"محمد" الذي تراوده الإمارة!./الراجل عمر |
الخميس, 09 أبريل 2015 20:33 |
كان واضحا أنه قادم!.. وكانت أمارات النبوغ جزءا من سلوكه؛ كلما اقتربت منه أحسست حريقا يسكنه كأنه جينات إبداع تلازمه؛ أو شرارة من الوحي وأشياء من الإلهام على أشياء من السحر.. "الكل مزيج يحتدم ليصوغ إنسان". بدى واضحا صيف 2002 الذي جمعنا على هامش حدث ثقافي أن لقائه درب من التوفيق وتجربة عصف بمعية إنسان يساكن الشعر ويتذوق الفن ويتلكم الصورة ويتنفس الثقافة ويتجلى كأحد معالم نواكشوط. استطاع أخير أن يلملم شتات إبداعه بعد أن خفت عليه من الانشطار إلى شرارات إبداع تنافس بعضها البعض؛ تزاحم بعضها البعض في سبيل الانتصار على بعضها البعض؛ لكن بعد أن زكي قصيده من قبل تحكيم "أمير الشعراء" شعرت أنه انتصر في معركته الصامتة وفي النزاع الذي كثيرا اشتدت وطأته بينه وبين نفسه. لقد وقف صديقي أخيرا على رجليه وسط أمواج شاطئ الراحة؛ الذي احتضن إنسانا تختبئ بداخله سير النكبات؛ تضاريس المعاناة ولحظات مفعمة بالنجاحات والإحباطات؛ ومع ذلك يظل الشخص الوحيد الذي يوحد في عالم الشعر ولا يفرق جمهور الفن. و حالة إبداع فريدة في تمثلاتها في اهتماماتها في تناقضاتها في معاركها في عصبيتها في شرقيتها في جاذبيتها التي تجتذب من المحبين ما يفوق غير المبالين بمستقبل القصيدة الموريتانية التي ترعرعت في خياله.. عرفته أحد القلائل الذين يعتنقون الإلحاد دينا سياسيا في بلد تحول فجأة إلى متسيسون كل همهم مطاولة الساسة. كان وما يزال قلبه عامرا بالحب والأدب؛ بعقله منطقة فكر حر؛ بقلبه عواطف جياشة تسكنها قيم التعارف لدرجة التدين في معاملته للآخرين؛ ليس من الذين يسرفون في التنظير أو يغالون في القول.. لقد أحببته لدرجة الثقة في وجاهة بعض شطحاته؛ وكانت كل صداماتي معهبالون اختبار لتجاربنا المشتركة وتناقضات إثبات الذات التي أبانت عن أساتذة مقابل تلمذة. كان مثالا للتعايش الذي يثمن الاختلاف ويقدس حكمة التعارف؛ مثله يعطي جرعة لقضيتك وانطباعا برغبته في الانتصار لك؛.. كأنه صيغ من معدن لا يصدأ ولا يتقادم.. لقد اتضح لي من حديثي إليه بعد تأهله للمنافسة على لق الإمارة أنه حري باللقب وأنه أمير سلوكا ومسلكا وأن رصيده من الحبين يؤهله لإدارة إمارة الشعر في قلوب الكثيرين منهم. وعدى عن الرهانات الكثيرة التي كسبها في حياته؛ إلا أن وقته ضيق قياسا إلى إكراهاته؛ فإمارة الشعر وطقوسها الماراثونية وواجباته اليومية؛ كلها عناوين بارزة في كتاب التحدي الذي هو جزء من يومياته. بيد أن موقعه المتقدم في حرب الإمارة ورهانات الوقت التي تطوقه تبقى مرادفات تزيد من أعبائه النفسية والبدنية؛ ومع ذلك يظل الحقيق بالتحدي؛ وإن تحول مع الوقت إلى رمز البيعة الشعرية وملهم الملايين الذي يراهنون عليه في حل المعادلة الصعبة؛ التي باتت تختصر حظوظ دولة في الظفر بلقبها الثاني في إمارة الشعر العربي ما يقتضي تفويضا من المحبين والغيورين في بلد المليون شاعر. |