حمنة محمد أحمد
مرت سنين و سنين ثم تلتها عقود و مر رده من الزمن لكن نفس السياسة البئيسة المنتهجة في الصحراء من تفقير و تجويع للساكنة الأصلية هي الأصل و تنمية المنطقة و أهلها لازال هو الاستثناء، فهل المشكل في قلة الموارد المخصصة لتنميتها أم لسوء تدبيرها من طرف الجهات الوصية على ذلك، فقد سمعنا مرارا و تكرارا من غرباء يقطنون بمدن أخرى لم يعاينوا ما يحدث هنا من مشاكل يندى لها الجبين و يقولون من دون حياء أو استحياء على أن أهل الصحراء كلهم أو جلهم يعيشون في جنة و نعيم و حياة رغد من دون مشاكل ولا عناء في الحياة و أنها جنة الله على أرضه. و يقولون بصريح العبارة على أننا نأخذ كل شهر معونات من طرف الدولة من سكر و زيت و جبن و لحم و خضر و فواكه و حليب مجفف و خرفان للعيد وحتى حفاظات الأطفال الصغار و أنه تتم زيادة في الراتب الشهري عند كل مولود جديد و ذلك لتشجيع زيادة نسبة الساكنة في الصحراء و عدم أداء فاتورة الماء و الكهرباء و ……. فاللائحة طويلة جدا جدا بحيث أنه لا تكاد تنتهي بل قد يتطلب الأمر أيام لحصر هاته اللائحة. و لا يعلمون أن كل هذا يقدم لأقربائهم من ساكنة لدور الصفيح الذين قدموا من هناك.
فمن هنا أقول لكم: ألا تعلمون أم أنكم تتجاهلون ما يحدث هنا؟ أم أنكم تحبون أن ترو ما تريدون و تتغاضون عن ما لا تشاءون مثل النعامة التي تعتبر أغبى حيوان في العالم و ذلك عند خوفها الشديد تقوم بإخفاء رأسها في حفرة تحت الأرض و تظن أن الصياد لا يراها في تلك اللحظة. فانطلاقا من هنا أدعو كل أولئك الأشخاص المغيبون عن ما يحدث هنا بالقيام بزيارة ميدانية لكي يرو بأم عينهم بالأحرى ما يحدث هنا، بالإضافة إلى ذلك سأضمن لكم على أنه لن تجدوا في جميع المدن بالصحراء ما كنتم تتخيلونه في مخيلتكم الواسعة و المليئة بالأحكام المسبقة، و إذا ذهبتم من أجل غرض إداري فإنكم لن تجدوا إلا أقلية من أبناء المنطقة في الإدارات و ذلك عن طريق الإقصاء الممنهج و المتمثل في أن مباريات التوظيف التي تقام فقط و حصرا في مدنكم الجميلة، و عند تجوالكم ستجدون بحر من الدماء في الشوارع العامة ليس بسبب زلزال أو حرب أهلية إنما بسبب حرب ضروس دارة رحاها بين معطلين من حملة الشواهد العليا في جميع التخصصات سواء منها الأدبية أو العلمية مع الشرطة بجميع ألوانها و في جميع المدن و بشكل يومي.
فبالإضافة إلى سوء البنية التحتية المتدنية في حال وفقتم للوصول إلى تلك المدينة المفخمة في الإعلام التي تدعى مدينة الداخلة، لأن الطريق المؤدية إليها تعتبر من أكثر الطرق المسببة لحوادث السير و ذلك لضيقها الشديد و رداءة تعبيدها. كما أضمن لكم أيضا على أنكم إذا أتيتم ستبهرون لما هو مروج له في الإعلام مع الواقع المرير الذي تعاني منه شريحة كبيرة من الساكنة تتمركز جلها في فئة الشباب. كما أضمن لكم على أنه في أي لحظة يمكن أن ينقطع الماء و الكهرباء بدون سابق إنذار و قد يدوم الانقطاع لساعات طويلة و في حالة تم إتلاف الآلات الكهربائية بسبب الانقطاع لن يكون هناك أي تعويض.
فالإشكال الكبير الذي حير كل المتتبعين للشأن المحلي بالصحراء هو ما الفرق بيننا و بين أولائك الأشخاص الذي أتوا من مدن أخرى و استقروا في البداية في دور صفيحة هامشية يطلق عليها # المخيم# مختصة في إنتاج جميع أنواع المجرمين. فبعد مدة قصيرة سارعت الدولة لبناء عدة منازل جديدة لهم و تزويدهم بالماء و الكهرباء، بالإضافة إلى إعطائهم جميع أنواع المعونات الغذائية و إعطائهم خرفان كبيرة كل عيد، بالإضافة إلى كل ما لذ و طاب من لحم و خضر و فواكه و سكر و زيت و ……. شهريا.
فإلى متى سيستمر الوضع على ما هو عليه أم أن بوادر تغييره أصبحت قاب قوسين أو أدنى تحت ظل الضغوط الدولية، فالأيام القادمة كفيلة بإظهار ما ستؤول إليه الأوضاع في المنطقة لان حالة الاحتقان و عدم الرضي أصبحت هي السائدة في المنطقة من طرف جميع الفئات الاجتماعية و هنا أخص بالذكر فئة المعطلين عن العمل الذي أصبح عددهم يزداد كل يوم و تزداد مع ذلك معاناتهم. فلقد بلغ السيل الزبى، و لم يعد هناك أي استطاعة للصبر على هاته الأوضاع المزرية.