هكذا عشت لقاء الرئيس والشباب "أنتم الأمل" |
الاثنين, 24 مارس 2014 00:47 |
كان حماسي لفكرة لقاء الشباب والرئيس لا يوصف وأملي فيه كبير، لأهمية الفكرة التي على أساسها دعي أبناء الوطن، وتعزز ذلك الأمل حين علمت أن نخبة من خيرة شباب وطني هي من اقترحت فكرته وتشرف على تنظيمه.. قلت حينها أنه ربما يكون الأنجح من بين كل النشاطات الشبابية في ظل أحكام العسكر.، لثقتي الكاملة في قدراتهم العلمية.، لكن في نفس الوقت كان ينتابني تخوف من طموح البعض ممن يبحثون عن مكاسب شخصية، على حساب أصحاب النوايا الحسنة، ممن استحسنوا الفكرة وقرروا المشاركة فيها، وذلك حين اطلعت من جهة أخرى على أن هناك روابط اجتماعية وأخرى غير بعيدة من ذلك تجمع بين المنظمين وأولئك الطامحين. توكلت على الله وشاركت في ثالث أيام الإشهار.. حاولت ان يكون المشروع الذي أتقدم به ، مشروع دولة يمثل طموح الشباب، ومأمن الضعاف، والمساواة بين فئات المجمتع، يجد فيه الشاب الموريتاني نفسه، يتجاوز من خلاله عقدة الفقر واللون واللسان. ووضعته تحت عنوان (إعادة التأسيس ) من مرحلة ما بعد الدستور.. تم اختيار المشروع او الفكرة.. وبدأت المغامرة الوحيدة في حياتي التي خضتها وأنا متردد بين التفائل والتشاؤم. بداية المغامرة: وصلتني رسالة على الايميل ليلة الاحد - الاثنين عند الساعة الواحدة و53 دقيقة، يبدوا منها أنها موحدة موجهة لكل من تم اختيارهم لورشة دولة القانون، تحمل خبر اختياري رسميا للمشاركة في "لقاء الشباب"، وبالتحديد في (ورشة دولة القانون والعدالة والإعلام وحقوق الإنسان والمجتمع المدني)،مصحوبة بإشعار بضرورة الحضور مساء الاثنين الساعة الخامسة إلى فندق "اطفيلة" للإطلاع على برنامج اللقاء. وصلت إلى الفندق في الوقت المحدد لتستقبلني سكرتيرة الشخصية (X) وتطلب مني الانتظار مع زملائي إلى حين إخلاء القاعة من المشاركين في إحدى الورشات، تجولت بين زملائي فلم أشاهد بينهم من لي به معرفة سابقة. قلت في نفسي الحمدلله.. هذه بداية مبشرة.. غاب شباب السياسة المعروفين بالتزلف والنفاق، والحامل منهم "افتراضا" لرسائل قد تعكر صفو اللقاء وتحيده على هدفه. بعد حوالي 40 دقيقة طلب منا دخول القاعة، وفي الطريق اليها التقيت بصديق لي ناشط في المجال الثقافي ، وشاب آخر سبق وان التقيته في العام 2008، حيث كان يراجع لي وزملائي مادة القانون الدستوري، ويدرس حاليا في المدرسة الوطنية للإدارة والقضاء والصحافة، ثم شاب آخر اعرفه عن طريق الفيسبوك ويدرس في نفس المدرسة كذلك. وبعد ذلك اكتشف ان زميلة لي ناشطة إعلامية ومدونة طموحة من بينهم ايضا،و صديق قديم موظف في (وولد فيزيون) ودكتور آخر اعرفه (رئيس منظمة حقوقية حديثة النشأة) من بين المشاركين معي في نفس الورشة. ازداد التفاؤل. داخل القاعة قدم لنا الدكتور "حرمة الله" البرنامج باللغة العربية، بينما قدمته الدكتورة "نجوى كتّاب" باللغة الفرنسية. وأثناء حديث الدكتور "حرمة الله" عن البرنامج قال لنا بالحرف الواحد( هناك فيلم سيعرض أمامكم مساء الخميس في حدود الساعة السابعة مدته 35 دقيقة عن رؤية الحكومة، أجبرتنا الرئاسة على عرضه).. انتهى حديثه. نحن لم نفهم الفيلم حول ماذا؟ واسترسال الدكتور في الحديث منعنا من الاستفسار عنه. بعد ذلك وقف أمامنا شاب يدعى الحسين، عرض على الشاشة شكلية طرحت فيها بعض الأسئلة باللغة الفرنسية حول التصورات التي عندنا لحل المشاكل التي تقف عائقا أمام تطور العناصر التي تتكون منها ورشتنا، ومطلوب منا الإجابة عليها في أسرع وقت ممكن لتكون جاهزة يوم اللقاء. "استنتجت بعد ذلك أن الهدف منها مساعدة اللجنة في كتابة الكتاب الذي سيسلم لرئيس الجمهورية، ليتضمن -على الأقل - بعض افكارهم." لكن اعتراض أحد الدكاترة الذي كان جالسا بجانبي ، على كتابتها باللغة الفرنسية، ذلك الاعتراض الذي كاد ان يتسبب في فوضى داخل القاعة، لولا هدوء ورزانة الدكتور حرمة الله، الذي سيطر على الوضع وطلب كتابة نسخة منها بالعربية وإرسالها للمشاركين. ذلك الطلب الذي لم تتم تلبيته حتى الساعة. انتفض الجمع وخرج الجميع إلى باحة الفندق، لتبدأ الأحاديث الجانبية، بقيت هناك لاكتشاف الجديد، فاستنتجت مما يجري أمامي أن أغلب المشاركين أصدقاء للشخصية (اكس) التي تدير اللقاء من وراء الكواليس. محطة قصر المؤتمرات: عند الساعة الرابعة من مساء الخميس وصلت إلى قصر المؤتمرات، كان الازدحام والإجراءات الأمنية المشددة يتسيدان المشهد، دخلت رفقة شاب أنيق رأيته قبل ان ندخل القصر يقود سيارة فاخرة، سلم علي وقدم لي نفسه بأنه هو من يدير مجموعة فيسبوكية، تحمل اسم ( كواس حامل شهادة). وانه لم يكن يظن بأن اللجنة ستقبل ملفه لدوام انتقاده للنظام، أثار استغرابي التناقض بين هيأته وصفته الاجتماعية، عاطل عن العمل يركب سيارة فارهة. ومن جهة أخرى عزز انطباعي عن اللجنة التي كنت شبه متأكد بأنها ستكون عادلة مع غير المتسيسين. واصلنا الحديث متوجهين إلى قاعة الاجتماع بالقصر، لتستقبلنا عناصر أخرى من الحرس الرئاسي، وتخضعنا لتفتيش مماثل للذي خضعنا له عند البوابة الرئيسية. تجولت في القاعة فاجئني وجود بعض الوجوه التي تجاوزت سن الشباب، مازحت أحدهم وهو - بالمناسبة طريف جدا وطيب- ويحمل روحا شبابية قلّ نظيرها،: (انا و انت تجاوزنا سن الشباب، فماذا نريد هنا؟) فرد عليّ ممازحا: اخفض صوتك، لو سمعوك لطردونا). وبعد ذلك التقيت بالعديد من الأسماء التي سبق وأخبرني بعضها بأنهم لم يتم اختيارهم، وأخرى قرأت منشورات لهم على الفيسبوك بأنهم تم إقصائهم، وآخرون تم اختيارهم بعد الفرز النهائي بأكثر من 48 ساعة. ( طبعا كل هؤلاء معروفين) هناك تيقنت أن السيناريو خرج من أيدي المنظمين وأن ضغوطا كبيرة مورست عليهم لإشراك هؤلاء. وبدأت فكرة المقاطعة تراودني، لكن بعد تفكير عميق