الأناضول: توقّع مفكّر سياسي فلسطيني، أن تعود العلاقات بين حركة “حماس″ وإيران إلى طبيعتها بشكل شبه كامل، في ظل خارطة التحالفات السياسية الجديدة التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط بعد أحداث مصر، التي أسفرت عن عزل الرئيس المصري محمد مرسي،
وتشديد الحصار على قطاع غزة.
وقال أحمد يوسف، رئيس معهد “بيت الحكمة للاستشارات وحل النزاعات” (غير حكومي)، بغزة إن “أحداث مصر شكلت صدمة للكثير من شعوب المنطقة التي كانت تعلق آمالاً كبيرة على الثورات العربية للانتقال لمربع الديمقراطية”. وأضاف يوسف في حوار مع مراسل وكالة الأناضول للأنباء: “هناك خارطة تحالفات سياسية جديدة بدأت تتشكل في منطقة الشرق الأوسط، تتكون من محورين، الأول يمثله مصر والسعودية والإمارات، والثاني يمثله تركيا وقطر، بدعم من جماعة الإخوان المسلمين بجميع تياراتها الموجودة في معظم دول المنطقة وفي دول أوروبا أيضا”.
وأوضح أن المحور الأول يرفض التحول الديمقراطي، ويسعى للحفاظ على حكم الدولة العميقة، بينما يسعى المحور الثاني إلى التحول الديمقراطي في المنطقة، وهو ما تخشاه الكثير من الدول الخليجية.
وفي سياق متصل، توقع الخبير السياسي أن تعود العلاقات بين حركة “حماس″ والجمهورية الإسلامية الإيرانية، إلى سابق عهدها، في ظل خارطة التحالفات السياسية الجديدة في الشرق الأوسط. وقال: “أتوقع أن تكون إيران عادت لدعم حركة حماس مالياً، وإن كان هذا الأمر تم على فترات متقطعة، بخلاف ما كان عليه الأمر قبل تجميد إيران لعلاقاتها مع الحركة، حيث كان الدعم متواصلاً”.
وكان المتحدث باسم حركة “حماس″ فوزي برهوم قد كشف في حديث سابق لمراسل “الأناضول” عن وجود تحسن مستمر في علاقة الحركة مع إيران. وقال برهوم:” الفترة المقبلة ستشهد المزيد من التقارب، وتحسّنا في العلاقات الاستراتيجية مع الجمهورية الإيرانية”.
وذكر علي لاريجاني، رئيس مجلس الشورى الإسلامي الإيراني، في تصريحات صحفية سابقة أن علاقات بلاده مع حركة حماس “عادت كالسابق، وأنها تتلقي الدعم على اعتبار أنها تيار مقاوم”.
وعلى مدار سنوات عديدة، أقامت “حماس″ علاقات قوية مع النظامين الإيراني، والسوري، ضمن ما كان يعرف قبيل اندلاع ثورات الربيع العربي، بـ “محور الممانعة”، في مقابل “محور الاعتدال” الذي كان يضم مصر (في عهد الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك)، والسعودية والإمارات، والأردن.
ولكن اندلاع الثورة السورية، ورفض “حماس″ تأييد نظام بشار الأسد، وتّر العلاقات بينهم، إلى أن وصلت لقطيعة تامة بين “حماس″ وسوريا، وشبه قطيعة بينها وبين إيران، وحليفها “حزب الله” اللبناني. وفي سياق آخر، أوضح يوسف أن الفلسطينيين كانوا يأملون أن تتغير خارطة المنطقة العربية، من خلال قيادة الإسلاميين في مصر وتونس واليمن، وأن يكون هناك رصيد كبير للقضية الفلسطينية لدى الأنظمة العربية الجديدة، لكن ما حدث في مصر غير المعادلة بشكل كبير. وأشار إلى أن تجميد العلاقات بين مصر وحركة “حماس″، وحكم حظر الحركة، وأخيراً قطع الاتصال معها بشكل كامل، شكّل صدمة للجميع، فلم يتوقع أحد أن تعادي مصر تنظيماً فلسطينياً يقاوم إسرائيل، حسب قوله.
ولفت أحمد يوسف إلى أن حركة حماس، تبذل جهودا من خلال بعض الدول مثل تركيا وقطر وإيران، وبعض دول شمال إفريقيا المتعاطفة مع القضية الفلسطنيية لمحاولة التقليل من الضغوطات التي تتراكم عليها يومياً، وللتخفيف من حالة الاحتقان بينها وبين الجانب المصري التي نتج عنها تشديد الحصار على قطاع غزة.
ومنذ عزل الرئيس المصري السابق محمد مرسي في يوليو/ تموز الماضي تغلق السلطات المصرية معبر رفح البري بشكل شبه كامل وتفتحه على فترات متباعدة بشكل جزئي لسفر الحالات الإنسانية فقط. وتتهم السلطات المصرية، حركة “حماس″، التي تدير قطاع غزة، بالتدخل في الشأن الداخلي المصري والمشاركة في تنفيذ “عمليات إرهابية وتفجيرات” في مصر، وهو ما تنفيه الحركة بشكل مستمر. وأصدرت محكمة “الأمور المستعجلة”، بالقاهرة، مطلع شهر مارس/آذار الجاري، حكما قابلا للطعن، بوقف نشاط حركة “حماس″، داخل مصر، وحظر أنشطتها بالكامل، والتحفظ علي مقراتها داخل بمصر.
