قال تقرير نشرته صحيفة "لوبوان" الفرنسية، إن ما جرى مؤخرًا في مصر من براءة الرئيس المخلوع حسني مبارك، يعني دفن ثورات الربيع العربي. ووجهت الصحيفة سؤالا تعليقا على تبرئة مبارك من قتل المتظاهرين بعد مرور أكثر من ست سنوات على الثورة التي أطاحت بنظامه ،قائلة: "تعود النسخة العربية من الديمقراطية إلى نقطة الصفر، فهل تكون هذه النهاية أم البداية؟ أم مجرد ثأر للتاريخ؟".
وقالت "لوبوان" فى تقرير لها ، أغلق القضاء المصري ملف الثورة، التي أطاحت بحسني مبارك ونظامه ا?مني ذا الخمس نجوم، مشيرة إلى أن أمل الحرية الذي ولد في تونس قبل ست سنوات دفن في أرض الفراعنة.
وأضافت "وبخمس كلمات أغلق القضاء تابوت الربيع العربي في مصر: المحكمة تعلن أن المتهم بريء". وأوضحت "لوبوان" أن محكمة النقض برأت مبارك من تهمة قتل نحو 800 من المتظاهرين في فبراير 2011، عندما حاول جهاز الأمن وقف رياح الحرية بوابل من الرصاص والهراوات والتعذيب، عقب الحكم عليه في البداية بالسجن مدى الحياة.
وأشارت إلى أنه عقب الثورة، الانتخابات التشريعية التي فاز فيها "ا?خوان المسلمون" بـ 44.6? من الأصوات، أوصلتهم إلى السلطة، وأصبح محمد مرسي ففي 24 يونيو 2012، رئيسا للجمهورية بـ51.3? من الأصوات.
وبينت أنه في 3 يوليو عام 2013، عقب مظاهرات واسعة، أطاح وزير الدفاع حين اذن عبد الفتاح السيسي، بمرسي الذي أُدخل السجن وحكم عليه بالإعدام كما حكم على العديد من نشطاء ثورة يناير بالسجن .
وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أنه في المقابل أدان القضاء التونسي الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، المقيم في جدة بفضل الدعم السعودي، في أكثر من قضية من بينها السجن المؤبد في قضية قمع المتظاهرين أثناء الثورة، كما حكم بالسجن على ثلاثة وزراء من نظام بن علي.
"مات شبابنا حتى تتمكنوا من تنفس نسيم الديمقراطية"، تنقل الصحيفة عن إحدى الأمهات التي حضرت جلسة الاستماع العلنية الأولى لـ"هيئة الحقيقة والكرامة" في 18 نوفمبر الماضي.
و"هيئة الحقيقة والكرامة"، هي هيئة حكومية تونسية مستقلة، مهمتها الإشراف على مسار العدالة الانتقالية بعد الثورة، وكشف الحقيقة عن مختلف الانتهاكات ومساءلة ومحاسبة المسئولين عنها وجبر الضرر ورد الاعتبار للضحايا لتحقيق المصالحة الوطنية.
ولفتت "لوبوان" إلى أنه رغم كل الصعوبات التي وضعت في طريق العدالة الانتقالية، يتقدم الوضع في تونس بخطى ثابتة.
وقالت عندما سُئل السيسي خلال لقائه مع الشباب، حول تقييمه لنتائج الربيع العربي بعد ست سنوات، قال للحاضرين "من سأل هذا السؤال؟" ا?مر تسبب في صمت ممزوج بالخوف، أعقبه ضحكة ساخرة من الرئيس.
وأضافت هذا يثير مسألة التغيير السياسي في العالم العربي، هل هناك خيار ثالث غير السيسي ومرسي في مصر، وبين الجبهة الإسلامية للإنقاذ وجبهة التحرير الوطني بتونس؟.
ورأت " لوبوان" أن فشل البلدان العربية في إقامة أنظمة ديمقراطية، يعود لانتقالها من الاستعمار إلى أنظمة ديكتاتورية سعت لفصل الدين عن الدولة، واتباع نهج لا يخدم سوى مصالحها الشخصية.
قالت إن فشل الأنظمة الحاكمة، يعود بالأساس إلى إنشائها أنظمة بوليسية وفاسدة، تخلق فرصا للحركات المتشددة للاستفادة من هذه الفجوة بين الدولة والشعب.
وتساءلت الصحيفة مجددا، بين الانظمة الفاسدة والمستبدة و"أيات الله" الطامعين في تطبيق الشريعة، ما هو الحل؟ وهل يجب علينا الاستسلام أمام ديمقراطية تونس الوحيدة؟ أوالبقاء في بيئة عدائية؟ يهددها داعش أو القاعدة؟ أو محاولة جزء من النظام القديم بوسائل ملتوية الانتقام من سقوطه؟ .
وأكدت أن النموذج التونسي قد يكون ا?فضل على الساحة الساحة العربية، خاصة أن البلاد ستشهد انتخابات محلية حاسمة في شهر نوفمبر المقبل، تشكل منعطفا سياسيا هاما في مسار الديمقراطية في البلاد.
ورات انه من شأن هذه الانتخابات إثبات أن تونس قادرة على الخروج من هذه المعادلة البائسة "الاستبداد العسكري أو الديني" التي تحكم الوطن العربي، فالجنازة التي أقيمت للثورة المصرية لا تعني نهاية القصة.