رقص الكوريون الشماليون واطلقوا الألعاب النارية احتفالا بنجاح علمائهم ومؤسستهم العسكرية بإطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات ممكن ان يصل الى الاسكا وهاواي على حافة الحدود الامريكية، واعتبر المتحدثون في الاحتفال الرئيسي الذي أقيم بهذه المناسبة في العاصمة بيونغ يانغ انهم حققوا إنجازا تاريخيا هو الأكبر في تاريخ البلاد، ويستحقون منا التهنئة.
تجربة هذا الصاروخ الذي يبلغ مداه 8000 كيلومتر ويمكن تحميله برأس نووي، يشكل اكبر تحد للولايات المتحدة، ولرئيسها دونالد ترامب الذي تعهد بمنع انتاج مثل هذا النوع من الصواريخ في تهديد اطلقه في بداية هذا العام، وحرك سفنه الحربية للتوجه الى شواطيء شبه الجزيرة الكورية، ولكن هذه الاستعراضات الجوفاء لم تخف الرئيس الكوري مطلقا.
اللافت ان اطلاق هذا الصاروخ جرى يوم الرابع من تموز (يوليو)، أي يوم عيد الاستقلال الأمريكي، مما يؤكد ان هذا التاريخ اختير بعناية فائقة، لاستفزاز الإدارة الامريكية وافساد احتفالاتها، وكان لهم ما أرادوا.
الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ اون الذي بات اسمه يشكل كابوسا للولايات المتحدة، هدد بعد اطلاق هذا الصاروخ بأن تدمير كوريا الجنوبية حليفة واشنطن بات امرا سهلا للغاية “طالما اننا اصبحنا قادرين على تدمير أمريكا”.
فجاء رد رئيس كوريا الجنوبية مون جاي سريعا بعرض التفاوض للتوصل الى اتفاق سلام لمنع تطور الازمة الى مواجهة عسكرية تؤدي الى مقتل الملايين.
الرئيس ترامب، وبعد سماعه انباء اطلاق كوريا الشمالية لهذا الصاروخ، ارعد، وازبد، وهدد برد شديد اثناء زيارته لوارسو البولندية يوم امس الخميس، ولكن رئيس كوريا الشمالية لم يعبأ بهذه التهديدات وقال انه يستطيع تدمير كوريا الجنوبية والقواعد الامريكية فيها وفي اليابان، وفوق هذا وذاك القاعدة الامريكية في جزيرة غوام في المحيط الهادي، وهي الاضخم في جنوب شرق آسيا.
تهديدات ترامب فارغة لان خياراته محدودة جدا، وليس امامه غير الجلوس الى مائدة المفاوضات مع الزعيم الكوري الشمالي، وقال في احد التصريحات انه يحترم الزعيم كيم جونغ، ويمكن ان يحل جميع المشاكل بين البلدين على “وجبة هامبرغر” في البيت الأبيض، ولكننا نشك ان يقبل الزعيم الكوري هذا العرض ليس لانه لا يحب “الهامبرغر” وانما أيضا لانه لا يثق بالامريكان، ولا يمكن ان يفرط بالصواريخ الباليسيتة سلاح ردعه الأقوى في مواجهة التهديدات التي تتعرض لها بلاده.
الصواريخ الكورية الشمالية يمكن ان تصل الى حدود أمريكا الشرقية، وباتت على وشك الوصول الى نيويورك ولوس انجيليس، وستصل اليهما وغيرهما حتما، اذا راقبنا التطور المتسارع لتكنولوجيا انتاجها في كوريا الشمالية، والامر لا يتطلب الا إضافة مرحلة ثالثة من الدفع لها، والمسألة مسألة بضعة اشهر فقط.
كوريا الشمالية الدولة المحاصرة المجوعة استطاعت ان تحقق المعجزات، وتتصدى بقوة للغطرسة الامريكية، وتجدع انف ترامب ومؤسسته العسكرية، لانها تملك كرامة وطنية، وعزة نفس، وقيادة قوية صلبه لا تنحني امام التهديدات وتضع امن بلادها القومي فوق كل الاعتبارات.
شكرا لكوريا الشمالية، وشكرا لزعميها كيم جونغ اون، الذي قدم درسا في الصمود لكل شعوب دول العالم الثالث، واذل أمريكا العظمى، ومرمغ انف زعيمها المغرور ترامب في التراب النووي الكوري.
كوريا الشمالية لم ترفض فقط دفع “الجزية” لامريكا، بل باتت مصدر تهديد لها وكل اذنابها في منطقة جنوب شرق آسيا، ولا عزاء للقادة العرب الجبناء.
“راي اليوم”