معادلة موريتانية مزمنة
الاثنين, 16 يونيو 2014 18:46

مفتاح شعيبشعيب

يبدو أن الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز في طريق سالكة للظفر بولاية ثانية في اقتراع 21 يونيو/حزيران الجاري، إذ لا شيء يمنعه من تحقيق مراده في ظل غياب منافسين جديين وبسبب مقاطعة أغلب قوى المعارضة الفاعلة للانتخابات التي أثارت جدلاً عقيماً لم ينته لتبقى الحال على ما هي عليه: نظام مستمر في الحكم ومعارضة تحلم بالوصول إلى السلطة بلا جدوى . 

ورغم كل ما سبق من تهديدات أطلقتها المعارضة وفشل جلسات للحوار فقد مضت سياسة النظام إلى أهدافها، وما هي إلا أيام حتى «يتوج» ولد عبدالعزيز رئيساً، ولكن ما يسجل في هذه المرحلة هو أن المشرفين على الحملات الانتخابية القائمة والأطراف التي تحرض على المقاطعة تعتمد خطابا عدائياً يبتعد عن التنافس السياسي ليسقط في الشخصنة وتبادل الشتائم وتعمد إثارة النعرات الفئوية والعرقية ممهداً الساحة لمزيد من الاحتقان الاجتماعي والتنافر الذي عانته موريتانيا في السنوات الماضية وأوقعها في أزمة كان يمكن تجنبها ليتقدم البلد خطوات إلى الأمام بلا عثرات .

النظام الحاكم يتحمل مسؤولية كبرى في استمرار التوتر مع مناوئيه، والمعارضة أيضا ليست مبرأة من إذكاء الأزمة، وضمن هذا السياق هناك أسئلة تنتظر أجوبة، منها، هل موريتانيا ضاقت بأبنائها إلى درجة يستحيل عليهم التوافق والوقوف على أرضية مشتركة تحفظ لكل طرف حقه وطموحاته؟ وهل بلغت موريتانيا من الرقي الديمقراطي بما يسمح لها بأن تتحمل كل هذا السجال العنيف والحروب الكلامية الرعناء؟، أم أن المجد الذي يجري التناحر حوله في نواكشوط لا يتحقق إلا وفق قاعدة: غالب واحد والبقية مهزومون؟ مرة أخرى يتأكد أن التأزم الذي تعيشه موريتانيا اليوم يتعلق بأسباب تتعلق بملابسات حصلت بعد الإطاحة بالرئيس الأسبق معاوية ولد أحمد الطايع صيف ،2005 وتعمقت بعد الإطاحة بالرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله في أغسطس/آب ،2008 وبين الحدثين ظلت جملة من الملابسات لم تتضح وظلت حقائق عدة مكتومة، فهناك من يرجح أن أطرافاً خارجية تولت مهمة إفساد الوضع وتوتير الأجواء، وهناك من يؤكد أن موريتانيا لم تنضج بعد لتعيش ربيع الديمقراطية والحريات، إلى غير ذلك من الأسباب المفترضة .

الأجدى بالموريتانيين النظام والمعارضة المختلفة المشارب السعي للخروج من هذا التوتر المزمن، فقد أثبتت التجارب أن الاحتقان السياسي لا تكون عواقبه طيبة، فالنظام الحالي، وهو الأقوى في الوقت الحالي، لن تستمر قوته ومصداقيته إلى ما لا نهاية وجانب من فئات شعبه ترفضه وتشكك في شرعيته .

والمعارضة بدورها لا يجب أن تراهن على سياسة استهداف النظام، فكم من معارضة أفلست وخرجت من دائرة الضوء وتبخرت مشاريعها لأنها فوتت فرصاً للتقدم باتجاه حلول مرحلية مع من تعارضه .

موريتانيا بكل ما يواجهه مستقبلها من رهانات اقتصادية واجتماعية وأمنية لا يمكن أن تكسب شيئاً إذا ظلت نخبها لا تعرف من السياسة غير السجال والحروب الكلامية، ومع أن الوضع الحالي يتسم بمطاعن عدة، يبقى أفضل، على سوئه، من المجهول والفوضى الهدامة التي مازال البعض يلوح بها من دون أن تكون لديه بدائل لعواقبها.

 

* نقلا عن “الخليج” الإماراتية

فيديو 28 نوفمبر

البحث