ولد مدو: كيفه تجسد بالنسبة لي دلالات الانعتاق و التنوع وقيم التعايش |
الثلاثاء, 01 أكتوبر 2013 12:59 |
وكالة كيفه للأنباء : السيد الحسين ولد مدو بوصفكم نقيبا سابقا للصحفيين الموريتانيين ما تقييمكم للتجربة الصحفية بموريتانيا ؟ ولحرية الصحافة في البلد بشكل عام ؟ الحسين ولد مدو : أعتقد بأن تجربة الحرية الصحفية بموريتانيا يتعين تقومها من محورين اثنين : القطاع الخاص والقطاع العمومي فبالنسبة للقطاع الخاص ، نشهد نبرة حرية مشهودة عززت منها التحسينات القانونية التي شهدها الحقل في السنوات الماضية بما في ذلك إلغاء عقوبة الحبس في قضايا النشر وإنشاء صندوق دعم الصحافة المستقلة ، زيادة على تأسيس قسم للصحافة بالمدرسة الوطنية للإدارة ولذلك لا تعوزنا نبرة حرية بالنسبة للصحافة الخاصة ، ما يعوزنا أساسا هو هشاشة هذه المقاولات الخاصة التي تضطلع بدور تكريس المواطن في الإعلام لذلك تعاني الصحافة الخاصة أساسا من هشاشة الوضع المؤسسي ، وغياب المأسسة المطلوبة ، واعتقد أن النضال من اجل تكريس وحماية الحرية الصحفية ينبغي ان يعزز كذلك السعي لتجذر مأسسة الحقل الصحفي لأنه لحد الآن – وهذا ما يؤسف له – لا توجد عقود تربط أصحاب هذه المؤسسات الخاصة والعاملين بها.مع ما يترتب علي ذلك من هشاشة اجتماعية للحقل وحضور منتظم للتسرب وغياب مشهود للتراكم الخلاق والمؤسسات الإعلامية التي شهدنا ظهورها سنة 1991 لا تزال حتى الآن تعاني من عوائق جمة وقد تراجع عطاؤها فلا هي تغيرت في شكلها ولا في حجمها ولا في طواقمها التحريرية ، وإنما تغيرت النبرة ، ودرجة الاندهاش التي شهدتها الصحافة في ذلك العصر من مجرد إبداء مواقف معارضة للنظام ، صارت متجاوزة وأصبحت حاجة المواطنين هي البحث عن صحافة استقصائية ، تطرق الأبواب الموصدة ، وهذا ما يتطلب تخصصا وطاقما تحريريا مستقلا وتفريغا لبعض هذه الطواقم العاملة ، لذلك ترون أن عدد العاملين بهذه المؤسسات يتراوح في المتوسط ما بين الأربعة والخمسة أفراد ، وبالتالي يتعذر عليها تلبية هذا الطلب المتزايد للصحافة الاستقصائية ، والصحافة المؤسسية. وعموما يتوفر قطاع الصحافة الخاصة على حرية مشهودة على المستوى التنظيمي والتنظيري والقانوني ، لا يعوزها سوي البعد المؤسسي المتمثل في هشاشة المقاولات الصحفية ولكم أن تلاحظوا أن تثمين أغلب المنظمات الدولية لحرية الصحافة ببلادنا كان على أساس التحسينات والتطورات التي حصلت في الإطار القانوني الناظم للعملية الإعلامية ، أما الجانب المؤسسي فما يزال غائبا ولو كانت التقويمات والمحاسبة مبنية على هذا الأساس لكنا في مرحلة متأخرة جدا. باختصار : فإن المسألة في الصحافة الخاصة ليست مسألة غياب الحرية وإنما غياب المؤسسية و الأطر التكوينية. أما الصحافة العمومية فلا زالت تسبح خارج التيارو لم تستفد منذ 1991 فلا تزال صحافة سلطانية – للأسف – لم تتصالح بعد مع متطلبات المرفق العمومي بما يفرضه من تطور وانتقال من مفهوم الرسمية إلى مفهوم الخدمة العمومية ، والمفارقة أنه في ظل استصدار العديد من القوانين كقانون تحرير المجال السمعي البصري ما تزال هذه المؤسسات تكرس النبرة السلطوية بعيدا عن تجسيد متطلبات الخدمة العمومية ، مع أن من واجبها أن تتصالح و متطلبات الخدمة العمومية بما يفرضه من انفتاح على الطيف السياسي والمجتمعي بتعدده وتنوعه الأخاذ ، وأن يجد كل فرد في ذاته فرصة و عتبة ينفذ منها إلى هذه الوسائل وأنه في كل مرحلة ينبغي أن يحس بتملك هذه الوسائل ولا زلنا للأسف بعيدين جدا في تقويم مسار الصحافة العمومية أن تتحول إلى خدمة عمومية ولكم أن تلاحظوا نشرة الأخبار ، في الإذاعة والتلفزيون والوكالة الموريتانية للأنباء ، فيستبد بها الطابع الرسمي ، ويستبد بالطابع الرسمي الطابع السياسي وثمة مركزية شديدة تغيب فيها موريتانيا الأعماق وتغيب فيها موريتانيا الداخل لذلك و وسائل الإعلام العمومية عموما تعاني من مركزية شديدة ضحاياها الريف والضعيف ، الريف لأنه ضعيف والضعيف أيا كان ديمغرافيا أو جغرافيا .