قراءة في تغطية الإعلام الموجه للقضايا الوطنية |
الأحد, 15 يونيو 2014 10:35 |
قامت حروب و معارك كثيرة عبر التاريخ بسبب كلمة، و قد فطنت الدول المتقدمة و الأخرى السائرة على طريق النمو لخطورة سلاح الكلمة بوصفها مادة للإعلام، القوة الناعمة و الفتاكة في آن. يقول الخبراء إن التشكيك و التوقف و التأمل و البحث مهم جدا قبل اتخاذ أي موقف حول أي قضية، أو بعبارة أخرى لا تتخذ أي موقف حتى يكون لديك من الوعي و الفهم ما يكفيك و احذر أشد الحذر من الإعلام الموجه و المؤدلج، الذي يرى أغلب المهتمين بالشأن الإعلامي إن غايته الأساسية و الوحيدة هي تمرير رسائله حتى لو كان هذا على حساب تدمير أوطان بكاملها، هو إعلام له أجندة خاصة و مستعد للتصالح مع الشيطان لتحقيقها. في موريتانيا أضم صوتي للأصوات التي ترى أن تحرير الفضاء السمعي البصري كان خطوة جبارة لكنها كانت متسرعة قليلا، ذلك أن التربة الشعبية الموريتانية لم تكن جاهزة لهكذا انجاز بسبب انتشار الجهل و التخلف. خطوة من سلبياتها استغلال الإعلام الموجه لجو الحريات و الانفتاح لبث سمومه بين أبناء الشعب الواحد و زعزعة استقرار البلاد من خلال التركيز على قضايا بعينها و تحريض الناس على الفوضى من أجل الهدف الأكبر المتمثل في خروج الأمور عن السيطرة و ضعف قبضة الدولة و انهيار كيانها. اختطاف الدركي اعل ولد المختار كانت تغطية الإعلام المحرض لقضية اختطاف الدركي اعل ولد المختار مستفزة للغاية، حيث اعتمد سدنة مواقع الكذب و التشهير على بث أخبار كاذبة بشكل يومي بغية التشويش على عملية إطلاق سراحه، لم تكن حياة الدركي المختطف تهمها في شيء و إنما ما كان يشغلها هو كيفية استغلالها من أجل تأليب الرأي العام و تحريض الناس على العصيان و نشر الفوضى. تم تحرير الدركي اعل ولد المختار و ظهر زيف و كذب هذه المواقع التي كانت تروج باستمرار لخبر يقول بتجاهل الدولة لقضيته. رصاصة أطويله صدم الناس مساء السبت الثالث عشر من أكتوبر بخبر تداولته مواقع و قنوات معينة و ان اختلفت صياغتها له، يقول إن الرئيس محمد ولد عبد العزيز اغتيل برصاص مجهولين. و اتهمت بعض أقلام هذه الوسائل الإعلامية القاعدة بالمسؤولية عن العملية لتزيد الرعب و الحيرة في قلوب متابعيها ليبدأ بعدها أرباب هذه القنوات بمحاولة إقناع العامة باستنتاج مفاده أن البلد في خطر كبير و أن منصب الرئيس شاغر بسبب عجزه و إن الأوضاع في طريقها للخروج عن السيطرة طبعا لم تفلح هذه المحاولات بسبب تعامل السلطات الحكيم و المتزن مع القضية آنذاك حيث تم اطلاع المواطنين على تفاصيل الحادثة بالتدريج بداية بظهور الرئيس و هو يطمئن الشعب على سلامته إلى الخرجة الإعلامية التي ظهر فيها الضابط الشاب و هو يتحدث عن كيفية إطلاق النار على رئيس الجمهورية. لم تجد الرواية الرسمية ما يشكك في صحتها سوى بعض التحليلات و الاستنتاجات الهوليودية و التي يصعب تصورها ، عاد الرئيس إلى منصبه و مهامه و عاد المرجفون للبحث عن نفق مظلم آخر يمررون عبره مخططاتهم. محرقة الرياض لم تكن تغطية المواقع للحادثة صادمة بقدر ظهور معلومات مصدرها منفذ المحرقة بيرام ولد الداه، الذي اعترف للإعلاميين قائلا إنهما كانا على علم بالواقعة قبل حدوثها و كانا على تنسيق دائم معه بل و شجعاه عليها، التنسيق مع بيرام كان جزءا من خطة على مرحلتين ، المرحلة الأولى تتحقق بإحراق الكتب و الثانية النجاح باستغلال هذه المحرقة في المعركة مع النظام و إظهاره بمظهر المتخاذل و المعادي للدين و القيم.
