لا بد من أن تتحلى الطبقة السياسية بجرأة كبيرة ـ كما فعلت في دكار سابقا ـ لبدء الخطوة الأولى نحو الحوار والتفاهم، إذ لا يمكن الخروج بالبلاد من الأزمة السياسية المزمنة إلا من خلال حوار سياسي شجاع، يسبح به الجميع ضد تيار الانغلاق السياسي.
كان الرئيس الشهيد ياسر عرفات يصف ما عرف ب"مسلسل السلام" ب"حوار الشجعان" و"مفاوضات الشجعان"، وعلى ذلك الأساس كان يستمر في محاورة ومفاوضة أعدائه؛ من غير أن يرغمه أي شيء ـ فوق طاولة حوارـ على التنازل عن خطوطه الحمراء. ويمكن للنخب الموريتانية أن تستحضر أفق هذه التجربة (رغم الفارق الكبير بين الوضيعتين) وذلك لسبب أن أنه لا مناص من الحوار.
لقد تراجع النظام قليلا عن أجنداته الأحادية وعن لغته الخشبية كما بلغت ذروتها في خطاب الرئيس في مدينة النعمة مؤخرا، ومن أجل أن لا تستقر الكرة في مرمى المعارضة فلا بد لها هي الأخرى أن تخطوا خطوة شجاعة نحو الحوار دون التذرع بممهدات وبمطالبات يفترض أن يكون الحوار المتكافئ هو منبرها. إن المطالب الجزئية أو التمهيدية التي تطرحها المعارضة قبل الدخول في الحوار يُوْحي برغبة في الحصول على نتائج الحوار أو جزء منه قبل أن يبدأ، وهذا أمر ممكن لكنه ليس معهودا لأن من يُريد نتائج حوار قبل أن يبدأ هو كمن يريد أن يتعلم السباحة قبل أن ينزل في الماء (هيجل).
إن حضور المعارضة للحوار المرتقب سيحقق مكسبا للديمقراطية لاغنى عنه، لما ستضيفه من عقلانية وتسديد على جملة المشاريع المقترحة، ولما ستمثله من صمام أمان في الحفاظ على النظام الديمقراطي للبلد ممثلا في الدستور. وهذا ما يجعل من حضورها مسؤولية وطنية.
------------
من صفحة الاستاذ مولاي احمد جعفر على الفيس بوك