زعيم معارضة؟ |
الأحد, 02 نوفمبر 2014 22:48 |
وكم ذا بموريتانيا من المضحكات؟ "زعيم المعارضة" هو شخصٌ محترم. ولكن لم يسمع به أحد في العشرين عاماً الماضية. لم يَقُدْ مسيرة وطنية، ولا حزبية مهمة، واحدة. الميادين لا تعرفه. التجربة النضالية الوطنية لم تسمع به. ربما هو ثوري كبير ومعارض عظيم في بيته وهاتفه وبين جلسائه، ولكن المعارضة كثقافة وكتجربة، أحرى كمؤسسة، لا تعرفه. الأم دبليو أجدر منه برئاسة المعارضة. ومحمد غلام، على عدم حصافته، أكثر منه استحقاقاً. هل يمكن لهذا المغمور، ولكن المحترم، أن يخلف أكبر شخص معارض في تاريخ البلاد؟ الآن المشكلة ليس في هذا التنصيب غير المنطقي. المشكلة أنّ مجرد قول هذا يُغضب قبيلة سياسيّة بأكملها. فالتعصّب لم يترك مكاناً للنقد.
القضّة ليست قضية حزبية. "زعيم المعارضة" الجديد قادمٌ من مؤسسة محترمة ولها حقّها في ممارسة زعامتها للمعارضة (طبعاً في ظلّ انتخابات تُشارك فيها المعارضة). كيف بالله عليكم يترأسُ أحدهم على المعارضة في انتخابات لم تُشارك فيها المعارضة؟ كيف يا عباد الله؟
طبعاً القضية ليست في الأشخاص، بل في الممارسات والتقاليد. جميل منصور يمكن أن يكون زعيم المعارضة (ليست معارضتي أنا حتما، فأنا لا أعارض لأسباب دينية ولا أقول، بعكسه، أن النظام الموريتاني يتحدّى مشاعر المسلمين).
المشكلة هي التمييع. وهذا مشكلة طبيعة الأشياء والممارسات النفاقية هنا. كلّ الأشياء والألقاب تّفرّغُ محتواياتها. كل القيمة الاستعمالية تُفسحُ المجال لصالح قيمة استعمالية ودعائية. محررو الصحف الحزبية، الذين لا رأس مالي لهم إلاّ تعصبّهم وتزييفهم، هم من يُحدِّدُ المصطلحات في سياسة ينسحب منها العقلاء ويُخصخصون آراءَهم. والألقاب تُمنحُ حزبياً والاستحقاق يُسدى حكوميا، من قبل نظام ثائر على مبدأ الاستحقاق. يُطلقون اليوم مؤسسة المعارضة على اتحاد ثلاثة أحزاب وعلى مكتسبات ناجمة من انتخابات لم يُشارك فيها نصف الشعب ولم تُنظّم باتفاق على قواعد اللعبة. إنّهم يُطلقون "الانتخابات" على انتخابات القبائل، والزعامة على الخيلاء
اقترح النظام أن تُنزع سيادة المعارضة من رأس المال الرمزي الوطني لصالح زبناء المعارضة. وافقت أحزابٌ على هذا. أحزاب مشاركة رفضت. لقد انحدرت ممارسة السياسة في هذا البلد. وقد انتقلنا من ديمقراطية شاملة inclusive إلى ممارسات شمولية totalitaire. -------------------- من صفحة الأستاذ عباس ابرهام على الفيس بوك |