علنت اجهزة الشرطة في عدد من الدول الاوروبية تلقيها عشرات الشكاوى من اعتداءات تحرش جنسية جماعية، شملت حالتي اغتصاب، وسرقات ضد نساء اثناء مشاركتهن في الاحتفالات برأس السنة الجديدة. واشارت مصادر متطابقة الى ان بعض المتهمين هم من طالبي اللجوء وينتمون الى بلاد في الشرق الاوسط وشمال افريقيا.
وكأنها «غزوة» متفق عليها ضد نساء «بلاد الكفار» التي استقبلت مئات الآلاف من اللاجئين، بعد ان صدهم ابناء جلدتهم، واخوانهم في العقيدة و»المصير المشترك»، كما كانوا يتغنون في الماضي.
فمن كولونيا الى هامبورغ ومدن المانية اخرى ومرورا بالنمسا وسويسرا والسويد وانتهاء بفنلندا الهادئة المسالمة في اقصى شمال اوروبا، تكررت الروايات نفسها في البلاغات للشرطة حول «رجال داكني البشرة او ذوي ملامح عربية وشمال افريقية» يحاصرون النساء ويقومون بالتحرش بهن وربما سرقتهن ايضا مستغلين التكدس البشري الهائل اثناء الاحتفالات.
وسرعان ما ربطت الاجهزة الامنية في تلك الدول حدوث هذه الجرائم بفتح الحدود امام طالبي اللجوء. وقالت ايلكا كوزكيماكي مساعدة قائد الشرطة «لم تشهد ليلة رأس السنة العام الفائت حالات تحرش مماثلة ولا اي مناسبة اخرى (…) انها ظاهرة جديدة تماما في هلسنكي».
وقال متحدث باسم وزارة الداخلية الالمانية ان الشرطة الفدرالية تحقق بشأن 31 شخصا، منهم المانيان وتسعة جزائريين وثمانية مغاربة واربعة سوريين وخمسة ايرانيين وعراقي وصربي.
وبالطبع فقد جاءت النتيجة المتوقعة لهكذا جرائم دون تأخير، على صعيد تسريع اجراءات الترحيل، اذ اعلنت المستشارة انغيلا ميركل التي كانت قررت استقبال مليون لاجئ العام الماضي « انه تم القيام بكل ما يلزم بشأن اجراءات الترحيل لتوجيه رسالة واضحة لكل من لا يرغب باحترام قوانيننا».
وبدا ان الحزب الاشتراكي الديمقراطي يذهب في هذا الاتجاه كذلك بعد ان كان يبدي تحفظا ازاء تشديد اجراءات الترحيل. وقال رئيسه سيغمار غابرييل لصحيفة «بيلد» «علينا ان ندرس كل الامكانات المتاحة بموجب القانون الدولي حتى نتمكن من ترحيل طالبي اللجوء المجرمين الى بلادهم».
واضطرت الحكومة الالمانية الى تنحية قائد شرطة كولونيا امس بعد انتقادات غاضبة لتقاعسه عن التحرك بسرعة ضد المتهمين بالتحرش، ما يشير الى اتجاه لن يقتصرعلى المانيا لاتخاذ اجراءات حاسمة بشأن ملف طالبي اللجوء بشكل عام.
يا لها من اخبار سارة لاحزاب اليمين المتطرف في انحاء اوروبا. هل تسمعون اصواتهم المتشفية: الم نقل لكم انه من الخطأ فتح الحدود امامهم؟
نعم تستطيع قلة من العرب والمسلمين لا تعرف معنى للقيم او الاخلاق، ولا يتجاوز عددها العشرات او حتى المئات، ان تلطخ صورة مئات الآلاف من طالبي اللجوء وان تتسبب في اعادة كثيرين منهم الى الجحيم الذين فروا منه. بل وتستطيع ان تفاقم كذلك معاناة ملايين المسلمين المقيمين اصلا في اوروبا ، وكأن الآثار الكارثية للجرائم الارهابية التي قام بها تنظيم «الدولة» العام الماضي لم تكن كافية.
ومع انتشار اخبار التحرش الجنسي غير المألوفة على الصفحات الاولى لاهم الصحف الاوروبية، تتكرس صورة تقليدية كريهة طالما ناضل العرب والمسلمون للتخلص منها: العربي الهمجي او البربري الذي لا يرى في المرأة اكثر من «هدف جنسي للاستمتاع القسري».
واذا كان المسلمون في كل مكان يغضبون عن حق ازاء مثل هذه الجرائم التي تشكل اساءة بالغة لهم وللإسلام تفوق كثيرا رسوما سخيفة هنا او مقالات تافهة هناك، فكيف الحال باولئك الاوروبيين الذين لا يتحدثون لغتنا ولا يفهمون ثقافتنا اصلا، وتنهال عليهم انباء الهجمات الارهابية المروعة، وعمليات السبي والحرق والخطف، ثم التحرش، وجميعها تحدث على ايدي اناس محسوبين على الاسلام؟
وبالطبع فانه لا يوجد ما يمكن ان يبرر التطرف اليميني او الاسلاموفوبيا، لكن في الوقت نفسه كيف نتوقع موضوعيا من اولئك الاوروبيين ان يروا صورتنا وسط هذه الاجواء المسمومة، وكيف يمكن ان يفرقوا بين المعتدلين والمتطرفين والارهاببين منا؟
للأسف لقد اصبحت اغلبية المسلمين ضحايا لبعض المحسوبين على الاسلام ، لكنهم في الحقيقة اشد الناس عداوة له وخطرا عليه.
رأي القدس