في الدول التي تحكمها أنظمة انقلابية ودكتاتورية يجري عادة استغلال القوات المسلحة للسيطرة على الحكم، فتُقحم تلك القوات في الحياة المدنية للشعب. فتراها مثلا تملك الثكنات العسكرية في قلب المدن، وترى الجنود المدججين بالسلاح ومركباتهم في شوارع تلك المدن. وحتى أيضا أن تلك القوات المسلحة تملك مصانع تجارية تنتج فيها وتبيع، بعضهم وصل حتى لإنتاج المعكرونة والملابس الداخلية. وترى أيضا إقحام القوات العسكرية في أعمال مدنية بحتة كبناء العقارات والفنادق والطرق، حتى أن بعضهم وصل لجمع القمامة من الشوارع.
أما في الدول الناجحة والتي أنظمتها مدنية منتخبة ديمقراطيا من شعوبها فهناك إبعاد تام لكل المظاهر العسكرية من حياة الناس المدنية. فحفظ الأمن في المدن تتولاة شرطة مدنية بآليات كافية ومنتسبين مدربين جيدا. والإنتاج وتشييد البنى التحتية تتولاه شركات مدنية من أبناء الشعب. وحتى تصنيع الأسلحة تتولاه شركات مدنية. أما القوت المسلحة فدورها منحصر في تأمين الحدود ورصد أي عدو خارجي. ولا تظهر في الحياة المدنية عادة إلا أثناء الكوارث الطبيعية النادرة وباستدعاء من قبل الحكومة المدنية. وعادة يعمل جنود القوات المسلحة في تلك الظروف تحت إمرة الشرطة أو أجهزة الإنقاذ المدني. ويكون الجنود وقتها غير مسلحين او بأسلحة خفيفة جدا كالشرطة.
الهدف من هذا واضح وهو أن القوات المسلحة إذا تدخلت في الحياة المدنية سيطرت عليها سريعا لأنها ببساطة هي صاحبة القوة الوحيدة في الدولة. لذلك تعمد الشعوب الواعية إلى إبعادها تماما عن الحياة المدنية دستوريا وبسن القوانين اللازمة.
والمؤسف حقا أنك اليوم ترى من أبناء تلك الدول التي يحكمها الانقلابيون والأنظمة العسكرية أو الدكتاتورية، ترى من لا يستوعب هذا، وتراه يبارك تدخل القوات المسلحة في حياته المدنية بمختلف جوانبها. ولو أنه فكر قليلا لرأى بأن ما تقوم به القوات المسلحة هو حق أصيل للشعب ويجب أن يكون أبناؤه العاطلون أو على الأصح المعطلون عن العمل، هم من يقومون به. أما القوات المسلحة فدورها حماية حدود الدولة ورد أعداءها الخارجيين. ووجودها داخل المدن وفي حياة الناس هو إرهاب للشعب وهيمنة على الدولة ومقدراتها.
#مدونون_مع_الشعب
#موريتانيا_أولا
----------------
من صفحة الأستاذ مصطفى أعبيد الرحمن على الفيس بوك