بداية النهاية لحروب الوكالة في البادية السورية | 28 نوفمبر

بداية النهاية لحروب الوكالة في البادية السورية

ثلاثاء, 06/20/2017 - 00:05

تختلط الجهات التي تخوض معارك ضارية في البادية السورية، منذ اوائل حزيران الجاري في الرقة ، حيث معقل داعش ، ودير الزور والمعابر الرئيسة بين العراق وسوريا ، قاسمها المشترك المعلن من قبل كافة الجهات القضاء او طرد داعش من مناطق سيطرتها ، يشترك في ذلك القوى الفاعلة ممثلة بالجيش السوري ، وحلفائه القادمين  من الغرب عبر محور شرق حلب شمالا وتدمر جنوبا ، والحرس الثوري الإيراني والحشد الشعبي العراقي من الشرق ، فيما تقاتل قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من قبل الولايات المتحدة داعش  في الرقة ومحيطها ، اضافة لتشكيلات أخرى ابرزها فصائل تتبع للجيش الحر وقوات من العشائر في البادية السورية،وتعزز أمريكا وحلفاؤها تواجدها في قاعدة عسكرية ضخمة بمنطقة التنف على الحدود بين سوريا والاردن والعراق ، تم تزويدها مؤخرا براجمات صواريخ نوعية (هيمارس)، من المؤكد ان اهدافها لن تكون فلول داعش فقط .

 

  ورغم ان الهدف النهائي  للمعارك في تلك البادية القضاء على داعش، كما تعلن كافة الاطراف ، الا ان الحرس الثوري مدعوما بحزب الله والحشد الشعبي والجيش السوري يعمل على تحقيق الهدف الاستراتيجي  بتامين طريق طهران بغداد دمشق الضاحية الجنوبية، علاوة على أهداف أخرى، تضمن سوريا القادمة حليفا استراتيجيا لايران  ،فيما تعمل امريكا وحلفاؤها على الحيلولة دون ذلك، اضافة لأهداف اخرى، مرتبطة بشكل ومضمون سوريا القادمة،

بما يحفظ مصالحها ومصالح حلفائها، بان لا تبقى سوريا مصدر تهديد في الاقليم، واخراجها من اطار التحالف مع إيران.

 

منذ ايام تشهد البادية السورية تصعيدا في حجم ونوعية المعارك، تمهد لشكل الخارطة السياسية والعسكرية في المنطقة لما بعد داعش، وربما لاول مرة منذ انطلاق الثورة السورية قبل ست سنوات ،تقترب فيها قوات  الحرس الثوري الإيراني من قوات “الشيطان الاكبر” كما هي اليوم.

 

ورغم عدم وقوع قتال مباشر بين الايرانيين وحلفائهم مع الامريكان حتى الان ، رغم ان قاسم سليماني وقواته بمحيط ٥٠ كم فقط حول قاعدة التنف ، الا معركة العض على الاصابع بين الجانبين ترجح، ان حروب الوكلاء بين الجانبين لن تستمر الى مالا نهاية.

  وان احتمالات الصدام بين قوات امريكية واخرى امريكية لم تعد موضع شكوك، وستكون مرتبطة بنتائج المعارك على الارض ومدى اقتراب ايران من تحقيق هدفها الاستراتيجي البعيد .ومدى تهديدها لحلفاء امريكا ، وخاصة اسرائيل والاردن وربما السعودية، مالم تبرز وقائع جديدة تغير الاسترايجيات والأهداف.

 

وقد جاء اطلاق الحرس الثوري قبل ايام صواريخ من اراض ايرانية من محافظات غرب ايران(كردستان وكرمنشاه)ضد اهداف داعش في  محيط ديرالزور، وبمسافة ٦٥٠ كم ، ليرسل رسالة واضحة لكافة الاطراف بانها لاعب فاعل في الملف السوري وخياراتها واسعة، وانها قوة اقليمية شانها شان امريكا وروسيا التي تطلق صواريخ بعيدة المدى من قواعدها وبوارجها، وان حصتها ما بعد داعش لابد ان تكون مضمونة ، وانها ليست بحاجة لحلفاء للوصول الى اهدافها بضرب إسرائيل او الاردن او حتى السعودية ، وان لديها منظومة صواريخ متنوعة المديات سيكون لها دورها في اية مواجهة قادمة مع اي طرف .فيما قصفت تركيا قوات سوريا الديمقراطية الحليف الابرز لامريكا  في محيط الرقة ، التي تقاتل داعش ،لإضعاف الاكراد والحيلولة دون تسجيل اي طرف كردي نجاحات ، تسهم في التاسيس لكيان كردي، الذي يشكل دفنه في مهده  جوهر الاستراتيجية التركية،فيما تسقط امريكا طائرة حربية سورية  بالمنطقة كانت تستهدف قوات سوريا الديمقراطية.

 

تطورات متسارعة، وربما خلال اسابيع سيتم دحر داعش،من مناطق شرق سوريا ،وربما بالموصل في العراق ايضا ،ومع غياب داعش عن المشهد، لن يعود هناك عدو، يشكل قاسما مشتركا يلتقي عنده الأعداء  ، فهل سنتابع فصول صفقات وتفاهمات،وهل سيجبر قاسم سليماني الامريكان على الجلوس معه في الصحراء  ، بصورة متناقضة تماما مع صورة سلطان هاشم وزير الدفاع العراقي في عهد صدام حسين حينما اجتمع مع قائد القوات الامريكية في خيمة صفوان على الحدود مع الكويت عام ١٩٩١، وان تم ذلك هل يشمل الترتيبات لعراق مابعد داعش؟ ام ستتجه الامور لحرب شاملة ،ستكون فيها مواقف أطراف عدة على المحك ، في مقدمتها روسيا  وتركيا  ؟ وفي كلا الحالين ، فان جبهة الشرق ومعها الجنوب السوري مختلفة عن جبهة الشمال، ومساحة المناورة فيها محدودة ، وهناك لاعبون محليون واقليمون ودوليون قدماء وجدد، يتشاركون في تقدير حجم الخطر الايراني الجديد في المنطقة ، وربما لن يسمحوا ان يكونوا تحت تهديد صواريخها ، وسيغادرون، مربعا اداروا فيه الصراع عبر وكلائهم مع وكلاء ايران، او بتدخلات جراحية محدودة كلما اقتضت الحاجة. فهل ستكون معارك البادية السورية بداية لفكفكة الملف السوري ام لحرب شاملة؟

كاتب اردني