"حركة البْرْتُوشِيِّين".. مغاربة يبحثون عن مكان للجنس دون تضييق |
الاثنين, 07 أكتوبر 2013 14:13 |
تواصل حركات شبابية على شبكات التواصل الاجتماعي في المغرب مطالبتها بـ"الحرية الجنسية" لكل شخص، فرغم سجن المدون محمد سقراط الذي كان وراء إنشاء صفحة "حركة لكل البْرْتُوشْيين" العام الماضي، إلا أن حركات أخرى كثيرة تواصل المسيرة. وتعني كلمة"البْرْتُوشْ" في الدارجة المغربية غرفة بسيطة لقضاء لحظات جنسية خارج إطار الزواج ولشرب الكحول وتدخين الممنوعات.
عندما تم اعتقال المدون محمد سقراط في ماي من السنة الماضية، تتذكر الأغلبية التهم الذي وُجّهت له بالاتجار في المخدرات، والكثيرون يتذكرون تلك المنشورات المثيرة للجدل التي كان ينشرها على صفحته بـ"فايسبوك"، إلا أن القلة من تعرف، أن ذلك المدون الذي كان قانونه الوحيد هو خرق كل القوانين المُقيّدة لحريته، كان من المؤسسين لحركة، ربما لم تجد ما كانت تتوقعه من اهتمام، اسمها "حركة لكل البْرْتُوشْيين". كلمة"البْرْتُوشْ" في الدارجة المغربية لا تحمل الكثير من التأويل حتى وإذا لم تكن مُتداولة بالشكل المعروف. المعنى يتأرجح بين غرفة بسيطة أو حتى شقة صغيرة، لا يعلم بها العامة، ومخصصة لأهداف محددة: قضاء لحظات جنسية خارج إطار الزواج، شرب الكحول، تدخين الممنوعات..وغيرها مما تراه الدولة خرقا لقوانينها. ولو أن الهدف الأول المتعلق بممارسة الحرية الجنسية هو الشائع بشكل واسع لدى الباحثين عن "بْرْتُوشْ". ورغم رحيل سقراط إلى السجون، إلا أن الحركة "البرتوشية" لم تنته بغيابه، بل استمرت وتجسدت في مجموعة من المجموعات الفايسبوكية، من بينها واحدة تحمل نفس فكرته "حركة لكل البرتوشيين" إسوة بحركة أخرى تمتح من المجال السياسي اسمها "حركة لكل الديمقراطيين"، إلا أن الفارق شاسع بين حركة سقراط وحركة الهمة، حيث تحدد الأولى أهدافها بدقة على فيس بوك:" إن أول وأهم أهدافنا هي دمقرطة الأورجازم: الدين لله والأورجازم للجميع ، البرتوش هدف مواطناتي، ومن أجل مواطن سعيد، نُهيب بالدولة مساعدة الشباب في تحقيق مشروع 2012: برتوش لكل مواطن. إن تمويل المشروع سيُمكّن الدولة من محاربة التطرف والاغتصاب وجنس المحارم والاعتداء على الأطفال، لأن التوازن الجنسي هو أصل المواطن المستقيم والسعيد وعوض صرف مبالغ طائلة على العلاج (السجون والبوليس والهراوات والقنابل المسيلة للدموع)، نطالب الدولة بالاستثمار في الوقاية أي البرتوش". "أغلب الأفكار الناجحة بدأت كأفكار مجنونة أو ساخرة" هكذا يقول موحا، صديق سقراط، وشريكه في الفكرة، مؤكدا لهسبريس أن المجموعة أتت كفكرة لرفع الحاجب عما يقوم به أغلب الشباب المغاربة وكثيرا ما يرفضون الاعتراف به، مشيرا إلى أنهم سيستمرون في نضالهم الافتراضي في مواجهة العقلية المحافظة، سلاحهم في ذلك ما تشرّبوه من العقلية الغربية التي تُقدّس الحرية الفردية بعد أن تخلصت من الطابوهات، وهو ما أهلّها في نظره لمواجهة تحديات أعمق، مناديا بضرورة فتح نقاش جاد حول مسألة الحرية الجنسية، ولما لا إدراجها في المقررات الدراسية. حليمة لخديم، واحدة من النشطاء داخل هذه المجموعة، وطالبة بشعبة الفلسفة، صرّحت لهسبريس بأن الحركة ليست مجرد نكتة فارغة المعنى، بل تهدف إلى رفع السرية عن كل ممارساتنا اليومية المرتبطة في عمقها بالجنس، وهي تندرج كخطوة في اتجاه ترسيخ مفهوم الحريات الفردية بالمغرب. مردفة بأن اختيارهم لمفهوم الأورجازم في التعريف وليس الجنس، يعود لرغبتهم التفريق بين احتكار العملية الجنسية من طرف الرجل فيما يتخلص ب"القذف" وممارسة الحب الذي يتجسد في الأورجازم الحافل بالتأثيرات الإيجابية على نفسية الإنسان. معترفة بأن الدولة لن تستجيب لمطالبهم وهي التي تتراجع فيها الحريات الفردية، وهو ما لا يمنع حركتهم من المقاومة ما داموا، كمجموعة من الشباب، تضيف حليمة، يؤمنون بالإنسان الكوني و الشمولي، والذي يتمظهر في الدفاع عن حق الجميع في الحرية، وفي العيش من خلال خلق مثل هذه المجموعات الطابوهات التي تأبى هيمنة المد الديني غير القابل لمثل هذه القناعات، على حد تعبيرها. من المتأثرين كذلك بالفكرة، أنور الأكحل، طالب صحافي، الذي يشير بأنه مادامت الدولة عاجزة عن توفير عيش كريم للأغلبية الساحقة، ومادام معظم الشباب لا يستطيعون الزواج وتكوين أسرة، فالحل إذن في نظره هو "التبرتيش". ويُعدد أنور منافع هذا الحل قائلا:" العلاقات الإنسانية ستتقوى، وهي حاجة بيولوجية وروحية. الخروج من بوثقة الكبث الاجتماعي والروحي والعاطفي سيجعلنا ننفتح عن عوالم أخرى من التفكير والانفتاح والتحرر، وسنسير في إطار التفكير الجماعي وصُنع خريطة ذهنية جديدة تتجاوز حدود التكتم والتستر وتكسير الطابوهات وحاجز الصمت". وزاد أنور أن التحرر الذي يدّعيه المغرب، وتتماشي معه التوجهات الدولية وخاصة اتفاقيات حقوق الانسان التي وقع عليها، يُعتبر "التبرتيش" من أولوياته، مشيرا إلى ازدواجية في الخطاب الرسمي للدولة بين توفير الظروف المناسبة للسياح الأجانب من أجل ممارسة الجنس بحرية تامة، بينما تُضيّق الخناق على أبناءها وطلبة جامعاتها. مستطردا بأن الدولة تشجع الدعارة وتطارد الحالمين والعشاق الذين يمارسون حقا طبيعيا بريئا في الحدائق والاماكن العمومية. منهيا حديثه لهسبريس بأن العقلية المُحافظة هي أصل المشكل، خاصة لمّا تخلط كثيرا بين "التبرتيش" والدعارة التي أكد أنه ضد جميع أشكالها وأنواعها. -------------------- فرانس 24 |