إنهم يهاجرون..! |
الأحد, 02 نوفمبر 2014 17:03 |
هل حقا تعتزم الفنانة الكبيرة لبابة بنت الميداح الهجرة إلى الخارج.. إلى بلد آخر لتوفير العيش الكريم لها ولعائلتها..؟ كان يمكن أن أخذ الهاتف واتصل على فنانتي.. وأحسم في هذا الخبر الذي قرأته في مواقع ألكترونية. لكن مجرد هذه الفكرة أصابتني بألم كبير.. وذكرتني بمسيرة هذا البلد في تجاهل المبدعين العظماء. في هذا الوقت فقط. يوجد الروائي الكبير موسى ولد أبنو للعمل في الجزائر، يوجد المثقف الموريتاني الكبير الدكتور بدي أبنو، صاحب أول رواية تنبأت بالربيع العربي والفائز بجائزة الشعر الآسيوي، في أوروبا حيث يدرس في خمس جامعات عريقة. يوجد الشاعر الكبير محمد ولد عبدي، أحد أبرز نجوم الحداثة الشعرية في موريتانيا، في الإمارات العربية المتحدة. توجد باتة بنت البراء، أكبر شاعرة في تاريخ البلاد، تعمل في العربية السعودية، واللائحة تطول، وتطول بعشرات الأدباء والمثقفين الذين آثروا الهجرة عن بلاد هم حملة ما لديها من شرف. لماذا تتجاهل الحكومة هذه الوضعية.. لماذا تتجاهل الحكومة القامات الكبيرة الصامدة في الداخل كمتنبي موريتاني ناجي الإمام والشاعر الفذ العلامة الخليل النحوي وغيرهما.. وبالمقابل تهرول الحكومة وراء كل معتوه متطرف لا يحمل إلا أدوات الهدم والتفرقة..! لماذا تتجاهل الحكومة كبار فنانينا الذين هم حملة فن وتراث وقيم هذا المجتمع.. إنهم معزوفته الخالدة.
لماذا تنفق الشركات الكبرى ملايين الملايين على تمويل أنشطة من نوع حفلات رقص ممجوجة خليعة، وفرق كرم قادم فاشلة تشكل فضيحة.. ولا تقوم بعقد عمل واحد مع مبدع وطني.. ككل شركات العالم.
لماذا رجال الأعمال، الذين يديرون المليارات في شركاتهم وبنوكهم، يتجاهلون مثقفي البلد، الذين هم هويته، والرصيد الحضاري الوحيد لديه. لماذا كل جنرالات العالم، أيا كان لونهم السياسي، يشرفون بشكل مباشر وغير مباشر على رعاية مثقفي بلدانهم، ويروجونهم، ويوعزون لمصادر القرار بحمايتهم ماديا، بل يتباهون بعلاقتهم بمثقفيهم.. إلا جنرالاتنا..! كل مؤسسة عسكرية في العالم تحمي نفسها بجبهة داخلية قوية من المثقفين.. الفنانين، الشعراء، الممثلين... إلا مؤسستنا العسكرية فهي أعلمُ بمن تعتمد عليهم. إن جميع خطط الثقافة لن تكون ذات جدوى في غياب الرموز المبدعة توظيفا وتخطيطا وإنتاجا. رغم مشاغل أوباما الذي يدير أكبر إمبراطورية تاريخية في الكون.. فلا بد أن يخصص وقتا من يومه لكبار المثقفين (لقاء، اتصال هاتفي، ...إلخ). ورغم "غرق" بوتين في نهضة روسيا وصراعها مع الشقيق الغربي، فلا بد أن يباهي بين فترة وأخرى ولو بعرض مسرحي روسي. وفي عالمنا الثالث العربي والإفريقي تنشأ يوميا المؤسسات والنشاطات الثقافية الكبيرة، ويجد المبدع رخاء ماديا ومعنويا ورعاية من الدولة. المبدع هنا إما أن "يتسول" أو يهاجر غير مرغوب فيه.. حسبنا الله ونعم الوكيل. ------------------------------ من صفحة الأستاذ المختار السالم على الفيس بوك
|