المقال المسيء صنعوا من شخص لا علاقة له بالكتابة مفكرا و باحثا و كاتبا و نشروا له ما يشبه المقال على الصفحات الرئيسية لمواقعهم ثم بدأوا بعدها في تكوين رأي عام مواجه للقضية مع تحميل النظام المسؤولية الكاملة عن الأمر لتتبلور فكرة واحدة مفادها أن المشكلة صنعتها المخابرات للتغطية على مشاكل أخرى ، كثيرون للأسف اقتنعوا بهذا الاستنتاج الساذج جدا و طفقوا يكيلون من جانبهم تهما متعددة وصلت إلى حد تكفير شخصيات من مشارب و توجهات مختلفة. تمزيق المصحف كان اللافت في التغطية الإعلامية لحادثة تمزيق المصحف هو تركيز قنوات و مواقع معروفة على ردة الفعل أكثر من تركيزها على الفعل نفسه، حيث خصصت مساحات كبيرة لتغطية التظاهرات المنددة بالحادثة مع عناوين لا تخلوا من التشويق و الإثارة و التحريض و من أمثلة ذلك عناوين من قبيل " خروج الأمور عن السيطرة " و " عزيز يشعر بارتباك و يستنجد بالعلماء " و العنوان الذي لفت انتباهي يقول : " المتظاهرون يسيطرون على شارع رئيسي و يزحفون نحو القصر " ، في محاولة لاظهار الأمر على أنه عصيان مدني مكتمل الشروط. فيما يخص التغطية التلفزيونية حرصت إحدى القنوات على استضافة أحد صحفييها بصفة مراقب أو خبير حيث بدأ كلامه بتحريض الناس على الخروج إلى الشارع مستهجنا و منتقدا حسب رأيه هدوء الوزيرين أحمد ولد النيني و سيدي محمد ولد محم اللذين تحدثا بلغة يغلب عليها التعقل و الحكمة. انتخابات 21 يونيو الرئاسية لم تنجح المعارضة في الحصول على جزء مما تسميه « الكعكة " و نسميه نحن موريتانيا فأطلقت العنان لأبواقها في حملة إعلامية شرسة هدفها الوحيد ثني الناس عن المشاركة في الاستحقاقات الرئاسية و العمل على إفشال التجربة الديمقراطية. ضعف قدرة الاستقطاب و الحشد لدى المعارضة أربك حساباتها و جعلها تزيد من جرعة التحريض على المقاطعة مستعينة بمواقع التواصل الاجتماعي التي ينشط عليها أغلب شبابها لتعويض النقص الحاصل في ثقة الناس فيها و لتحسين صورتها التي لوثتها مواقفها المتناقضة و المتتابعة. من المؤكد أن الحياد و الموضوعية أمران نسبيان، لكن هناك درجة من الوعي و الالتزام و الصدق و تحري الدقة يجب أن تتوفر قبل تغطية أو نشر أي معلومة أو خبر ذلك أن الإعلام سلاح ذو حدين ووحدهم من فيهم بقية أخلاق و وطنية من ينتبهون عند الخوض في هذه التفاصيل مبتعدين عن استغلال الأخبار الوطنية استغلالا يمكنه أن يساهم في المساس بأمن الوطن و متجنبين اللعب على وتر العواطف و الانتماءات الضيقة. مصطفى ولد البو / عضو اللجنة الاعلامية لحملة المرشح محمد ولد عبد العزيز
|