"تجكجة "حاضرة "تكانت" المدينة الرمز، والمعلمة التاريخية والأرض التي سطرت على أديمها الطاهر صفحات مشرقة من تاريخ وطن مجيد وأرض مخضبة بدماء وشهداء أمة موريتانية تسابقوا من كل أرجاء الوطن ليدافعوا عن الأرض والعرض و ليحجزوا مكانة في ذاكرة ووجدان كل مواطن شريف ومخلص لهذا البلد يقدر قيمة ومعنى الشهادة والتضحية في سبيل حرية وعزة الأوطان وكرامة وحرية شعوبها..مثلما حجزوا لهم مكانة في دار جناة خلد عرضها السموات والأرض..
تجكجة ميدان المعركة التاريخية المشهورة والمدونة في سجل في تاريخ مقاومة الموريتانيين للمستعمر الفرنسي وعاصمة ولاية تتناثر على تضاريسها الجميلة مواقع معارك وبطولات المقاومة الخالدة، تجكجة بهذه الخصوصية والرمزية التاريخية تربط تاريخها المشرف بحاضرها المجيد ـ في واحدة من محاسن الصدف النادرة ـ عندما تستقبل على أبواب ذكرى الثامن والعشرين نوفمبر الرئيس محمد ولد عبد العزيز الذي أعاد للمقاومة رمزيتها ورد لها الاعتبار من خلال الاحتفاء ببطولات المقاومين والمجاهدين وتكريم أحفاد وأبناء المقاومين الذين بذلوا دمائهم رخيصة في سبيل الدفاع عن الوطن ضد المستعمر الفرنسي الغاشم الذي نال جزائه على يد أولئك المقاومين الأبطال بشهادة مؤرخيه وكتبته (والحق ما شهد به الأعداء)..
إنه إنجاز تاريخي وسيبقى كذلك ـ ما بقي للمقاومين والمجاهدين من ذكر وعرفان بالجميل على هذه الأرض ـ هو ذلك الاحتفاء بالمقاومة وبرموزها من طرف فخامة رئيس الجمهورية من خلال أفعال ملموسة على أرض الواقع بربط رموزها وشخوصها بواقع الحياة اليومية المعاشة من خلال إعادة الاعتبار للمقاومة في الإعلام والرأي العام ودعم الهيئات ذات الصلة بتمجيدها وإطلاق منشئات عملاقة وشوارع بتسميات لها صلة بالمقاومة ليبقى لها حضور شبه دائم في الذاكرة الجمعوية للأجيال.
كل شيء في هذه المدينة يذكر بالمقاومة والتضحية، قلاع حصينة وأمكنة احتضنت وآوت المقاومين وكانت شاهد صامدا إلى اليوم يحكي على ضراوة معارك الكر والفر ضد المستعمر، وعن شجاعة مقاومينا وأضرحة متعدد تحتضن جثامين شهداء سقطوا في ساحات الشرف دفاعا عن الأوطان، مثلما تتناثر في بعض المناطق التابعة إداريا للمدينة النصب التذكارية لقتلى المستعمر من ضباط وقادة جنود لتكون شاهدة على مدى استبسال مقاومينا ونجاح خططهم القتالية رغم فارق العدة والعتاد مع جيش المستعمر..
كل شيء في تجكجة يذكر بعراقة المكان وقدرة الإنسان الموريتاني على تطويع التضاريس القاسية لخدمة الحياة الكريمة التي تجسد قدرة هذا الإنسان على التكيف مع متخلف الظروف لينحت من هذه الجبال بيوتا وكهوفا ويشيد من أحجارها مباني فريدة بلمسة جمالية تستحق معها هذه المدينة اعتبارها إحدى أهم مدننا التاريخية التي كانت مراكز إشعاعي علمي ومعرفي في شبه المنقطة وقلعة من قلاع المقاومة ضد المستعمر.
كل شيء في هذه المدينة يتلكم بلغة الزمن الجميل والتاريخ المجيد الذي يكسب الإنسان والحياة في هذه الأرض خصوصية تميزها عن غيرها من بقية مناطق الوطن الحبيب.
الطالب ولد إبراهيم
"الشعب" ـ العدد 11084ـ بتاريخ 14ـ 11ـ 2016