هناك قلة من الناس ممن تتسبب أسماؤهم في إرباك تام لمواقع الإنترنت التي يزورونها، فيعانون الكثير عند زيارتهم لتلك المواقع. لماذا يحصل ذلك؟
قبل أن تتزوج جنيفر نَلّ (Null)، حذرها خطيبها قبل الزواج بأن حمل لقبه قد يسبب لها أحياناً بعض الإحباطات في حياتها اليومية. كانت تعلم ما هو متوقع، وعلى كل حال، كانت عائلته تلقي النكات حول هذا الموضوع بين الفينة والأخرى. لكن المشاكل قد بدأ بالفعل فور انتهاء حفلة الزفاف.
"انتقلنا للعيش سوية فور الزواج تقريباً، لذا حصل المتوقع عملياً عندما غيّرت لقبي لأحمل لقبه، عندما اشترينا تذاكر السفر بالطائرة"، كما تقول نَلّ.
عندما تحاول نلّ شراء تذكرة سفر بالطائرة على مواقع الإنترنت، تجيب أكثرها بوقوع خطأ ما. وتخبرها هذه المواقع أنها لم تملأ حقل لقب العائلة وتطلب منها أن تحاول مرة ثانية.
بدلاً من ذلك، توجب عليها الاتصال هاتفياً بشركة خطوط الطيران لحجز التذاكر، لكن ذلك لم يضع حداً للمضايقات. وتقول: "عندما يسألونني عن سبب اتصالي وأشرح لهم ما حصل، يقولون لي ’لا يمكن أن يكون ذلك صحيحاً‘".
أما بالنسبة لأي مبرمج لتطبيقات الكمبيوتر، فإنه من السهل أن نرى لماذا تتسبب كلمة "نلّ" في إثارة المشاكل لأيٍّ من برامج قواعد البيانات. يكمن السبب في أن كلمة "نلّ" (وتعني "فراغ" أو "لا شيء") غالباً ما تُدخل في حقول البيانات للدلالة على عدم وجود أية بيانات في ذلك الحقل.
ومرة بعد أخرى، يتوجب على القائمين على إدارة منظومات البرامج أن يحاولوا إيجاد حل لمشكلة الناس الذين يحملون حقاً لقب "نلّ" – لكن المشكلة نادرة وأحياناً يصعب، وبغرابة، حلها.
بالنسبة للسيدة نلّ، وهي أمٌّ دائمة الانشغال بأمور البيت وتعيش جنوبي ولاية فرجينيا الأمريكية، فإن ما يثبط عزيمتها لا يقتصر على حجوزات تذاكر الطائرات. فعلى سبيل المثال لا الحصر، كان لها نصيبها من المشاكل عند إدخال المعلومات الخاصة بها في موقع حكومي على الإنترنت يخص ضريبة الدخل.
فعندما حاولت وزوجها الإقامة في مدينة جديدة، واجهتهما مصاعب عند ترتيب الإجراءات اللازمة لإعداد فواتير خدمات الماء والكهرباء وغيرها.
بشكل عام، كلما كان موقع الإنترنت أو الخدمة المطلوبة أكثر أهمية، كانت الإجراءات والضوابط المطلوبة أكثر صرامة بالنسبة للاسم الذي ستُدخله في الموقع – ويعني هذا فيما يعنيه، حصول المشاكل بشكل رئيسي في المواقع المهمة حقاً.
قبل أن تلد طفلها، عملت السيدة نلّ كمعلمة حسب الطلب لتنوب عمن يضطر للتغيب عن وظيفته لفترة ما. عندما عملت في تلك الوظيفة، كانت تُبلّغ بعملها عبر الإنترنت أو بالاتصال بها هاتفياً. لكن الموقع الإلكتروني لم يعمل أبداً منذ تغيير لقبها إلى "نلّ" – وتوجب عليها دوماً ترتيب مناوباتها عن طريق الاتصال الهاتفي.
تقول نلّ: "أشعر وكأنه لا بد لي من إنجاز الأمور بالطريقة التقليدية".
وتضيف: "من جهة، إنها تثبط العزيمة بسبب الوقت المستغرق والذي نحتاج إليه. ولكن من جهة أخرى، وفي معظم الأوقات، فهي مثل حكاية مضحكة نقصها للآخرين، ونحكيها كنكتة في أكثر الأحيان. إنها ملائمة لسرد القصص."
ليس نلّ المثال الوحيد على الأسماء التي تشوش عمليات الكمبيوتر. هناك أسماء عديدة غيرها. وفي عالم يعتمد في عمله باضطراد على قواعد البيانات، تصبح الإشكاليات التي يعاني منها أصحاب الأسماء المسببة للإرباك أكثر شدة وحدة.
لبعض الأشخاص اسم واحد فقط، وليس اسماً ثنائياً أو ثلاثياً. وهناك آخرون ممن لهم ألقاب تتألف من حرف واحد. جرى في السابق ذكر الإشكاليات المرافقة لهذه الأسماء. تأملوا ما لاقته "جانيس كَيهانايكو كايهايهيليكاهونايلاي"، وهي امرأة من هاواي تقدمت بشكوى لأن بطاقات الهوية الحكومية لا تتيح للمواطنين ذكر ألقابهم بطول لقبها هي – وهو يتألف في لغتها مما مجموعه 36 حرفاً.
