وهو رجل عجيب من أهل نواذيب، عُرفَ بالاستقالة في البيوع. وقد باع جاراً له عنزا، ثم علم فيما بعد أنها وضعت فأتأمتْ (وضعت اثنين)، وكان عهده بها أنها إذا وضعتْ أوحدتْ، فانطلق إلى جاره يستقيله وجعل يلاطفه ويقول: "اتقِ الله وأقِـلْني في البيع، فإني أعرَفُ منك بما يصلح للعنز وأدرى بشؤونها، وإنك تخلط العلف بالرعي واللحم بالحَب"، فأبى الرجل، فقال المامي: "أ وَ ترضى أن يعيش هذان الجديان يتيميْن وأبوهما عندي، إنما لبُّ الإنصاف أن يرجعا إلى أبيهما، ليكتسبا من علمه، ويستعينا بحلْمه، ويقوم على تأديبهما حتى تقوى منهما الأظفار وتطول القرون". فضحك الرجل وأقاله.
وجاءه مرة جارٌ له إسبانيٌ يريد تيسا (عتروس)، فباعه تيسا ضعيفا، ثم انقضت أيام فرأى التيس بعد ذلك قد امتدت عظامه ونبت لحمه وطالتْ لحيته وحسُنَ خلْقُه، فانطلق إلى الإسباني ومعه شرطي، وجعل يستقيله في البيع فأبى الإسباني، فقال المامي: "أيها الشرطي، معيزي أحق بالتيس من الإسباني، فإنه إن بقي معه زالتْ قوته وانتهى صلبه، فإذا رجع معي لقحتْ منه أعنزي وكثر نسلهن وذلك يزيد الدولة في إتاوات البلدية"، فأبى الإسباني أن يرد التيس، فقال المامي" : "سيدي الشرطي والله لا أخرج إلا راجعا بتيسي، فإني أخشى أن يعتنق المسيحية ويحلق لحيته". عشتم طويلا.
---------------
من صفحة الأستاذ محمد لغظف ولد أحمد على الفيس بوك