مع أن الواجب يلزمنا أن نكرس في الإعلام مفهوم الانتفاع والمشاركة ، بمعنى أن لا تحول الجغرافيا في بعدها و لا الديمغرافيا في هشاشتها دون تمتع المواطن بحقه في الإعلام العمومي ، وأنا من الذين يدعون دائما لتصالح المؤسسات العمومية مع القانون أولا ومع ذاتها لأنها وجدت لتخدم أمة ولم توجد لتخدم سلطانا أو رئيسا اوغير ذلك. وسأسرد لكم قصة تبين مدى شعور المواطن البسيط بتهميشه من هذه الخدمة العمومية ، ذات مرة أظن في سنة 1996 كنت مع صاحب سيارة أجرة سألته : هل تشاهد التلفزيون ؟ رد علي ، لا فسألته لماذا ؟ قال : إن التلفزيون يفرض علينا فقط متابعة اجتماعات الكبار ليلا والعاب أبنائهم نهارا في إشارة آنذاك لبرنامج رياض الأطفال. مما يدل على أنه وشأنه شأن أغلب المواطنين لا يحس بأن هذه المؤسسة تخدمه ولا يجد فيها ذاته ، لذلك ينبغي أن تنفتح وسائل الإعلام وأن تتصالح مع ذاتها ، فيجد فيها المنمي والفلاح والطبيب والمثقف ، درجة معينة من اهتماماته . لذلك لا تزال هناك سيطرة من الناحية الموضوعاتية للبعد السياسي بمعنى أن وسائل الإعلام تهتم بالأساس بأخبار السياسة ، وهذا ما كان له كبير تأثير على صحافتنا الخاصة واستبداد المعطى السياسي بباقي المعطيات التنموية الأخرى كان له انعكاس سلبي على أداء هذه المؤسسات ، وداخل هذا المعطى السياسي ثمة سيطرة كاملة لرموز السلطة من رئيس الجمهورية وحتى رئيس المركز الإداري ، وثمة حرص كبير على مفهوم التراتبية لبروتوكولية في ترتيب الأحداث على الرغم من أن الأجدر والأجدى أن يتم ترتيب الأحداث بحساب أهميتها لا بحساب أهمية فاعليها ولا بحسب رتبهم ومناصبهم. لذلك فلا زلنا بعيدين في مجال الإعلام العمومي عن عملية التصالح هذه مع مقتضيات الخدمة العمومية ،مع أننا أصبحنا أمام قانون يفرض ذلك ، وأصبح الأمر خرقا ، وليس مجرد مطلب أو أمنية لمتابعي الحقل الإعلامي ، فقانون تحرير المجال السمعي البصري يفرض على هذه المؤسسات التي تمول من دافعي الضرائب أن تتحول إلى مؤسسات خدمة عمومية ، كشركات الماء والكهرباء ....فتضمن النفاذ العادل والشامل لكل أطياف المجتمع سواء كانوا سياسيين أو مجتمعيين وهنا أركز على مجتمعيين لأن السيطرة ظلت منذ أمد بعيد للجانب السياسي. ومن أوجب الواجبات أن تنال الفئات المغبونة والمهمشة نصيبها من هذه الخدمة ، وذلك بتناول قضاياها التي لا تبدو أساسية بالنسبة للبرجوازية الصغيرة التي تسيطر على الإعلام.ف وان نحول هذا المواطن البسيط إلى فاعل ومتفاعل مع المساطر البرامجية التي تقدمها هذه المؤسسات وأن لا نكتفي بمحاولة تصور مفهوم الرشد في اختيار وإعداد البرامج والمساطر. وكالة كيفه للأنباء : هل كانت استقالتكم لإتاحة فرصة التناوب أم لأسباب أخرى ؟ الحسين ولد مدو : أنا لم أستقل ، أنا آثرت أن لا أترشح لعهدة ثانية على الرغم من أن القانون يمنحني ذلك ، والصحافة تدعمني في ذلك ، لكني ونظرا لأن من اكبر مشاكلنا الربط الدائم بين الشخص المؤقت في منصبه والمؤسسة الدائمة في طبيعتها ، ووعيا بذلك وسعيا لتجاوزه آثرت أن أتقدم إلى زملائي الصحفيين بإعلان يتضمن عدم ترشحي لمأمورية ثانية ، لأكرس فصل المؤسسة عن قائدها ، وأجسد مبدأ التناوب في الهيئات القيادية بالنقابة ، وأعزز المؤسسية وقد لاقت خطوتي عدم الترشح اعتراضات جمة من زملائي الصحفيين وما تلك إلا ترسبات لمفهوم الترابط بين المؤسسة وبين الشخص وكانت تلك خطوة إيجابية أمنت تنافس شريفا ونزيها بين لائحتين ، وتمت انتخابات شفافة أشاد بها الجميع ، وأضافت دماء جديدة إلى الجسم الصحفي ، أن المؤسسات خالدة لا تزول بزوال أشخاصها و أكبر خدمة يمكن أن يقدمها شخص لمؤسسته هو أن يعزز من مؤسسيتها ، فكلما تعزز حضور الفرد ابتعدنا عن مفهوم المؤسسية وتأكد ضمور المؤسسية ، لذا آثرت تعزيز المؤسسية ، وتكريس التناوب والتحول إلى مجرد عضو عامل داخل النقابة بعيدا عن مركز القيادة ، وهذا ما يجعل الصحفي العادي يشعر بأن هذه المؤسسة ليست ملكا لزيد ولا لعمرو وان كل من يعمل بها سواء كان رئيسا أو عضوا في المكتب التنفيذي .. هو مجرد أجير لديها ، لا يتقاضون أجرا بالتأكيد ولكنهم أجراء بمفهوم التعاقد. المعنوي والأخلاقي. وكالة كيفه للأنباء : كيف تنظرون إلى التنظيمات الصحفية في الحقل الإعلامي الموريتاني اليوم ؟ الحسين ولد مدو : كما تعلمون فإن القانون الموريتاني يضمن التعددية النقابية ، لكن يجب التمييز بين أمرين هامين هما : الشرعية القانونية التي لا جدال فيها ، وتقتضي إذنا من وكيل الجمهورية ، أو من سلطة تشريعية معينة ، والأمر الثاني التمثيلية ، بمعنى أن تكون للنقابة أو الهيئة قاعدة عريضة تدعمها ، فإضافة التمثيلية إلى الشرعية هي المحك الفعلي للتمييز بين المنظمات العاملة في الحقل الصحفي ، أو العمالي على حد سواء. والمنظمات والنقابات تشهد تزايدا ملحوظا منذ 1991 وصل لدرجة ألا ذاتية كغاية ، وأصبحت تستخدم كيافطات متعددة الأهداف تتمايز فيه مختلف التنظيمات على المستوى الإعلامي أو العمالي . لذلك ينبغي أن نعمل داخل الحقل الإعلامي على تكريس المزيد من الجدية والمعيارية ، فنضيف البعدين معا الشرعية والتمثيلية ، والمسألة ليست مطروحة لنا وحدنا بل إنها كذلك مطروحة للنقابات العمالية الأخرى. واعتقد أن ثمة مطالب نقابية لوزارة الوظيفة العمومية بضرورة اعتماد معايير التمثيل النقابي لتوزيع وتقييم مختلف النقابات ، وثمة وعود بذلك ، وآمل أن يتم تطبيقها ، ليس في الحقل الإعلامي فقط وإنما في الحقول الأخرى .ثمة عتبتان : عتبة الشرعية وهي متاحة لكل من تقدم للحصول على ترخيص ، فالدولة الليبرالية تضمن أحقية حرية المرور وحرية الـتأسيس وحرية الإنشاء ،أما العتبة الثانية : فهي عتبة النفاذ إلى الدعم العمومي وعتبة البعد التمثيلي ولذلك التمييز بين التنظيمات عادة أنها تتحد في الشرعية القانونية وتختلف في الأبعاد التمثيلية والجدية والمعيارية وطبيعة المكاسب التي حققتها لهذا الحقل. وكالة كيفه للأنباء : ما هي كيفه بالنسبة لكم ؟ الحسين ولد مدو : "كيفه مدينتي تجسد بمخيلتي صورة موريتانيا المصغرة تجسد بالنسبة لي دلالات الانعتاق والتحررو التنوع وقيم التساكن والتعايش ، ما يجعلني أعتز أكثر بهذه المدينة هو خصوصيتها التي لم أشارك فيها وهي خصوصية التأسيس ، كيفه بالنسبة لي تشكل النموذج الموريتاني المتصالح مع ذاته ، تمثل موريتانيا في تنوعها وتعددها ، في نشأتها وفي مسارها كانت قلعة للحرية ، ،وجسدت بامتياز ما ينبغي أن تكون عليه الدولة الموريتانية لاحقا في تنوعها وتعايش مختلف مكوناتها بصفة عامة .هذه هي إحدى الميزات الراسخة التي تجعل كل منتم إلى المدينة يعتز بانتمائه إليها لذلك تأسست المدينة وظهرت دون أن تشعر بأنها مكبلة بفصيل أو قبيل وانبثقت المدينة وكأنها نوع من المدن الليبرالية الحديثة التي تنبجس من عيون الحرية والتسامح ومن التعايش لذلك كان أول تنظيم أو احتفال بالمئوية سنة 2007 ، نظمته الجمعية الحرة لشباب كيفة حينها بالتعاون مع مختلف الفرقاء السياسيين والمجتمعيين تحت شعار " كيفه وحدة المسار وقوة التنوع " وقد آثرابنها المخرج العالمي عبد الرحمن سيسوغو بأن تكون كيفه احدي أهم المدن الإفريقية التي تجسد كمعقل للحرية وإنما كذلك كمعقل للتنوع فقام بمناسبة الاحتفال بالذكرى 60 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 2008 بباريس ، بتسجيل فيلم عن هذه المدينة ، ، ولكم أن تلاحظوا أن ما يعيشه العالم من صراعات لحد الآن ، على المستوى العالمي وحتى على مستوى الإكراهات الوطنية ، والتحديات :مرده في الغالب الي اشكالات واخفاقات في تسيير مكسب التنوع أو غياب في الاعتراف به ، ولذلك عندما تجد مدينة وقد تصالحت، في نشأتها و مسيرتها مع هذا المبدإ ووفرت على نفسها كل تلك المطبات ، تشعر بكبير اعتزاز وشيئ من فخر غير قليل نشأت المدينة نواة للحرية في هذا الصدد فإن "اكصر" كيفه كان له شيخ و أغلب الكيانات من المجتمعات الكبرى كانت في أطراف المدينة، أو حول المدينة ولم تلج إلى المدينة إلا مؤخرا .