وفي نهاية المطاف، تم تحديث منظومات الكمبيوتر الحكومية لتكون بمرونة أكبر في هذا الخصوص. تُعرّف حالات مثل هذه في عالم مصطلحات الكمبيوتر بعبارة "حالات ذات إشكالية" – أي حالات غير متوقعة لم تؤخذ بالحسبان عند تصميم أنظمة الكمبيوتر.
يوضح مبرمج أنظمة الكمبيوتر باتريك ماكينزي قائلاً: "في كل سنتين، يتم تحديث أنظمة الكمبيوتر أو يجري تغييرها واختبارها ببيانات متنوعة – أسماء دارجة جداً بين أفراد المجتمع."
ويضيف: "لا يتم اختبار تلك الأنظمة، بالضرورة، لتلائم ’الحالات ذات الإشكالية‘."
وقد نمى لدى ماكينزي، ولع خاص بالقصور الذي تعاني منه العديد من أنظمة الكمبيوتر العصرية في معالجتها أسماءً أقل شيوعاً. وصنف قائمة من المزالق التي غالباً ما يقع فيها المبرمجون حيث يخفقون في التنبؤ بها عند تصميمهم لبرمجيات قواعد البيانات الهادفة إلى تخزين أسماء الناس.
لكن ماكينزي شاهد حي على حقيقة أن إشكاليات الأسماء ليست إلا معضلة نسبية.
فبالنسبة للعديد من الناطقين باللغة الانجليزية في الغرب، ربما لن يبدو اسم "باتريك ماكينزي" وكأنه سيثير أية إشكالية أو أخطاء. أما في البلد الذي يعيش فيه "ماكينزي" –اليابان- فقد تسبّب اسمه في تعرضه لجميع أنواع الإشكاليات.
يقول ماكينزي: "تُعد الأسماء اليابانية المتألفة من أربعة أحرف نادرة جداً، أما اسم ’ماكينزي‘ بالأجنبية فيتألف من ثمانية أحرف. لذا، لا توجد في الغالب مساحة كافية لتدوين اسمي في حالة الاستمارات المطبوعة."
ويضيف: "غالباً ما يتم تصميم أنظمة الكمبيوتر مع أخذ هذه الأنواع من الاستمارات في الحسبان. في كل سنة أقوم فيها بملء استمارات الضرائب الخاصة بي، أدرج اسمي بالشكل التالي، ’ماكينزي ب‘ لأن تلك هي المساحة المتاحة فقط."
بذل ماكينزي جهده لكي يتكيف مع ما هو ملائم. حتى أنه غيّر اسمه إلى "كاتاكانا" – وهو من الأبجدية اليابانية ويتيح إملاءً لفظياً للأسماء الأجنبية. لكن عندما جرى تحديث أنظمة الكمبيوتر في البنك الذي يودع حساباته فيه، أوقف العمل بأبجدية "كاتاكانا".
ولم يكن ذلك ليتسبب في إشكال بالنسبة للزبائن اليابانيين، أما للسيد ماكينزي، أدى ذلك إلى عدم تمكنه من استعمال الموقع الإلكتروني للبنك لفترة مؤقتة من الزمن.
"في النهاية، كان لا بد لفرع البنك أن يتقدم بطلب إلى قسم تقنية المعلومات في المركز الرئيسي لكي يقوم أحد العاملين في ذلك القسم بتعديل قاعدة البيانات يدوياً"، حسبما يقول، مضيفاً: "قبل أن أتمكن من استعمال أيٍّ من تطبيقاتهم."
ويلفت ماكينزي الانتباه إلى أنه نظراً لانتشار العمل بأنظمة الكمبيوتر على نطاق عالمي، فقد أثيرت نقاشات حادة بين المبرمجين لتحسين الدعم المقدم إلى أسماء "الحالات ذات الإشكالية" والأسماء المكتوبة بلغات أجنبية أو بكتابة غير عادية.
في الحقيقة ، يشرح لنا ماكينزي كيف كرّست "رابطة الشبكة العالمية"، وهي الجهة المسؤولة عن المعايير المستخدمة على شبكة الإنترنت، جزءاً من المناقشات للتداول خصيصاً في هذا الشأن.
ويعلق قائلاً: "أعتقد أن الأمور تسير نحو الأفضل. يعود ذلك، جزئياً، إلى تنامي الوعي حول هذا الموضوع بين المختصين به."
ومع ذلك فمن المرجح، بالنسبة لحَمَلة اسم نلّ، أنهم سيلاقون حالات كثيرة مسببة للصداع ولوقت طويل قادم. لعل البعض سيجادل قائلاً إن على حاملي الأسماء التي تسبب لهم إشكاليات التأمل مليّاً في تغيير أسمائهم ليوفروا الوقت ويتفادوا الإحباط.
غير أن السيدة نلّ لن تكون من بينهم لسبب واحد، فقد غيّرت اسمها بالفعل – عندما تزوجت.
وهي تعترف قائلة: "عندما يحصل ذلك فإنه يثبط العزيمة حقاً"، ولكنها تضيف: "لقد تقبّلته نوعاً ما. وتطبّعت على الأمر في الوقت الراهن."
يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على موقع BBC Capital.
كريس بارانيوكصحفي في تكنولوجيا المعلومات