قلت في نفسي علي أن لا أستبق الأحداث، وأن ابقى متمسكا بحسن النية اتجاهه ، حتى ينكشف لي أكثر، أو أجد الفرصة لإيصال رسالتي التي شاركت من أجلها. خمس ساعات من الدوران بين اكبر قاعة في القصر وباحاته، كانت كافية لأن تشعر بالملل لكنها كانت مهمة وغنية لتسمع طرح بعض الشباب في الأحاديث الجانبية، خصوصا ممن لم تقرأ لهم يوما او تسمع منهم. ففيها المفيد وفيها المقزز. عند الساعة الثامنة والنصف انطلقنا في 14 باصا 5 منهم من الحجم الكبير و9 من الحجم الصغير تابعة للدرك الوطني. وكنت في الباص الثالث، رفقة عدد من خيرة شباب الوطن وأكثرهم كفاءة فيهم المهندس والقاضي والطبيب وحامل الشهادة العاطل والموظف، أصحاب الطرح المتميز. وعند وصولنا إلى الطريق الذي يؤدي إلى الجامعة الجديدة، اعترضتنا سيارات من عناصر امن الطرق المعروفين شعبيا ب(اتريكت مسغارو) وأخرى من الأمن الرئاسي بأيديهم كلابا بوليسية أخضعت الباصات للتفتيش، ليسمحوا لنا بعد حوالي 25 دقيقة بالتوجه إلى مبنى الجامعة، التي كانت بمثابة ثكنة عسكرية لكثرة تواجد عناصر الأمن الرئاسي والشرطة الوطنية فيها. نزلنا من الباصات لتستقبلنا فتيات في عمر الزهور يعملن كمنظمين يوجهوننا إلى طاولات الأكل والشراب، التي أعدها فندق "اطفيله"، قمت بجولة في ساحات الكلية، وصلت دون أن أدري إلى السجاد الأحمر المخصص لمرور رئيس الجمهورية، استقبلتني هناك سيدة بعباءة سوداء ووجه بشوش بادرتني بالسلام والترحيب ، أكتشف بأنها المديرة العامة للتلفزيون الوطني. وشاهدت غير بعيد من ذلك أجهزة البث التلفزيوني عند بوابة حمامات الكلية، كان طاقم المديرة (المقربين منها) كله متواجد هناك يترأسه صحفي لا يظهر إلا في مثل هذه المناسبات، ومقدمين مشهورين في التلفزيون، ومقربين من السيدة المديرة وآخرون ممن اعرف وجوههم ولا أعرف أسمائهم.. وكانت السيدة المديرة حاضرة رفقة مسئول المعلوماتية في الرئاسة في كل تفاصيل اللقاء في تلك الليلة - ما يدخل منه في صلاحياتها وغيره مما كنا نظن بأنه يدخل ضمن صلاحيات لجنة التنظيم وحدها-، كوجودها داخل القاعة وإعطاء الأوامر للمنظمين. دخلنا القاعة وكان على كل طاولة رقم المشارك الذي يحمله في بطاقته، ومحفظة من ورق تحمل صورة الرئيس بداخلها برنامج اللقاء، أخذ كل منا مكانه، ليدخل الرئيس ويلوح بيديه تحية للجميع. بدأت فعاليات اللقاء بآيات من الذكر الحكيم قرأها أحد المشاركين، ليتحدث الرئيس بعدها محاولا تلخيص كلمة مكتوبة جاء بها في محفظة سوداء، لكن مضمون الكلمة وأسلوبه في تقديمها لا يحفزان للتصفيق لها، -من وجهة نظري- ولم اسمع ما يجعلني أقوم بدور لا أتقنه، وهو ما دفعت ثمنه لاحقا أنا وغالبية النخبة الذين يتكون منهم صفي. حيث لم يلتفت إلينا الرئيس بعد انتهاء كلمته، ولم يعطي الإذن لأي منا في الحديث ، رغم مطالبتنا لذلك وفقا للمعيار الذي حدده مقدم اللقاء، - يرفع