ولم تنشأ على شكل تجمع متجانس مع ما سيفرضه ذلك من تحديات ، إذ لم تكن رهينة ولا ممتنة لأحد منذ النشأة إلاّ بمفهوم الحرية . هذا هو الشعور الذي يعتز به أي منتم لمدينة كيفة وأي داخل عليها سيشعر بدرجة التساكن ودرجة التعايش التي أعتبر أنها التعويذة الفعلية لسكان كيفه . شكلت ملاذا للمستعبدين الذين خلصتهم من براثن العبودية وقلعة للمهمشين والمظلومين. وهذه من الخصال التي أعتقد أن سكان كيفة لا ينبغي أن يعتزوا بها فقط وإنما ليعمدوا إلى المزيد من استثمارها بالمحافظة عليها . وكالة كيفه للأنباء : على عكس الظروف التي طبعت النشأة هناك صحوة قبلية غير مسبوقة ، كيف تنظرون إليها ؟ الحسين ولد مدّو : القبيلة وحدة اجتماعية والقبلية داء اجتماعي إنها كيان اجتماعي ينتظر وجود بدائل مجتمعية تقدمية لتخلفه ،.إنها تنتشر في الفضاءات الفارغة وتتعزز في المجالات التي تنسحب منها قيم الدولة الجمعية. القبيلة والمجتمع لا يقبلان التعايش مع الفراغ في الحالة العادية لذلك كثيرا ما تتم الاستعاضة بالكيانات التقليدية حتى تتوفر البدائل. و كلما نقصت تلك البدائل أو تم تغييبها لاعتبارات معينة أو تم تشجيع غير ذلك كلما كنا أمام صحوة قبلية كما يقال ، فالقبيلة والدّولة ككيانين سياسيين لا يتعايشان مطلقا لأنهما نقيضان ، وكلما شعر المواطن بدرجة من الاستقلالية المعيشية أو الثقافية أو السياسية كلما كان أكثر تحررا ، أكثر ولاء للمدينة ، لمفهوم الفرد ، لمفهوم الليبرالية ، لمفهوم الحرية ، لمفهوم روح المبادرة ، وكلما ضاقت تلك الفرص أو غابت ، أو غيبت عاد إلى الأحضان الضيقة . ولذلك أعتقد أن القبيلة ، ينبغي أن يحافظ عليها في جانبها الاجتماعي ، التعاضدي والتواددي ، التواصلي والتراحمي ،وهي أمور مشهودة ومحمودة يشجع عليها الإسلام ويحفز عليها السلم الاجتماعي وغيره ، أما أن تتحول القبيلة إلى فاعل سياسي فهذا تقويض لمسار الدولة . والكثيرون ونظرا للضرورات الانتخابية قد لا يلاحظون خطر توظيف القبيلة سياسيا على أركان الدولة ومع مرور الزمن يكتشفون أنهم يؤسسون لمزيد من التقويض ، تقويض الانتماء إلى المدينة ، القبيلة قائمة على ماذا ؟ قائمة على نوع من المجتمع المتجانس المعتز بذاته ، المعتز بقيمه والذي يحسب نفسه نوعا من جنس الله المختار أو شعب الله المختار ، وهذا نقيض لمفهوم المدينة التي تنشئ أبناءها وبناتها بانتمائهم إلى هذه المدينة ، لا بانتمائهم إلى دم أزرق ولا عرق ابيض ولا غير ذلك ، نلاحظ مفارقتين وكلما كثر التعايش والتساكن كلما كنا أمام مزيد من تقويض أسس القبيلة الخالصة من جوانبها السلبية لذلك تعين التمييز في هذه الصحوة القبلية بين بعدين : القبيلة ككيان اجتماعي للتوادد والتراحم ، هذه الأمور قائمة ولكن القبيلة كفاعل سياسي فهذه أمور مقوضة للدولة ومن واجبنا أن تعمل دائما إلى التمييز بين هذين البعدين ، فالمجال السياسي قبائله وفصائله للأحزاب والتكتلات وهو نوع من التشجيع على التسامح والتعايش والمؤسسية ، لكن أن تتحول القبيلة إلى كائن سياسي فهذا يسطح العملية السياسية ، يحولها إلى كانتونات معتدة بذاتها وقيمها وبالتالي يضيع الشأن العام ، ويضيع ما يعرف بالفضاء العمومي ، في أية مدينة فضاء عمومي ، هذا الفضاء العمومي هو مصالح المدينة ، والشأن العام للمدينة ، و لكل أن يدلي بدلوه ولذلك وعندما تكون القبائل هي الفاعل السياسي في تلك المدينة بطريقة تلقائية مع مرور الزمن يشعر المهتم بالشأن العام ، أنه أمام مسار لا يوطد مفهوم التلاحم ، ولا مفهوم الانتماء إلى المدينة ، وهنا أشد على أيدي القائمين على موقع وكالة كيفه للأنباء من اجل تعضيد لى الدور الذي تقومون به في تنوير الرأي العام في هذا المجال وأعتقد أن دور الإعلاميين في ذلك كبير . وكالة كيفه للأنباء : من هذا المنطلق كيف يرى الدكتور الساحة السياسية بولاية لعصابه عموما وكيفه خاصة ؟ الحسين ولد مدو : أنا – وللأسف- لا أستطيع القول بأني متابع جيد للشأن السياسي في كيفه بصفة دقيقة، ما أستطيع أن ألاحظه أن المدينة تستحق أكثر من واقعها و أن تطلعات ساكنيها لم تتم الاستجابة لها فالمدينة لا تشهد أي تقدم مضطرد إذا استثنينا مشروع مركز الطاقة الشمسية المزمع تنفيذه ، ومصنع الأنابيب وسط غياب كامل للمقاولات الصغيرة والمشاريع المدرة للدخل التي يمكن أن تحتضن اليد العاطلة والبطالة التي تشهدها المدينة . عندما تسمع عن مدينة كيفه تعتز بها وعندما تدخل إليها تشفق عليها فهي لحدّ الآن ثاني مدينة في موريتانيا من ناحية عدد السكان وللأسف الشديد فان طبيعة البني التحتية ، والخدمات الموجودة فيها تبين لك أنها مجرد قرية كبرى ، تتكدس فيها الأشياء والإنسان بشكل غير مطمئن ، وهو ما يتطلب إرادة من أبنائها ، والطموح إلى أن يتحقق أفضل من ذلك وعلى المواطن أن يتملك أمر مدينته فيقيم مفهوم المحاسبة ومفهوم المساءلة . وأن تتم عملية الاختيار اللاحق على بصيرة، تهدف أساسا إلى معرفة ما سيتحقق للمدينة ، على المستوى الاقتصادي ، على المستوى الثقافي فالمدينة كبيرة جدا وتستحق كل خير ، ومع ذلك فان حجم ما قدمه المنتخبون فيها قليل جدا بالمقارنة مع ما تستحق. ومن واجبكم كإعلاميين أن تقوموا بمساءلة المنتخبين واستقصاء أراء الناخبين الذين يرجع إليهم ، وهم منبع الشرعية ، . فالمنتخبون أجراء خدمة عمومية ، ومن الضروري مساءلتهم حول ادائهم و على الناخبين ، تملك قضايا مدينتهم ، وسعيهم الدائم إلى تنصيب الأصلح والأصوب ، لهذه الهيئات القيادية ، وإعمال مفهوم المساءلة والمحاسبة لما تحقق ، وما سيتحقق ، والانتخابات بصفة عامة هي فرصة العودة لمنبع الشرعية ، وفرصة إعراب المواطن عن قراره الحر السيد ، الذي لا ينبغي ان يراعي فيه غير المصلحة العمومية وان تكون بوصلته في ذلك مصلحة المدينة ، ؟ وكالة كيفه للأنباء : السيد الدكتور خلال مقابلة سابقة مع أحد منتخبي ولاية لعصابه قال بالحرف بأنه غير مدين للشعب بأية خدمة ، فانتصارنا يعتبرمكسبا في حد ذاته لأنه انتصار لمجموعتنا ، وان كل ما يطمح إليه مناصروه هو أن ينتصر ؟ ما تعليقكم ؟ الحسين ولد مدو : هذا المنتخب يقدم توصيفا لجزء من المشهد ، يتم فيه تفريغ العملية الانتخابية من جوهرها لتتحول إلى مجرد عملية تسطيح ، بمعنى أن نحول كل العرس الانتخابي إلى عرس كرنفالي وتنتهي العملية ، فنجهض الانتخابات كعودة إلى منبع الشرعية واختيار الأحسن إلى مجرد انتصار فصيل أو قبيل على فصيل أو قبيل آخر وهذا يتم فيه تقويض كل الأسس التي تنبني عليها الديمقراطية . فعندما تكون المدينة هي الهدف والغاية فلن تنفع التوجيهات القبلية ولا غيرها في اختيار المواطن الحر لما يريد أن يقدمه .ولكن عندما تكون المنطلقات غير ذلك سيكون ما يهم الناخب هو أن ينجح فلان ، أو القبيلة ، وبالتالي لا محاسبة ولا مساءلة للمنتخب لأنه محصن أصلا بحكم ميلاده . وبالتالي ينبغي التركيز على المنطلقات وهذا ما يجب أن يثقف به المواطن فيشعر بأن الانتخاب هو فرصة للعودة إلى منبع الشرعية والارادة الحرة ، فالصوت أمانة ، والخيارات أمانة ، ولا ينبغي أن تسيطر عليها الأبعاد التقليدية ، أو الأبعاد التي لا تخدم المصلحة الوطنية أو مصلحة المدينة . وفي ظل غياب عملية التثقيف الانتخابي الذي يجب أن تضطلع به الهيئات المجتمعية وهيئات اللجنة الوطنية للانتخابات سنظل نسير على نفس المنحى ونفس النهج ، وسيتم التغرير بالمواطنين وسيتم تحويل كل هذا الحدث إلى مجرد انتصار لفلان على فلان ، وما علينا إلا انتظار 04 سنوات أخرى لا نسائل فيها فردا ولا نطالب فيها بتحقيق أي شيء فغايتنا تحققت في البدء بالانتصار. ولكن ذلك يتعارض مع اللعبة الديمقراطية التي تقتضي تغليب المصلحة العامة وحسن اختيار المنتخب ، ومحاسبته ، وكلما انقضت مأمورية أحد المنتحبين وجدنا فرصة التغيير والتبديل ، فالمنتصر تصنعه إرادة الشعب لا إرادة القبيلة. وكالة كيفه للأنباء : كبار المثقفين في بلادنا من أكاديمين ، محامين ، صحافة ......إلخ حتى من الذين تلقوا تعليمهم في الغرب ، فور عودتهم للمدينة يركبون موجة القبيلة ، يتغنون بأمجادها ، يخطبون من منابرها ، ما أسباب هذا النكوص وهذه الردة ؟ الحسين ولد مدو : صحيح ، الأمر مسألة نظام ، فالمثقف عند عودته ولنفترض أنه عاد مشبعا بكل القيم التقدمية فسيجد أنه قد تم تجفيف كافة المنابع والمصادر ولم تبق إلا قناة واحدة هي النظام ، والنظام عن طريق المفهوم القبلي وبالتالي يضطر المثقف لأن يقف في صف القبيلة ، عندها يمكنك طرح السؤال أيهما يخدع الآخر النظام أم المثقف ؟ في هذه الحالة لا يصبح المثقف مثقفا عضويا وإنما مثقفا سلبيا مستلبا ، والمثقف المستلب غير العضوي أخطر بكثير من الجاهل لأنه سيوظف كل ثقافته ومهاراته في تكريس المزيد من غاياته وتبريرها ، وهنا أورد مثالا للدكتور عبد الله العروي يقول فيه إن مشكلة مثقفي العالم الثالث السلبيين شبيهة بالطبيب الذي توفده الدولة في منحة خارجية ليدرس فيتعلم فنون الطب ويتخرج طبيبيا متخصصا يعول عليه في علاج المرضي وتعزيز الوعي الصحي وتغيير العقليات ، وعند عودته الي بلاده ، يتوجه الطبيب ذاته للمشعوذين طلبا للعلاج من اول وعكة تلم به بينما كان من المفترض أن يكون هذا الطبيب او المثقف منقذ ومنور شعبه بادائه ، فيصبح عكس ذلك مثبطا ومشجعا للمواطن البسيط أن يسلك نفس الخطى . وبالتالي فإن المثقفين في كل بلد يتحملون جزء من المسؤولية سواء كان في مجال التحسيس ، أو الممارسة ، فعندما يندفع المثقف في التعلق بالقيم الرجعية في جوانبها السلبية ، مقوضا بذلك كل الأسس التي ينبغي أن تكون عليها الدولة الحديثة فإن المواطن العادي لا يجد مناصا من التشبث بها واعتبارها ملجأ وسندا وسلما وبالتالي تضيع الوطن وتضيع المؤسسات .أما إذا فهم كل مثقف دوره ووعى بأنه يخدم وطنا ، أو مدينة أو قرية ، فإن روح التشارك هذه – رغم ضخامة فاتورتها – مع مرور الوقت ستسهم في إشاعة روح تعاقدية تشاركية تشاروية أكثر تقدمية مما عليه الحال. . ان القبيلة في حد ذاتها ليست خطيئة ، وإنما إقحامها في العمل السياسي يقوض الأسس التي تنبني عليها الدولة المدنية. ، ويجب ان نفرق بين القبيلة ككائن اجتماعي له أهميته ، والقبلية التي تعتبر نوعا من الارتكاس والتراجع عن مسار دولة القانون والمواطنة. فالطريق القبلي نوع من تجميد إرادة الفرد ، وتثبيط لروح المبادرة ، وانتقاص من مفهوم الرشد في النظام الليبرالي. والقبيلة ككائن اجتماعي يتطلب التخلص منه إنضاج البدائل المجتمعية التي تخلفه ، من أحزاب سياسية وهيئات مجتمع مدني وغيرها وذلك ما يتطلب مسارا طويلا ، وعلى المثقف أن يقوم بدور فعال من أجل تحقيقه وخلق بدائله. وكالة كيفه للأنباء : كيف ترون مآلات الوضع السياسي في البلد في ظل التجاذبات بين المعارضة والنظام ، والتذبذب الحاصل في تاريخ تنظيم الانتخابات ؟ الحسين ولد مدو : أعتقد بأنه إذا استمرت الأمور على هذا النحو من السعي إلى التشاور خصوصا بعد مبادرة مسعود وتطمينات الرئيس بالنعمة ، اعتقد بأننا سنصل إلى انتخابات تشاركية .فالانتخابات لا تعني فقط توفير المسائل المادية على الرغم من انها لما تكتمل بعد ، الانتخابات هي نوع من المشاركة أو توسيع قاعدة المشاركة ، والمشاركة السياسية هي أكبر مطلب وأكبر مجسد لمفهوم مصداقية أية انتخابات ، تتذكرون في اتفاق داكار مثلا ، تم تنظيم انتخابات في اسبابيع لأن التوافق السياسي حصل وعندما يحصل التوافق السياسي يتم تقليص وتجاوز كل المعوقات الأخرى سواء كانت فنية أو مادية ، فالاتفاق أساس لأي انتخابات ذات مصداقية حتى ولو لم تكتمل الاجراءات الفنية ، المادية أو اللوجستية ،.