دعا العلامة عبد الله بن بيه رئيس منتدى تعزيز السلم حكماء الشرق والغرب إلى البحث عن الدواء"في صيدلية حكمة الشرق والغرب" لما وصفه بـ"المرض" الذي يصيب الحضارة الإنسانية اليوم"، قائلا إن "الحكماء والعقلاء يجب أن يتضامنوا للبحث عن سبل العيش".
وقال العلامة ابن بيه في خطابه الذي ألقاه اليوم في بلدية باريس تحت عنوان: "الشرق والغرب والعولمة"؟ مضيفا أن الشرق والغرب "ليسا جارين متلاصقي الجدران بل توأمان سياميان ربّما لو فصل أحدهما لمات الآخر رغماً عن كل الخصومات والاختلافات".
وأضاف الشيخ ابن بيه أن هذين التوأمين "يختبران اليوم مدى قدرتهما على المبادرة التاريخية للخروج من أزمة المرحلة الحرجة الدائمة أصلاً والتي ازدادات تعقيداً لأسباب ذاتية ترجع للتركيبة الطائفية والمطامع السياسية وتدخلات عسكرية كان فيها كثير من سوء التقدير مما أوصل هذه المنطقة المنكوبة إلى درجة متقدمة من الجنون الذي عبر بدوره البحيرة إلى الغرب مؤكداً من جديد المصير المشترك".
نص خطاب العلامة ابن بيه في بلدية باريس:
الشرق والغرب والعولمة؟
..
أعتقد أن هذا العنوان يثير من الأسئلة أكثر مما يتيح من الأجوبة.
في سياق اجتماعنا هذا، عن أي شرق نتكلم؟
هل هو الشرق الجغرافي كالصين واليابان؟
أم الشرق: الأفكار والنظم؟
هل هو الشرق التاريخي أم الشرق اليوم؟
ونفس الأسئلة ترد على سؤال عن أي غرب نتكلم؟
هل الغرب الجغرافي والذي يعني الأمريكتين وربما أوروبا الغربية وحتى غرب إفريقيا؟ أم هو الأفكار والنظم؟ التي تشير إلى الديموقراطية وحقوق الإنسان وبهذا تكون اليابان مثلاً غرباً.
لعل السؤال عملياً يتعلق بالمنطقة الوسطى التي يطلق عليها البعض الشرق الأوسط في علاقتها بأوروبا الغربية وأمريكا في عالم اليوم، عالم العولمة التقنية والتواصل،
دعونا نعرفها بأنها المنطقة التي يدين أكثر سكانها بالإسلام،
إنها منطقة تعرف تاريخياً بالتميز عن أوروبا وفي نفس الوقت بالتأثر بها.
وبعبارة أخرى (بحضور أوروبا) الدائم بكل سياساتها بل في أحلامها، مع أن جارنا الغربي لا يترك فرصة إلا ذكر بهذا الحضور عبر بحيرة المتوسط بسفن تحمل مواد التجارة والصناعة، لكنها أحياناً تحمل الأسلحة والجنود.
وفي الإتجاه الآخر تاريخياً يقع نفس الشيء، وها هي ذات السفن تحمل الآن أفواج اللاجئين لاختبار صبر أوروبا.
إنهما ليسا جارين متلاصقي الجدران بل توأمان سياميان ربّما لو فصل أحدهما لمات الآخر رغماً عن كل الخصومات والاختلافات.
هذان التوأمان يختبران اليوم مدى قدرتهما على المبادرة التاريخية للخروج من أزمة المرحلة الحرجة الدائمة أصلاً والتي ازدادات تعقيداً لأسباب ذاتية ترجع للتركيبة الطائفية والمطامع السياسية وتدخلات عسكرية كان فيها كثير من سوء التقدير مما أوصل هذه المنطقة المنكوبة إلى درجة متقدمة من الجنون الذي عبر بدوره البحيرة إلى الغرب مؤكداً من جديد المصير المشترك.
إننا يمكن أن نتحدث عن الهويات التي انتفخت وعن ذاكرة السوء التاريخية التي استيقظت تجر موكباً من المتعصبين والإيديولوجيات المتحاربة.
وفي عالم معولم تشيع فيه الأفكار والثقافات المختلفة وتروج فيه المبادلات الاقتصادية والابتكارات التكنولوجية فإن وسائل التواصل والمواصلات لعبت دوراً وللمفارقة زاد الهوّة اتساعاً بين البشر ليس فقط بين ضفتي البحيرة بل بين مكونات مجتمعات الشرق الأدنى أو المنطقة الوسطى فأوجدت كيانات لا تقبل أن تتعايش.
إن الحكماء والعقلاء يجب أن يتضامنوا للبحث عن سبل العيش من نوع تلك التي ينادي بها الشاعر الفرنسي بول ايلوارد*:
إنه قانون البشر القاسي
أن يبقوا كما هم رغم الحرب والبؤس
ورغم أهوال الموت
إنه قانون البشر الناعم
أن يحولوا الماء إلى ضوء
والحلم إلى واقع
والأعداء إلى إخوة
قانون قديم وحديث
يواصل اكتماله من قلب الطفل
إلى العقل الأكمل
وختاماً فإن الحضارات تمرض كما يقول نيتشه وحضارتنا المعاصرة مريضة فأدعوكم جميعاً للبحث عن الدواء في صيدلية حكمة الشرق والغرب.
والسلام عليكم ورحمة الله.
عبدالله بن بيّه
رئيس منتدى تعزيز السلم