المشاركين في الورشة المعنية ليختار الرئيس من يتحدث منهم-. بدأت المداخلات بورشة التعليم قدم المتدخل الأول منها عبد الله ولد محمد ولد سيدي طرحا أكاديميا مقنعا، دون تزلف ولا نفاق، ولا خروج عن النص، استبشرنا خيرا ، لكن ذلك الاعتزاز لم يدم سوى دقيقتين حيث بدأ باقي المتدخلين في تلك الورشة في ممارسة ما ألفناه عن السلف في نشاطات الحزب الواحد. شعرت بالإحباط وفكرت بالخروج على النظام قليلا، لأطلب من المقدم أن يقترح على لجنة التنظيم طرد أي متدخل بتطبيل للرئيس أو الإساءة له، من القاعة.، اجهاضا لمداخلات أخرى قبل أن ترى النور. لكنني لم أرضى لنفسي أن أكون أول من يخرج على النظام. مرت ورشة الصحة بمداخلة رائعة من خبيرة التغذية هاشم، والتي أعادت الأمل في أن يكون اللقاء على مستوى تصور من جاؤوا بحسن نية لطرح أفكار شبابية تساعد في حل المشاكل المختلفة التي يعيشها مجتمعنا. لكن ذلك الأمل تلاشى، عندما وصل اللقاء، إلى ورشة (دولة القانون والعدالة والاعلام وحقوق الإنسان والمجتمع المدني) –التي كنت من ضمن المحسوبين فيها- فالمشترك الذي تحدث بإسمها – مع انه محامي- لم يكن في مستوى تطلعاتنا ولم يقدم أية أفكار، بل استرسل في شكر الرئيس ومشاكل المساعد القضائي وكاتب الضبط ، ومع طرح كل مشكلة يختمها بالتطبيل للرئيس، بعده طالبت بالحديث وناديت على الرئيس مطالبا بالسماح لعاطل يحمل رسالة زملائه التي ترتكز على تصور لدولة القانون التي ينشدونها، لكنه لم يلبي طلبي، وتمسكت بالهدوء والانضباط احتراما لذاتي، وامتثال لقانون النظام الذي وضعته اللجنة المنظمة. وقلت في نفسي أن الأفكار التي تقدمت بها للمشاركة أحسن بكثير من أفكار من تحدث باسمنا واختارته اللجنة، على أنه صاحب أحسن مشروع، ولا يمكن أن يكون اختياره على ذلك الأساس، لأكتشف لاحقا بأنه قيادي في شباب حزب الاتحاد من اجل الجمهورية. وعزز صدقية معلومة كنت قد اطلعت عليها قبل أيام أن المنظمين دورهم فنيا فقط، ولا دخل لهم في اختيار جميع المشاركين، وتساءلت كيف لنخبة من خيرة شباب البلد أن ينصاعوا لأمر كهذا؟ إلا في حالة ما إذا مورست عليهم ضغوط كبيرة ووصلوا لمرحلة لا يمكنهم فيها التخلي عن كل ما بنوه،.. فلم يبقى لديهم إلا الانصياع للأمر الواقع.. كان مداخلة صاحبنا(المحامي) بابا لطريق سلكه أغلب المتدخلين ومنهم من تجاوزه إلى حد مطالبة الرئيس بالاختيار بين الترشح لفترة رئاسية ثانية أو المحاكمة.. هزلت وهزل الشباب .. وتلاشى الأمل... (صاحب ذلك الطلب جاء من مدينة نواذيبوا وناشط في قسم حزب الاتحاد من اجل الجمهورية هناك، ومقرب من والي المدينة). مداخلة الأستاذ المعلوم ولد أوبك، وان كنت اعترض على الطريقة التي انتزعها بها، إلا أنها كانت لطرح مشاكل زملائه في قطاع التعليم، ولاحظت بأنه لم يقدم فيها أفكار لحلها بقدر ما طرح مشاكل زملائه، واعذر الشاب في ذلك ربما يكون مقيدا