هل أخطأت معارضة موريتانيا بمقاطعة الانتخابات؟ |
الثلاثاء, 17 يونيو 2014 11:17 |
مع قرب انتهاء الحملة الانتخابية للرئاسيات الموريتانية المقررة يوم 21 من الشهر الحالي، عاد الجدل مجددا حول مدى حكمة قرار مقاطعة الانتخابات الذي اتخذه جزء كبير من المعارضة ممثلا في المنتدى الوطني الديمقراطي. وبينما يرى المقاطعون للانتخابات الرئاسية أن سير الأحداث كشف صواب موقفهم، يؤكد المؤيدون أن قرار المقاطعة جاء فقط لخدمة أجندات ذاتية، ومحاولة لعرقلة انتخابات يدرك هؤلاء أنهم لن يفوزوا بها. ويقول القيادي بالمنتدى ورئيس حزب الاتحاد والتغيير الموريتاني، حاتم صالح ولد حننا، إن قرار المقاطعة اتخذ وفق بعض الإجراءات الموضوعية وهو غياب الحد الأدنى الذي يجعلها ذات مصداقية أو شفافة ونزيهة. وأضاف -في تصريح للجزيرة نت- أنه من خلال التقييم النهائي للعملية الانتخابية والهيئات المشرفة على تنظيمها ودور السلطة فيها، تأكد لديهم أنها ليست انتخابات وإنما مسرحية محددة النتائج سلفا ولا تتمتع بأي مصداقية ولا تتوفر فيها أدنى شروط الشفافية. ويؤكد ولد حننا أن قرار المقاطعة كان صائبا، مستدلا بذلك على أن بعض الأحزاب التي شاركت في الانتخابات البلدية والنيابية -التي قاطعها حزبه- تشارك الآن في المقاطعة بناء على تجربتها السابقة في تلك الانتخابات التي تأكد لديها أن المشاركة فيها "جريمة ضد إرادة الشعب". وشدد على أن النظام أدرك من خلال التجارب الانتخابية في دول الربيع العربي أن تنظيم انتخابات توفر الحد الأدنى من شروط الشفافية والنزاهة سيؤدي حتما إلى هزيمته، لذلك هو لا يُريد الدخول في مغامرة من هذا النوع.
أجندات ذاتية في المقابل، يرى رئيس حزب الكرامة المنتمي لكتلة أحزاب الأغلبية (الموالاة) شيخنا ولد حجبو أن النظام والأحزاب المشاركة من المعارضة لم تدخر أي جهد في محاولة إثناء المقاطعين عن قرارهم، وإقناعهم بضرورة المشاركة في المسار الديمقراطي. وأضاف -في حديث للجزيرة نت- أن هناك من المعارضين من يقاطع لأجندات ذاتية وليس حرصا على ديمقراطية الانتخابات, وقال إن بعض وجوه المعارضة التقليدية يفكرون في مغادرة المسرح السياسي واختاروا المغادرة وهم معارضون لا موالون لأجندات تخصهم. وأشار ولد حجبو إلى أن عددا من المقاطعين شاركوا في الانتخابات البلدية والنيابية الماضية لكنهم اختاروا المقاطعة هذه المرة لظروف إقليمية وعالمية، بينما قاطع البعض الآخر لكي يُحافظ على مكاسب معينة لأنه متأكد من عدم حصوله على نتيجة تُذكر. وشدد رئيس حزب الكرامة على أنه كان لابد من المضي قدما نحو تنظيم الانتخابات وحتى وإن قرر فصيل من المعارضة مقاطعتها لأن مسار التنمية يجب ألا يتوقف، كما أن تأجيل الانتخابات يشجع على عدم احترام مؤسسات الدولة ودستور البلاد، وهو ما لا يساعد على تقدم العملية الديمقراطية.
حجج معقولة وبعيدا عن قطبي النزاع، يرى المحلل السياسي ومدير موقع أقلام حرة الإلكتروني، رياض ولد أحمد الهادي حيل، أن حجج كل من المعارضة المقاطعة والنظام لا تخلو من بعض الوجاهة فيما يخص ظروف استحقاقات الانتخابات الرئاسية. ويتابع أن الانتخابات يجب ألا تكون غاية في حد ذاتها أو عملية ميكانيكية جامدة بل آلية يحتكم إليها الفرقاء السياسيون، وتوفر فرصا للتناوب السلمي للسلطة حين تكون تلك الانتخابات مستوفية معايير وضمانات الشفافية. وهذا ما ليس متوفرا في هذه الانتخابات من عدة أوجه، من بينها ضعف مصداقية اللجنة المستقلة للانتخابات المشرفة عليها والتي أجمع كافة الفرقاء السياسيين على ضعف كفاءتها وانحيازها خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة، وانخراط أعضاء الحكومة وكبار القادة العسكريين في التعبئة لصالح الرئيس المنتهية ولايته محمد ولد عبد العزيز، وبالتالي يمكن تفهم رفض المعارضة المشاركة في انتخابات تجري في مثل هذه الظروف. في المقابل، يفرض الدستور انتخاب رئيس جديد قبل شهر من انتهاء مأمورية الرئيس المنصرف، وهو ما شكل- وفق ولد أحمد الهادي- عامل ضغط على النظام الذي يخشى من استدراج معارضيه إلى تأجيل الانتخابات ليجد نفسه فاقد الشرعية بحلول السادس من أغسطس/آب، بعد شغور المنصب دستوريا، وهو ما قد توظفه المعارضة للمطالبة بإعلان شغور المنصب ويمثل إحراجا للرئيس. ويختم بأنه بقطع النظر عن حجج أي من الطرفين، فإن الانتخابات الرئاسية لن تفضي إلا إلى مزيد من تكريس الأزمة السياسية والاجتماعية التي تعرفها البلاد منذ أكثر من خمس سنوات، بعد فشل جولات الحوار في تخفيف التوتر السياسي بين النظام والمعارضة الراديكالية.
المصدر : الجزيرة |