لا رثاءً للجزيرة مباشر مصر.. إنما هجاءاً لمن لم يُطق معها صبرا |
الاثنين, 29 ديسمبر 2014 01:16 |
ياسين جميل أُغلقت قناة الجزيرة مباشر مصر وتحقق للسيسي ماأراد , السيسي الذي تظاهر بالتدين والمواظبة على الصلاة والورع أمام الرئيس مرسي فإنخدع به هذا وقام بترقيته من لواء إلى فريق أول ركن متخطياً رتبة الفريق ونصبَّه وزيراً للدفاع والإنتاج الحربي وقائداً عاماً للقوات المسلحة دون أن يشعر الرئيس أن السيسي يُضمر له في نفسه أعظم الكيد ويُدبَّر له الغدر من حيث لا يدري , أحد أعمام السيسي إسمه عثمان السيسي كان من قيادات الإخوان في الماضي وكانت هذه القرابة بمثابة التزكية لينال ثقة القوم الغافلين
ماحدث في 30 يونيو كان قد أُعد له بعناية منذ أمدٍ ليس بقصير , فالسيسي خطَّط أن ينقلب ولكن بغطاء جماهيري لكي يزعم أنه قام بالإنقلاب لتحقيق مطالب الشعب , ولهذا الغرض أسَّست المخابرات الحربية التي في قبضة السيسي ما يُسمَّى حركة “تمرُّد” يتم تعيين متحدث شاب بإسمها للتأثير على الشباب وتشجيعهم على التمرُّد , ولنيل رضا “السِّتات” عمد السيسي إلى تعيين متحدث بإسم القوات المسلحة (يعمل جذب للستات) على حد تعبير السيسي
أوعز السيسي إلى قنوات الفلول بالتحريض على النزول إلى الشارع في اليوم المحدد , وكان المتآمرون يقطعون الكهرباء ويفتعلون أزمة البنزين لإشعال سخط المواطنين بالإضافة إلى الشحن الإعلامي المستمر, وقامت القوات المسلحة ووزارة الداخلية بإنزال جنود الأمن المركزي وأمن الدولة وعساكر الشرطة بلباس مدني بصحبة عائلاتهم والوسط الفني ليملئوا الشوارع على أنهم ” الشعب يريد إسقاط النظام ” وقامت كاميرا القوات المسلحة بالتصوير الجوي وملأ بعض الفراغات بالأمور الفنية وتصوير جموع المتظاهرين المؤيدين للرئيس في الطرقات المؤدية إلى ميدان رابعة العدوية على أنهم معارضون , ثم جاء بيان السيسي يدَّعي أن القوات المسلحة ليس لها نيّة في الحكم وأنها تمهل الأطراف كافة 48 ساعة للوصول إلى حل , وعندما وافق الرئيس على مبادرة طرحتها بعض أطراف المعارضة قاد السيسي الإنقلاب وحكم البلاد من وراء حجاب عدلي منصور , وجاء بغطاء الأزهر والكنيسة لإضفاء الصبغة الشرعية على الإنقلاب الذي أعقبه قتل آلاف المواطنين الذين رفضوا الإنقلاب على إرادة الغالبية التي عبَّرت عنها الإنتخابات التي أشرف عليها المجلس العسكري ولم يملك سوى التسليم بنتائجها رغم أنه من فلول مبارك
ماحدث كان إنقلاباً عسكرياً مدفوع الثمن وليس ثورة , فلا شهيد يوم 30 يونيو ولا جريح ولا مُعتقل بل الذين سقطوا في ذلك اليوم هم مؤيدو الرئيس وأُحرقت مقرات حزب الحرية والعدالة في عدة محافظات من قبل الشرطة وبلطجية وزارة الداخلية ,وعندما قام العديد من الضباط بتقديم إستقالاتهم إعتراضاً على الإنقلاب الدموي أُحتجز بعضهم للتحقيق وإنهاء خدمة البعض الآخر خاصة بعد أحداث قتل المصلين الساجدين أمام دار الحرس الجمهوري حيث كان يحتجز فيه الرئيس المعزول قبل نقله إلى مقر آخر, وزُجَّ بالكثير من ضباط الجيش في السجون ممن أطلقوا اللحية وتم طردهم من الجيش
حنث السيسي بقسم اليمين بعد أداءه أمام رئيسه الذي قال له “ربنا يوفقك” , وألغى الدستور الذي أقسم بالله أن يحافظ عليه , الدستور الذي ينص على أن محمد مرسي هو القائد الأعلى للقوات المسلحة أي يبقى القائد العام للقوات المسلحة تحت سلطته , ثم نطق بأول عبارة في بيان الإنقلاب ” تعطيل الدستور الحالي “