لذلك توسيع عملية المشاركة السياسية ومشاركة مختلف الطيف السياسي في هذه العملية يعتبر أساسيا لمصداقيتها . أما أن تنظم انتخابات بلون واحد أو بطيف واحد فحتى ولو كانت أنزه ما يكون من ناحية الإجراءات الفنية فإنها ليست بذات مصداقية لأنك عمليا تبقي ما بين أربعين إلى خمسة وأربعين في المائة من الفاعلين أو من المنتخبين خارج الدائرة ، وستضطر لاحقا إلى حل المجالس التي تم التصويت عليها أو إنشاءها انطلاقا من انتخابات صحيحة فنيا ولكن غير ذات مصداقية لغياب المشاركة واعتقد أن الزعيم مسعود وخصوصا بعد تصريحات رئيس الجمهورية في النعمة أيضا ، أن ثمة نوعا من الاستعداد للتنازل ، أو تقديم عدة تنازلات من أجل ضمان مشاركة المنسقية ، وبمشاركة المنسقية نكون أمام انتخابات ذات مصداقية يشارك فيها كل الفاعلين ، وبغيابها سنكون أمام انتخابات منقوصة قد تستخدم في تسوية ظرف ملح ولكن سيتم حل الهيئات المنبثقة عنها . ويبدو في الأفق أننا أمام تأجيل ثان أو أمام تعجيل ثان ، أمام تأجيل ثان للانتخابات البلدية والنيابية بشهر أو شهرين ، اوأمام تعجيل ثان تعجيل الانتخابات الرئاسية ، وتأخير الانتخابات النيابية والبلدية . واعتقد أن المنسقية ستقدم ردودا في حدود الأحد القادم ، وينبغي أن لا نستعجل ، لأنه كلما كان المسيرنحو نوع من تنظيم الانتخابات بطريقة ذات مصداقية ومتشاور عليها وبمشاركة جميع الفاعلين كنا على الطريق الصحيح . لقد تم التأجيل لسنتين ، وليس هناك معنى لتعجيل انتخابات ليست لها مصداقية ، اعتقد أن الأمور تتجه نحو نوع من البحث عن انتخابات ذات مصداقية ،وليست مجرد انتخابات صحيحة فنيا ، وأعتقد أن الأسابيع المقبلة ستوّضح أكثر ما إذا كانت المنسقية ستطالب بتأجيل جديد ، للنيابيات والبلدية من شهر إلى شهرين ، وستطالب بضمانات أوسع من حيث تحييد المرفق العمومي ، وضرورة البحث دائما عن الآليات الكفيلة بالحؤول دون التماهي بين النظام ومفهوم الدولة في أجهزتها ، وأعتقد أن هذا سيكون محل النقاش في الأسابيع المقبلة ، وكل المؤشرات تدل على أننا نتجه نحو انتخابات تشاركية متى ؟ وكيف ؟ وأي انتخابات ؟ لاندري وغير محدد ،قد تكون بين دجمبر ويناير وقد نلجأ حتى إلى تعجيل انتخابات رئاسية في مايو والحملة ستكون في مارس وفي ذلك تعجيل وتأخير ولكن هذا كله بشرط التوافق ،وإن حصل التوافق سيتم التغاضي عن النواقص الفنية والنواقص المادية ، إن تمكنا من تجديد هذه الهيئات المنتهية الصلاحية سواء كانت برلمانية أو بلدية ، وإن تمكنا أيضا من وضع أسس عملية انتخابية ذات مصداقية يشارك فيها الجميع ويستمع فيها الجميع إلى صوت صناديق الاقتراع، أو حكم صناديق الاقتراع نكون قد طوينا مرحلة كبيرة من الاحتقان والاستقطاب ، ومعركة لي الأذرع بين السياسيين . وكالة كيفه للأنباء :السيد الدكتور ، من يحكم موريتانيا اليوم ؟ نظام عسكري أو حكم مدني ديمقراطي ؟ و ما رأيكم في انقلاب 2008 الذي أطاح بأول حكومة منتخبة ديمقراطيا ؟ الحسين ولد مدو : موريتانيا يحكمها رئيس منتخب من طرف الشعب الموريتاني ، في انتخابات إجراءاتها الفنية سليمة او متفق عليها ، وما قبل اجراءاتها الفنية يعاني من المشاكل البنيوية التي يعانيها النظام الانتخابي الموريتاني الذي لا يهتم إلا بمفردات العملية الانتخابية الفنية في حد ذاتها بمعنى يوم الاقتراع ، ولذلك أعتقد بأن عملية الإصلاح المقبلة سواء في المسار الانتخابي ، وسواء في أي حوار يمكن تدشينه بين المعارضة والنظام ينبغي ان تركز علي السعي الي التطبيع والتصالح مع مقتضيات ما قبل العملية الانتخابية لأنها هي المعيار اما الاقتصار علي نزاهة يوم الاقتراع فهو ما يسطح العملية الانتخابية ويجعل الفرد لا يعتبر الانتخابات فرصة لصناعة المنتصر بارادته بل مناسبة لانتهاز فرصة التصويت للأقوى ، لا يشعر المواطن العادي بأنه يصوت ليحدد المنتصر ، وكأن المنتصر مفارق و قد حدد من قبل، والناخب يضيف تبرئة للذمة ، صوته إلى هذا الطرف المنتصر لذا فالمسار الانتخابي يعاني من معوقات بنيوية لأنه لحد الآن لا نشرف ولا ننظم إلا العملية الانتخابية لحد ذاتها ، بمعنى يوم الاقتراع. ، أمّا ما قبل ذلك من توظيف للمال العام ووسائل الدّولة ، ومن عدم التكافؤ للفرص بين المرشحين فهذه أمور لازالت غائبة عن المسار الانتخابي بصفة عامة. في 2006 سعت اللجنة المستقلة للانتخابات قمنا بمحاولة وضع سقوف لعمليات التمويل الانتخابي ولكن للأسف تعذر ايجاد اليات فعلية للمتابعة . العملية لانتخابية ما قبلها و