من طرف زملائه الذين يمثلهم (نقابة أساتذة نواذيبو). نجم اللقاء زكريا، الذي تحدث بأسلوب أكاديمي بحت وقدم أفكارا غاية في الروعة حول مشاكل فئته (المحاسبين).. اترك لكم التعليق فالشاب كاد يمثلني تماما لو انه تطرق لباقي الفئات. أما المشاركون من موريتانيا الأعماق فلم يخيبوا آمال أسلافهم، فقد قامت ممثلة باسكنو بدورها المنوط بها تماما، وأوصلت رسالة حزبها بعد انتزعت الدور الذي لم يكن من حقها، وقضت حاولي دقيقة تكرر (بسم الله الرحمن الرحيم بداية الرئيس اشكركم باسم سكان باسكنو) ولا تعرف كيف تدخل الكلمة المكتوبة التي جاءت بها. أما ممثل كيفه الذي تجاوز سن الشباب بسنين، والذي حاول اختطاف الميكرفون عدة مرات ولم ينجح في ذلك، فتوجه مباشرة إلى الرئيس حاملا معه ملفه، الذي جاء به، ليسلمه له، ويأخذ وقته في الحديث معه.، غير آبه بإلحاح الحرس عليه للرجوع الى مكانه. وكانت هناك مداخلات عديدة قدم أصحابها أنفسهم على انهم مهندسين ودكاترة ومدرسين في جامعات، لا علاقة لهم بها.، فحسب العارفين بهم، ليسوا مهندسين في البترول ولا أساتذة في جامعات غربية، ولا دكاترة، ولا هم يحزنون..، وكانت مداخلاتهم خير دليل على مستواهم المعرفي، وتدني نسبة الوعي بينهم. كما أن من بين المشاركين الذين تحدثوا في اللقاء، مقربون عائليا من الرئيس، وأبناء وبنات موظفين في الرئاسة والتلفزة الوطنية، وضباط كبار في الجيش الوطني ، أصر بعضهم على أن تكون مداخلاتهم باللغة الفرنسية، والطين منهم لم يأتوا بكلمة مكتوبة، مزجوا بين اللغة الفرنسية واللهجة الحسانية. ( 8 من هؤلاء أعرف اسرهم وعلاقتها الوظيفية والعائلية بسادة المخزن). كان ابرز فصول اللقاء لئلا أقول المسرحية، هو ذلك الطفل الذي قدمه المذيع على أنه أصغر متدخل، وكشفت خيوط الصباح على أنه ابن لأحد موظفي التلفزيون الوطني، وأحد تلامذة شيخ مشهور من قربه للنظام، كتبت له كلمة ضعيفة مبنى ومغزى ليقدمها أمام الرئيس ويعلن دعمه له، وينكشف المزيد من اللعب على عقول الشباب الحاضرين. الكواليس.. بعد امتعاضي من المستوى الذي ظهر به اغلب المتدخلين حاولت التخفيف عن نفسي قليلا، وخرجت القاعة كأغلب الشباب الذين يبدوا عليهم أنهم غير مرتاحين لما آل إليه اللقاء، فأصبح مشابها لبرلمان يحكمه دكتاتوري يجوع شعبه ويدفع أمواله رشوة للغرب لكي لا يضغط عليه. فتوجهت الى باحة الكلية هنا التقيت بمهندس اللقاء ومديرة التلفزة وعدد من مساعديها، (اصدقائها ووسطها العائلي) كان أحد المشرفين على البث يضع على أذنيه سماعة ويشاهد الشاشة الموجودة أمامه، ويصدر الأوامر إلى داخل القاعة، والتقطت أذني أمرا منه يقول ( لا تبث مداخلات "سكايب" حاليا، دعهم حتى نحدد من منهم سنبث مداخلته، دعهم حتى أعطيك الإذن بهم، دعهم حتى نهاية اللقاء، ولا تنس مداخلة فلان، مهمة.. يجب أن يتحدث). وفور سماعي لما سمعت عدت إلى القاعة، انتظر