غزة/علا عطاالله/الأناضول: تود “راوية مهنّا” لو أنّ الوقت يعود للوراء، إلى ما قبل عشرين يوما، وهي تنصت بفرح لحوار صغيرتها “سنابل” “5 أعوام” مع شقيقها “أنس″ “4 أعوام”، وهي تُخبره عن ملابس عيد الفطر،
وأي لون سترتديه، وما تريده من ألعاب. وتتمنى هذه الأم الغزيّة، التي تقف اليوم، على أنقاض بيتها الذي حولّته الطائرات الإسرائيلية، إلى كومة من الدمار والركام، لو أنّ بيدها أن تُحقق لطفليها ما يتمنيان. غير أن كل مطالب، وأمنيات العيد، تتلاشى كما تقول مهنا، أمام ما يحياه قطاع غزة، من مآسٍ إنسانية بفعل الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ 20 يوما.
وتتابع مهنا لوكالة الأناضول:” لا عيد في غزة، البيوت مقصوفة، ورائحة الدم تفوح في كل مكان، والآلاف من النازحين ينامون في المدارس، وعلى الطرقات، بيتي لم يعد له أثر، ولا يمكن لأطفالي أن يحتفلوا بعيد يطرق بابهم “المقصوف”".
ولا تجد “سهير النجار” 45 عاما وهي أم لستة أطفال في أي تهدئة إنسانية قبل العيد، أو خلاله، فرصة لنسيان ما تعيشه غزة، فالجرح كما تقول لوكالة الأناضول، أكبر من أن يتم اختصاره في ساعات أو أيام من التهدئة.
وبدأ صباح اليوم السبت، سريان التعليق المؤقت لإطلاق النار في قطاع غزة، بين الفصائل الفلسطينية، والجيش الإسرائيلي لمدة 12 ساعة، بناءً على طلب أممي لتمكين توصيل الاحتياجات الإنسانية للسكان. وتتابع النجار:” لا شيء على حاله، كل شيء تغير، آلاف المنازل دُمرت، ورائحة الحرب تملئ المكان، لا يمكن لنا ونحن نبكي ذوينا الراحلين أن نصنع كعك العيد، أو نشترى الحلوى، أو الملابس الجديدة لأطفالنا”.
وفي مثل هذا الوقت، ومع نهاية شهر رمضان، لا تكاد شوارع قطاع غزة، ومحالها التجارية تهدأ من ضجيج العائلات التي تصطحب أطفالها، لشراء ملابس العيد، وكافة مستلزماته، وتزدحم الطرقات بالباحثين عن الفرح بعد شهر من الصيام. وداخل البيوت تدور معركة بين ربات المنازل، في التباهي بإعداد أطباق “كعك العيد”، والحلوى بأشكالها المختلفة والاستعداد لهذا اليوم، بأبهى صورة.
وستكون مهمتنا أن نبحث عن ما تبقى لنا من أشياء تحت الأنقاض، كما تقول “سمية عليان” “43 عاما، والتي هُدم بيتها، وتحول إلى ركام. وتتابع لوكالة الأناضول:” لا عيد لنا، هناك مئات القتلى وآلاف الجرحى، البيوت المقصوفة، الأطفال الذين يرتجفون خوفا، كلما تذكروا صوت القصف، لا عيد لهم ولا فرح”.
وببراءة يهمس الطفل عبيدة عبد الرحمن 5 أعوام، في أذن أمه:” ماما خليهم (دعيهم)، يأجلوا (يؤخروا) العيد. وتقول “رندة” والدة الطفل لوكالة الأناضول:” أخبرت صغاري، أن جيراننا فقدوا أطفالهم في الحرب، ويجب أن نشاركهم المشاعر، ولن نقوم بشراء ملابس للعيد هذا العام، أو ألعاب وحلوى، فقز صغيري ببراءة يطلب تأجيل العيد”.
وأحال قصف الطائرات الحربية الإسرائيلية على مختلف أنحاء قطاع غزة، شوارعها إلى مناطق مهجورة. وفي آخر أيام شهر رمضان لم تعد شوارع غزة نابضة بـ”الحياة”، وحركة الأهالي المشغولين بالتزود بحاجيات العيد، بل حل الذهول من هول ما خلّفته الحرب من تدمير، وقتل، وجوه الأهالي والعائلات النازحة من بيوتها (150 ألف نازح وفق مؤسسات حقوقية). وانشغل الناس، في البحث بين أنقاض البيوت، عن الجثث التي اختلطت مع الجدران المقصوفة، وعن حاجيات يمكن أن تصلح لأيام نزوحهم القادمة.
ويشن الجيش الإسرائيلي، منذ السابع من الشهر الجاري، حربًا ضد القطاع، أطلق عليها اسم “الجرف الصامد”، وتسببت الحرب منذ بدئها وحتى الساعة 7 تغ اليوم السبت في قتل 975 فلسطيني، وإصابة نحو 5900 آخرين بجراح، بحسب مصادر طبية فلسطينية.
وتسببت الغارات الإسرائيلية المكثفة والعنيفة على مختلف أنحاء قطاع غزة، إلى جانب القتلى والجرحى، بتدمير 1825 وحدة سكنية، وتضرر 22145 وحدة سكنية أخرى بشكل جزئي، منها 1560 وحدة سكنية “غير صالحة للسكن”، وفق معلومات أولية صادرة عن وزارة الأشغال العامة الفلسطينية.
في المقابل، قتل 37 جندياً وضابطًا، و3 مدنيين، وأصيب أكثر من 463 أغلبهم من المدنيين، معظمهم أصيبوا بحالات “هلع″، حسب الرواية الإسرائيلية، فيما تقول كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح المسلح لحركة “حماس″، إنها قتلت 80 جندياً إسرائيلياً وأسرت آخر
|