وليته إنقلب على الأعقاب وكفى , بل سجن وليّ أمره وأخفاه ولم يسمح لأسرته بزيارته وإقتحم بيوت قيادات حزب الحرية والعدالة وساقهم من غرف نومهم إلى السجون دون إعتبار لشيبتهم منتهكاً حرمة بيوتهم ونسائهم وأوعز إلى أبواق إعلامه أن يُلصقوا صفة الإرهاب بهم , وقتل الآلاف من شعبه ولم يتورّع عن قتل النساء والفتيات كما حدث في المنصورة والإسكندرية ورمسيس ورابعة والنهضة وسجن ألوف الشباب والفتيات وقتل السُجناء في سيارة الترحيلات , وطالب ليلة السابع والعشرين من رمضان بمنحه التفويض لقتل المتظاهرين وقتل قيادات الصف الثاني من الإخوان في سجن أبو زعبل , ومن خلال فيديو مسرَّب قال لضباطه (الضابط الذي سيطلق غاز أو خرطوش ويصيب أو يقتل أحداً لن يحاكم والمتظاهرين قد أدركوا ذلك)
وتوجَّس صاحبنا خيفة من سوء الأحوال التظاهرية وكان يرتدي السترة الواقية من الرصاص مخافة أن يُغتال ولا يبيت في مكان واحد ليلتين وينام في مساكن خاصة بالمخابرات الحربية ولا يعلم حراسه الشخصيون في أي حجرة سينام , ولا يأكل ولا يشرب من الطعام والشراب إلا بعد أن يتذوقه ويتناوله الطباخ أمامه أولاً ,ولم يكن يركب سيارته الخاصة ويركب كل يوم سيارة أحدٍ من حراسه , ويُبدَّل معظم أفراد طاقم حمايته بضباط من أقاربه وأغدق عليهم الأموال والسيارات والشقق المفروشة من أموال الشعب التي صرف منها لشراء أجهزة متطورة لتعطيل الإتصالات خوفاً من تفجير موكبه عن بُعد , وأصدر أمراً بتفتيش الضباط ذاتياً مهما كانت رتبهم العسكرية وتجريدهم من أي سلاح ونزع الذخيرة الحيّة من أسلحة الحرس عند زيارته لأي وحدة عسكرية أو عند إلقاءه خطاباته العاطفية التمثيلية التي يسعى من خلالها إلى كرسي الحكم بالدعاية لنفسه إنتخابياً , وطالب في فيديو مسرّب بتحصينه كوزير دفاع في الدستور الجديد لكي لا يخضع مستقبلاً للمحاكمة في قتل آلآف المصرين
ثم إستولى على صندوق ” دعم مصر” وصرف تلك الأموال على حركة “تمرُّد” وعلى حملة “كمِّل جميلك ” من أجل إنتخابه رئيساً لمصر , وبشَّر أرض الكنانة بقدومه قائلاً ” وبكره تشوفو مصر” و” ومصر هي أم الدنيا وهتبقى قد الدنيا ” وصرّح أنه سيجبر المواطنين على دفع أجور إستقبال مكالمات الهاتف المحمول , واستهان بالشعب حين سمح لإلهام شاهين وليلى علوي أن تشاركا في صياغة دستور البلاد , وزعمت حركة تمرُّد أنها جمعت تواقيع بعشرات الملايين علماًً أن الفرد الواحد يُسمح له بالتوقيع مليون مرة إذا شاء
قاطع الشعب المصري الإنتخابات بمن فيهم الذين كانوا يؤيدون السيسي بعد أن أدركوا أنهم كانوا واهمين لظنهم أن السيسي كان صادقاً حين صرَّح في خطابه الشهير قبل الإنقلاب أن لا نيَّة له في السلطة وتولي الحكم , وقوله بعد الإنقلاب أن لا نيَّة لديه للترشح للإنتخابات الرئاسية
ثم جرت إنتخابات بمرشحين إثنين فقط أحدهما وضع الآخر صورة في مرحلة واحدة فقط , بينما كان عدد المرشحين عام 2012 ثلاثة عشر مرشحاً وتمت خلال مرحلتين وتقارب في نسبة الأصوات وتنافس حقيقي , ورأى العالم كيف أن صناديق إنتخابات السيسي كانت خالية , وفي آخر يومين طافت سيارات أمن السيسي تهدد المواطنين بمكبرات الصوت بتغريمهم 500 جنيه على من لا يخرج للتصويت ولم يخرج إلا بعض النسوة الضعيفات خرجن خوفاً من الغرامة وعبَّرت إحداهن قائلة (أنا جيت خايفة لا يغرَّموني وأنا ماعنديش أدفع الغرامة) وقالت أُخرى (أنا جيت أوفر الخُمسمية جنيه) !
في عهد مرسي “الذي وقفنا ضده” لم يكن هناك سجين سياسي واحد , والآن عشرات الألوف ليس من السجناء السياسيين فحسب , بل سُجناء الرأي والصحفيين وسجناء إشارة “رابعة” , ولم يُغلق مرسي أيَّاً من القنوات التي كانت تهاجمه وتستهزء به , وقناة الفراعين إعترف مالكها بنفسه أن السيسي هو من قام بإغلاقها في عهد مرسي وعندما إنقلب السيسي وإعتلى السلطة أغلق 6 قنوات مؤيدة للرئيس المعزول ورغم عشرات القنوات المصرية التي تدعم السيسي وتهاجم خصومه وضحاياه ولا تُعبِّر سوى عن رأيه إلا أنه ضاق ذرعاً بقناة واحدة تطرح رأيه والرأي الآخر! |