تنفيذ تلك الأوامر، وجاء تنفيذها متأخرا، قررت وقتها أن أنسحب بهدوء من اللقاء لحفظ ماء وجهي، وصونا لكرامتي، لأني لا أرى نفسي فيه، ولم أعد اشعر بأن هناك شيء يضمن لي أن مشاركتي في ورشاته ، سيتم الاهتمام بها وتأخذ بعين الاعتبار. وقد صدقني حدسي، عندما شاهدت عبر الشاشة في الليلة الثانية، الدكتور حرمة الله يسلم رئيس الجمهورية كتابا قال بأنه يحمل نتائج الورشات.. بالله عليكم أيعقل ان تنتهي الورشات عند الساعة السادسة او السابعة مساء ويتم جمع نتائجها لتطبع في كتاب بغلاف ملون وبتصميم متقن ويقدم لرئيس الجمهورية في ظرف ساعة؟ ملاحظاتي.. 1 – كانت النخبة الشبابية التي أشرفت على تنظيمه بقدر المسؤولية فيما يتعلق بالجانب الفني، واستطاعت ان تكون نزيهة في بعض عمليات الفرز، خصوصا الذي أعلنوا عنهم ليل الأحد الاثنين، أما الذين تم اختيارهم بعد ذلك اي مساء الاثنين ويومي الثلاثاء و الأربعاء، كان اختيارهم خارج إرادة لجنة التنظيم، وجاء معظمهم -حسب ما اطلعت عليه خلال التحريات التي قمت بها-، بأوامر من شخصيات نافذة في المدن بالنسبة للمشاركين من الداخل. أما باقي المشاركين من نواكشوط فتم "إشراكهم" ولا أقول اختيارهم، بأوامر من بعض الجهات الأمنية والعسكرية، وكان اغلبهم من هيئات المجتمع المدني، والغريب في الأمر أنهم هم أغلب المتدخلين. وقد حصلت على لائحة بأسمائهم والجهة التي فرضتهم على اللجنة. 2 – كانت لمسات الأمن واضحة جدا، حيث لم أشاهد أي سياسي من المعارضة المقاطعة، بينما كان هناك مشاركين سياسيين من أحزاب المعاهدة، (المعارضة) المحاورة. 3 – البث لم يكن مباشرا بل كان متأخرا بعدة دقائق، وهذا ما استنتجته حين قمت بمقارنة بين شاشتين إحداهما صغيرة كان سيدين بلباس مدني اعتقد أن من بينهم مسئول المعلوماتية في الرئاسة، يتابعانها غير بعيد من شاشة كبيرة كان يشاهدها المشرفين على البث. 4 – نجم المطبلين ليلة اللقاء تذكرت مقولة له في الأيام الاولى لمظاهرات 25 فبراير يقول فيها(أن الرئيس لا يعترف به إلا من يعترف بإبن الزنا). 5 – أن الهدف الأول والأخير من اللقاء هو شعارات وصور مكبرة للحملة الرئاسية المقبلة يظهر فيها الرئيس كداعم للشباب. 6 – أن الفكرة في الأساس، فكرة نخبة من الشباب المتعطشين للعب دور في بناء وطنهم، لكن تم اختطافها من طرف آخرين استطاعوا توريط أصحابها في لعبة سياسية رخيصة، ولم يعد أمامهم إلا القبول بها. 7 – كان الإعداد والإخراج رائعين للغاية، لكن النتيجة لن تنعكس إيجابا على المشاركين ولا من يمثلونهم لأن الهدف مغاير تماما. 8 – الطابع العائلي وعلاقات الصداقة هي أبرز نقاط التلاقي بين المشرفين على البث والمشرفين على اللقاء.، وبصمات المديرة العامة للتلفزيون واضحة عليه. 9 – التنوع القبلي ولا أقول العرقي، ميزة المتدخلين ممن اختارتهم اللجنة.. ــــــــــــــــ تجنبت ذكر الأسماء التي كان دور بعضها سلبيا، لأن هدفي ليس التشهير بأحد ولا جرحه.