وفيما يتعلق بالتصعيد العسكري الأخير في قطاع غزة، قال يوسف: إن “كافة الخيارات مفتوحة أمام إسرائيل والمقاومة في قطاع غزة، فمن الممكن أن يوجه الجيش الإسرائيلي مجدداً ضربة عسكرية جديدة للقطاع″. لكن إسرائيل تفضل استمرار حالة الهدوء الموجودة، لأن ذلك سيوفر لها الظروف لاستمرار الاستيطان في الضفة الغربية وتهويد مدينة القدس، كما قال.
وأشار أحمد يوسف إلى أن إسرائيل لا ترغب في توجيه ضربة عسكرية جديدة لغزة، حتى لا تجعل الشعوب العربية تتفاعل مجدداً مع الحالة الفلسطينية في قطاع غزة، بالإضافة إلى اعتقادها أن تشديد الحصار على غزة، سيكون له تأثيرات على المقاومة الفلسطينية أكبر من تلك التأثيرات التي تحدثها الحرب.
وفي موضوع آخر، توقع المراقب للشؤون الفلسطينية أن يتم تمديد المفاوضات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، إذا ما استجابت الأخيرة لشروط الرئيس محمود عباس المتعلقة بتجميد الاستيطان بالضفة الغربية، والإفراج عن بعض المعتقلين مثل الأمين العام للجبهة الشعبية أحمد سعدات، والقيادي في “فتح” مروان البرغوثي. واستبعد أن يستجيب الرئيس عباس للضغوط الأمريكية المتعلقة بالاعتراف بيهودية الدولة ومدينة القدس، والحدود، قائلاً :”لا أتوقع أن ينهي عباس حياته باتهامات بالخيانة والعمالة (..) أنا واثق من أن عباس لن يقدم أي تنازلات تلقى رفضاً في الشارع الفلسطيني وبين فصائل العمل الوطني الفلسطيني”.
وأوضح يوسف أن السيناريو المحتمل هو “استمرار المفاوضات، ولكن بعد الاستجابة لشروط السلطة الفلسطينية المتعلقة بالاستيطان والأسرى”.
ورأى أن “عدم الاستجابة لشروط السلطة، ستدفع الرئيس عباس للتوجه إلى الأمم المتحدة وربما رفع قضايا في محكمة الجنايات الدولية ضد إسرائيل”. والتقى الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، منتصف الشهر الجاري، الرئيس الأمريكي باراك أوباما، في البيت الأبيض، دون الإعلان عن نتائج محددة للقاء.
واستأنف الجانبان، الفلسطيني والإسرائيلي، أواخر يوليو/ تموز من العام الماضي، مفاوضات السلام، برعاية أمريكية، بعد انقطاع دام ثلاثة أعوام، على أمل إبرام اتفاقية سلام نهائية خلال تسعة أشهر من المقرر أن تنتهي أواخر الشهر المقبل.
وحتى اليوم، لم يتم الإعلان عن نتائج لتلك المفاوضات التي تتمحور حول قضايا الحل الدائم، وأبرزها الحدود، والمستوطنات، والقدس، وحق العودة للاجئين.
وفي موضوع منفصل، أكد يوسف أن التراشقات الإعلامية والاتهامات التي تبادلها كل من الرئيس عباس والقيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان تسيء بشكل كبير للشعب الفلسطيني في الشارع العربي.
وقال إن “توقيت مثل هذه الاتهامات بعيد عن الحكمة فالقضية الفلسطينية تمر بمرحلة خطيرة جداً حيث يشتد الحصار على قطاع غزة، ويتعرض الرئيس عباس لضغوط من قبل إسرائيل والولايات المتحدة فيما يتعلق بالمفاوضات”.
وتوقع يوسف أن يتدخل “العقلاء في حركة فتح لإنهاء الأزمة بين عباس ودحلان ووضع حد لمثل هذه المهاترات”، كما قال.
وشن دحلان، في 13 مارس/آذار الجاري، هجومًا حادا على عباس، ردًا على وابل من الاتهامات وجهه إليه الأخير خلال كلمة ألقاها أمام المجلس الثوري لحركة فتح، وقال دحلان، في تصريحات لفضائية خاصة، إن الرئيس “شخص مطعون في وطنيّته”.
ومجيبا على اتهامه في اغتيال الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، قال دحلان إن “حارسًا شخصيًا للرئيس الراحل كان متهمًا رئيسيًا بقضية اغتياله، وقد اعتقل وخضع للتحقيق، لكن الرئيس عباس أفرج عنه وقام بتهريبه للخارج”.
وكان عباس قد شن، بداية الشهر الجاري، هجوما غير مسبوق على دحلان، وحمله المسؤولية عن عدد من الاغتيالات، وتحدث عن دور له في اغتيال عرفات.
|