكية وبرعاية رسمية، وتعهد رسمي بتنفيذ مخرجاتها في القريب العاجل. المشارك في ورشة "السمعيات البصرية "يدرك ذلك جليا وهو أمر متوقع من أناس يهدد شبح الإغلاق مصادر رزقهم.
خمس سنوات من العمل ،لم تلتزم خلالها هذه المؤسسات بالبنود التي وقعت عليها من البداية، فلا حصة اللغات المحلية تم احترامها ولا عقود العمل تم توقيعها مع العمال ولا ولا ولا ولا ... من حسنات هذه المؤسسات القليلة أنها أنتجت جيلا يضم مواهب شابة ما كنت ستكتشف لولا هذه التجربة، ومن شأنها أن تقود الإعلام الوطني في المستقبل إذا ما تغير هذا الواقع وتم الترخيص لمؤسسات إعلامية تحترم المجال وتقوم على المعايير المتعارف عليها وتطبق جميع المواثيق. لا نأمل أن تندثر هذه المؤسسات، بقدرما نريد أن يعاد تأسيسها من جديد بنفس جديد ورؤية جديدة، تصون حق العامل وذوق المستمع والمشاهد وتعمل بحيادية ومهنية، وتبتعد عن استغلال الطاقات وعدم احترام المتلقي.
السالك عبد الله
* صحفي