، بقدر ما هو كشف لحقيقة "مرة" كنت شاهدا عليها، تورط فيها شباب كان من المؤمل منهم إضافة جديد يساعد في بناء وطن تحاصره المخاطر من كل جانب. ولست نادما على مشاركتي في الأساس لأن الفكرة التي دعيت من أجلها أقنعتني تماما، كما أنني لست نادما على مقاطعة "الورشات وعشاء القصر" لأنني مقتنع أن مجهودي فيها وباقي الزملاء لن يأخذ بعين الاعتبار، ولا يسمح لي ضميري ببيع أبناء وطني. دمتم ودام أملكم وهدى الله إخوتنا لما فيه الخير لبلدنا.. ـــــــــــــــــــــ الكلمة التي قمت بأعدادها للمشاركة بها: بسم الله الرحمن الرحيم مرحبا سيدي الرئيس.. مرحبا زملائي الشباب المتواجدين في هذه القاعة.. السيد الرئيس.. باسم مئات الآلاف من الشباب الموريتانيين العاطلين عن العمل و المهاجرين بحثا عن لقمة العيش، الحاملين لمختلف الشهادات العلمية. وخصوصا أبناء المنمين والحدادين والحمالين والمزارعين والجزارين، الحالمين بالمساهمة في بناء وطن ليس لهم سواه، وباسم آلاف العمال المستعبدين في مختلف المؤسسات العمومية والخصوصية في البلد.أقف أمامكم هذا المساء بلا أغراض جانبية، حاملا حلم هؤلاء، وطموحهم وآمالهم في وطن أحبوه وصبروا عليه، بيميني.. وخذلانهم وانكسارهم وآلامهم ومآسيهم وتطرفهم بشمالي. فخذوا يا سيادة الرئيس ما بيميني ليتلاشى ما بشمالي.. سيادة الرئيس.. إن طموحنا اليوم هو نفس طموح الجيل المؤسس، الذي حمل راية التحدي والبناء في سننا أو أصغر، وليس لديهم انذاك من الوسائل سوى الإرادة مصحوبة بدبلوماسية ناعمة، وضعت مصلحة الوطن فوق كل اعتبار. خلافا لوسائلنا اليوم التي تنوعت من ( سمك، حديد، ذهب، فوسفات،نفط و يورانيوم، اراضي صالحة للزراعة، وثروة حيوانية هائلة) ونسبة شبابية فاقت السبعين يحمل معظمها شهادات علمية تؤهله لإستغلال هذه الثروات أحسن استغلال وحمايتها من المتربصين. سيدي الرئيس.. هذا الطموح يتمثل في إعادة التأسيس للدولة، على أسس مدنية قوية وسليمة، عادلة ومتطورة.. لا صوت يعلو فيها على صوت القانون. ولا يعني هذا أن نبدأ من الصفر، أي بإعادة كتابة الدستور،لأنه في نظري المتواضع مع غياب التخصص،، من أحسن الدساتير في العالم ويتماشى طبقا لخصوصية مجتمعنا المسلم. بل بحمايته وتفعيل مواده التفصيلية، لكي تقوم المؤسسات الناتجة عنه بدورها الحقيقي في خدمة الوطن والمواطن. وفتح باب تلك المؤسسات أمام الشباب بنسبتهم في المجتمع، لأنهم الأقدر على تطوريها وحماية قدسيتها. سيادة الرئيس.. إن الطريق الأسهل والأنسب من وجهة نظري لتطبيق هذا الاقتراح، يبدأ بحل هيئات المجتمع المدني قاطبة من (الحزب السياسي الى الرابطة) وإعادة فتح باب الترخيص لها وفق للمسطرة القانونية المنظمة لها،برقابة أجهزة متخصصة مستقلة، لئلا نعود الى احزاب ومنظمات (المحفظات)، واستحداث اجهزة رقابة على القطاعات العمومية، بثلاثة أجهزة رقابية على الأقل على كل قطاع، لكبح انتشار الرشوة، ومحاربة الفساد، بطرق واضحة وسليمة يعيها الجميع. وضع إستيراتيجية للتعليم ثابتة، لاتتغير بتغيير الحكومات.. وتفعيل دور المؤسسات التعليمية وتطويرها.