(د ب أ)- كان مستحضر “إيجياو” يستخدم كدواء مخصص للأسرة الملكية في الصين. ويعتقد أن الحبوب باهظة الثمن أو الدواء المصنوع من مادة الجيلاتين الموجودة في جلود الحمير، مثيرة للشهوة الجنسية، كما تستخدم لمنع ظهور أعراض الشيخوخة وعلاج الأرق.
ومع زيادة الطبقة الوسطى في الصين، وزيادة الدخل والتسوق عبر الإنترنت، ارتفع الطلب على “إيجياو” بشكل كبير.
ويتم سنويا تداول ما لا يقل عن 8ر1 مليون من جلود الحمير، ولكن من الممكن أن يصل الطلب في الصين سنويا إلى 10 ملايين من جلود الحمير، وفقا للمنظمة الدولية للرفق بالحيوان ، “دونكي سانكتشري” (أي ملاذ الحمير).
ولكن من أين تأتي كل هذه الحمير؟
مع انخفاض أعداد الحمير في الصين إلى النصف تقريبا، أي حوالى 6 ملايين، على مدار السنوات الـ25 الماضية، وجهت الصين أعينها إلى أفريقيا، التي تضم نحو ربع أعداد الحمير حول العالم، أي حوالي 11 مليون حمار، وفقا لمنظمة الاغذية والزراعة التابعة للامم المتحدة (الفاو).
وأقامت الشركات الصينية مسالخ في أنحاء أفريقيا، حيث يتم إعدام آلاف الحمير يوميا.
وتأمل الكثير من الدول الافريقية في تعزيز اقتصاداتها المتعثرة من خلال هذه التجارة. ويصل ثمن بيع كيلوجرام واحد من الـ”إيجياو”، إلى 375 دولار، بحسب ما قاله مايك بيكر، المدير التنفيذي لمنظمة “دونكي سانكتشري”.
وعلى سبيل المثال، افتتحت دولة كينيا، الواقعة في شرق أفريقيا، العام الماضي مسلخين شمال غرب العاصمة، نيروبي، حيث يتم إعدام أكثر من 200 حيوان يوميا، وفقا لوسائل الاعلام المحلية.
من ناحية أخرى، ترغب جنوب أفريقيا أيضا في تصدير جلود الحمير إلى الصين، أملا في خلق مصدر جديد للدخل للمزارعين في إقليمها الشمالي الغربي الفقير، بحسب ما قاله باتريك ليتيان، مدير عام إدارة الزراعة بالاقليم لموقع “نيوز 24″ الاخباري المحلي.
وبالاضافة إلى ذلك، يتم إعدام الحمير بصورة غير قانونية في كثير من الدول، لتلبية الطلب المتزايد من جانب الصين، ومن بين تلك الدول، جنوب أفريقيا ومصر وتنزانيا، وفقا لمنظمة “دونكي سانكتشري”.
من جانبه، يقول المجلس الوطني الجنوب إفريقي لجمعيات حماية الحيوان، في بيان له: “يتم تجميع الحمير وسرقتها، ثم نقلها وذبحها بطريقة وحشية من أجل (الحصول على) جلودها”، واصفا هذا النوع من التجارة بالـ”مروعة”.
ويحذر نشطاء الدفاع عن الحيوان من أن ارتفاع الطلب على الجلود سوف يؤدي إلى هلاك القسم الأكبر من الحمير. وكانت محاولات تربية الحمير غير ناجحة إلى حد كبير، بسبب معدلات الخصوبة المنخفضة بينها.
في الوقت نفسه، ارتفعت أسعار الحمير بصورة كبيرة بسبب تزايد الطلب عليها، مما يهدد سبل العيش في المجتمعات الفقيرة التي تعتمد على الحيوانات لمساعدتها في أعمال الزراعة الثقيلة.
ويحذر بيكر من أن “الطلب الحالي على الجلود، لا يتوقف”.
وقد استجابت خمس حكومات أفريقية للتحذير وحظرت تصدير جلود الحمير، لحماية سبل العيش في الريف، وهي: السنغال ومالي وبوركينا فاسو والنيجر، ومؤخرا إثيوبيا.
ومن جانبها، أصدرت النيجر الحظر في أيلول/سبتمبر الماضي، بعد أن أظهرت الإحصاءات الحكومية بيع 80 ألف حيوان خلال الاشهر التسعة الأولى من عام 2016، مقارنة بعدد 27 ألفا في عام .2015 وكانت بوركينا فاسو اتخذت نفس الخطوة قبل ذلك بشهر، بعد ذبح 45 ألف حمار خلال ستة أشهر فقط، من أصل 4ر1 مليون.
من جانبه، قال وزير الموارد الحيوانية، سومانوجو كوتو: “في حال استمر الوضع كذلك، فلن تتبق حمير في بوركينا فاسو بحلول عام 2020″،وذلك في معرض تفسيره لقرار حظر التصدير.
وكانت آخر دولة تهتم بحماية الحيوان على حساب ماتجنيه من الأرباح، هي إثيوبيا، التي لديها ما يقرب من 8 ملايين من الحمير، وهو أكبر عدد من الحمير حول العالم، وفقا لمنظمة الفاو.
من ناحية أخرى، تلقت مؤخرا مجموعة شاندونج دونج-إي، وهي أكبر منتج صيني لمستحضر “ايجياو”، أوامر بوقف العمليات في مسلخها في بيشوفتو، وهي بلدة صغيرة تقع على بعد 40 كيلومترا جنوب العاصمة الاثيوبية، أديس أبابا.
وقال مدير عام المجموعة، أكليلو تيفيرا لوكالة الانباء الالمانية (د.ب.أ)، إنه يتم يوميا ذبح ما لا يقل عن 100 حمار هناك، ويتم شحن الجلود إلى الصين، بينما يتم تصدير اللحوم إلى فيتنام.
ورحب سكان بيشوفتو، الذين أطلقوا حملة على موقعي التواصل الاجتماعي “فيسبوك” و”تويتر” ضد شاندونج دونج-إي، بالحظر. وتقول واحدة من بين السكان، وتدعى، أدوجنا سيدا 53/ عاما:/ “لم يكن أحد يرغب في وجود هذا المسلخ هنا”، مضيفة أن ذبح الحمير “ضد ثقافتنا”. وفي إثيوبيا ومعظم الدول الأفريقية الأخرى، يعتبر تناول لحم الحمير من المحرمات الثقافية.
وقد أصيبت مجموعة “شاندونج دونج-إي”، التي استثمرت 5 ملايين يورو (4ر5 مليون دولار) عندما افتتحت المسلخ منذ عامين، بحسب تيفيرا، بحالة من الغضب.
وتعين على المجموعة تأجيل خطط افتتاح مسلخ ثان، ومنشأة لتربية الحمير ومصنع لإنتاج الـ”إيجياو”.
وقال تيفيرا لوكالة الانباء الالمانية(د.ب.أ): “سننظر في إمكانية استصدار حكم من المحكمة”.