ما بعدها هي أمور لحدّ الآن غائبة أو مغيبة عن البحث ، ولها كبير تأثير وعظيم اثر على مجريات العملية الانتخابية والعملية الفنية. ما حدث 2008 هو انقلاب وقلناها في وقتها ،ويبدو أن الرئيس قالها مؤخرا في مدينة النعمة ، إنه انقلاب وينبغي أن يميز بذلك وهذه هي الميزات التي يعاني منها المثقف ، وهو تداخل الفعل السياسي مع الفعل القانوني أو الفعل المعياري ، الفعل السياسي لا وجود لانقلاب جيد أو انقلاب سيء الانقلاب نوع من الرّدة في العمل السياسي ، وهو نوع من تحكم قانون الغاب ، نوع من السيطرة سواء ما حدث في موريتانيا ، وما حدث في مصر ، هو نوع من الخروج على المعيارية والارتداد السياسي ، كلّ الانقلابات سيئة لأنها خروج عن المنطق العادي للأشياء ، انّ إرادة الشعب يعبر عنها عن طريق صناديق الاقتراع ، وللأسف الشديد فإننا في موريتانيا نعاني من درجة عدم استقرار غير مسبوق في المسار السياسي وأزمة كبيرة ليس في المسار السياسي فحسب وإنما على مستوى التنمية ولك أن تتصور انه من سنة 2005 حتى 2009 كنا أمام أربعة رؤساء أو خمس ، معاوية كان هنا مع بدايات 2005 ثم أعلي ــ فسيدي ــ با امباري ــ عزيز الأول ــ عزيز الثاني هؤلاء كلهم في اربع سنوات وهذا ما شكل فوضى عارمة تنعكس سلبا على التنمية ، التي لا يمكن تحقيقها إلاّ بالاستقرار السياسي الكافي لها ، فتحصيل الموارد وإعداد الخطط يتطلب سنينا ، وعلى غير ذلك، لذلك تم اختزل الأمر كله على التنافس الكرسي ، بينما تاتي اللعبة الديمقراطية أصلا تأتي لتوفر على الآخرين هذا الصراع على السلطة ، الذي دفع ملايين من البشر أن يقدموا دماءهم وأموالهم أن يوفروا الوقت والجهد ، بينما نحن دائما على توتر على مستوى مركز الرئيس ، بينما في الديمقراطية الحديثة تكون الدّولة محل الاقتصاد الأول والفاعل السياسي الأول ، وبالتالي كلما شهدنا فتورا أو تباطئا أو صراعا على كرسي الرئاسة كلما تباطأت التنمية.وضاعت . ان أغلب البنى التحتية الموجودة الآن شيدت في عهد الرئيسين المختار ولد داداه أو في عهد معاوية ولد سيد أحمد ولد الطايع وذلك بالاساس عائد لعامل الاستقرار الذي شهدته الفترات ، بدون استقرار لا توجد تنمية ، والاستقرار أول ما يبدأ يبدأ بسدة الحكم ، ونحن للأسف أكبر نموذج لعدم الاستقرار في السنوات الماضية . وكالة كيفة للأنباء : هل ينتمي د/ الحسين ولد مدّو إلى حزب سياسي معين ، وإذا كان الجواب بالنفي هل لنا أن نتعرف على هويته، إسلامي ، ليبرالي ، قومي ، يساري ؟ الحسين ولد مدو : أحبذ أن تصفني بأني وطني فقط ، فأنا لم يسبق لي أن انتميت لأي حزب سياسي ، أمّا في المراحل الانتخابية السابقة فقد أقرر التصويت لفلان أو علان وهذا حق طبيعي ، ولكل فرد أن يدلي بصوته سواء كانت بلدية ، برلمانية ، رئاسية . ولكني لم أنتم لحزب سياسي ،وعدم الانتماء لأي حزب سياسي يمنحك نظرة من الخارج للعمل السياسي بصفة عامة وللفاعلين ، ولكنه يحرمك بكل تاكيد من ممارسة العمل السياسي وإن كان لابد من وصف فإنني أعتز أن أوصف بالوطني ، وآمل دائما أن يستحضر المثقف بأن لوطنه عليه حقا ، ، وأن يبذل قدر جهده من أجل تعزيز مفهوم الدّولة الوطنية ومفهوم الانتماء لهذا الوطن . ورغم المثبطات ، وغياب المحفزات على ذلك فقدره أن يعمل كذلك و ، أن يبشر بمجتمع يتعايش أبناؤه ويتساكن مواطنوه بكل سلم وطمانينة ، وكالة كيفة للأنباء : بما تنصحون سكان مدينة كيفه سواء كانوا مواطنين عاديين أو فاعلين سياسيين أو مثقفين ؟ الحسين ولد مدو : في مفهوم الدّور كل له نصائحه الخاصة التي يختص بها ، ولست مؤهلا لتقديمها ولاانا في موقف النصح ولا مرتبة الرشد، وما يمكن أن أقوله كمراقب للمدينة ، لا أقول مهتم وإنما متطلع إلى أن تتطور وتتقدم ، هو أنه على كل مناّ أن يبذل جهده و الدور المسند له بكل إخلاص وتفان ووطنية و أن يشعر بأن لديه عقد مع مرؤوسيه أو منتخبيه أو مع الرأي العام عليه أن يفي به . أجرى المقابلة الشيخ ولد أحمد / الداه ولد شيخنا نقلا عن وكالة كيفه للأنباء |