، وإعادة النظر في المناهج التعليمية و تكوين المعلمين والأساتذة والأساتذة الجامعيين. قضاء مستقل يحرم القانون تعيين السياسي على أي جهاز من أجهزته، يحفظ للمستثمر الوطني والأجنبي حقوقهم، تندمج فيه الخبرة والطاقة الشبابية التّواقة إلى التطور والتحرر من القيود. مجلس اقتصادي مستقل ذو صلاحيات واسعة يدير اقتصاد البلاد، ويتولى مراقبة التسيير للمؤسسات الاقتصادية الكبرى في البلد. تأميم ما أمكن من الشركات العاملة في مناجم الذهب والنحاس والفوسفات واليورانيوم.، والصيد. وتشديد المراقبة على الشركات الأجنبية بما يحفظ لنا سيادتنا ولمواطنينا حقوقهم. خطة إعلامية ثقافية تشارك فيها كل القطاعات المعنية ، تقوم من خلالها وسائل الإعلام العمومي ببرامج تثقيفية، تطلع المواطن البسيط على حقوقه المدنية وبواجباته اتجاه وطنه، كما تساعد (الممرض، والمعلم، والجندي، ورجل الأمن، وموظف الإدارة، والحرسي)على ثقافة التعامل الممزوجة بحس وطني مع مواطنيه. قوانين لا تجيز الترشح لشغل منصب تشريعي (نائب أو شيخ) إلا لمن يحمل شهادة الباكلوريا على الأقل، وأخرى ظرفية لإبعاد رجال الأعمال عن قبة البرلمان. توسيع صلاحيات العمد التسييرية خصوصا في مجالات البنى التحتية في مدنهم، وجعل دور الحاكم رقابي بحت. سيادة الرئيس.. مطالب الشباب لا تقتصر على ما تقدم ، فهي متعددة وستقدم لكم غدا كمقترحات في وثيقة تنفيذها هو العهد بيننا وبينكم، والأمل الذي ننشده.، وهي القادرة وحدها على امتصاص الغضب الذي ينتاب أبناء بلدك. أتعلم يا سيادة الرئيس أن الوطن خسر كل أصدقائي من أبناء المزارعين والحمالين وإخوتي من ابناء المنمين والجزارين، أولئك الطيبين المثابرين، الذين قابلتهم معي حين زرتنا ونحن طلابا في جامعة نواكشوط. لقد تخرجوا جميعا، وألقت بهم جامعتنا الوفية في الشارع، لا أحد سأل عنهم.. لقد هاجر كان، ومحمد لمين والسالك وأوسمان وعلي. أما الطاهر وزيد وكوليبالي، فقد انضموا لجماعات الغلو والتطرف خارج حدودنا. زينب سلكت طريقا غير شريف، وآميناتا وجدت مقتولة على يد عناصر عصابة كانت تديرها. وخادمة الله زوجها ذووها بعجوز قضى على أحلامها. أما أنا ومحمود و محمد السالك ويرك ومنى وامبارك وامتو وخادياتا وباب وسيد وسيسى وابريكه ومامادو ودجينابا وهارون وكاسم. فقد زفتنا البطالة ودخلت بنا العقد الرابع من العمر، ننتظر بفارق الصبر اليوم الذي يفتح فيه باب من أبواب مؤسسات وطننا لنترك بصمة إيجابية يغفر بها الوطن لنا. ونكرر معا.. بحق الكتاب وحق الوطن... سنكتب ما قد محاه الزمن. شكرا لكم والسلام عليكم ورحمة الله سليمان ولد ديدي |