ربما يراها البعض خطوة صغيرة، ولكنها تبدو في نظرنا على درجة كبيرة من الاهمية، ونحن نتحدث هنا عن ما نشرته وسائل اعلام جزائرية حول رفض السلطات اعطاء تأشيرة دخول لمدرب منتخب فريق غانا الوطني لكرة القدم افرام غرانت الاسرائيلي الجنسية لحضور مباراة فريقه الودية على الارض الجزائرية، تضامنا مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.
المدرب غرانت ربما يكون الاشهر في تاريخ الكرة الاسرائيلية، حيث تولى مهمة تدريب المنتخب الاسرائيلي، وحقق شهرة عالمية عندما تولى تدريب فريق تشيلسي اللندني المعروف، خلفا للمدرب البرتغالي جوزيه مورينو الذي قاده الى بطولة الدوري الانكليزي الممتاز.
الجزائر بهذه الخطوة تريد ان تؤكد على عدة امور اساسية لا بد من التوقف عندها:
اولا: انها ترفض كل اشكال التطبيع مع دولة الاحتلال الاسرائيلي، بما في ذلك السماح لمستوطني هذا الكيان بدخول اراضيها.
ثانيا: ارادت الجزائر التأكيد على عدم الفصل بين الرياضة والسياسة، وهو المطلب الشائع (اي الفصل) حاليا، وتستغله بعض الحكومات العربية لاستضافة لاعبين اسرائيليين على اراضيها.
ثالثا: حرص الحكومة الجزائرية على عدم جرح مشاعر الشعب الجزائري الذي يرفض اي وجود اسرائيلي على ارض بلاده، ولا يساوم على هذه المسألة، مثله مثل معظم اقرانه العرب الآخرين.
رابعا: التأكيد مجددا على تمسكها بثوابتها في دعم القضية الفلسطينية، واستعادة الارض المغتصبة، ووضع اسرائيل على قمة قائمة الاعداء.
من شاهد الفرحة العارمة لاكثر من ثمانين الف جزائري ضاقت بهم مدرجات الاستاد الدولي في العاصمة الجزائرية، عندما سجل لاعب المنتخب الفلسطيني احمد ابو ناهية هدف الفوز ضد المنتخب الاولمبي في المباراة التي اقيمت في شباط (فبراير)، يدرك ما نقول.
الجزائريون كانوا يشجعون المنتخب الفلسطيني ضد فريق بلادهم، ورفعوا جميعا علم فلسطين، والافتات الداعمة للقضية الفلسطينية، وجاءوا من مختلف انحاء الجزائر للتعبير عن تضامنهم ودعمهم للقضية الفلسطينية، وترديدا لمقولة الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين “نحن مع فلسطين ظالمة او مظلومة” في ظاهرة “عشق” و”ايمان” غير مسبوقين.
هذه الخطوة مهمة، بل بالغة الاهمية، لان السلطات الجزائرية تقدم عليها في وقت تتهافت فيه حكومات عربية عديدة للتطبيع مع اسرائيل، واقامة علاقات سرية وعلنية معها، وتحالفات فوق الطاولة وتحتها، وتضع حركات المقاومة على قوائم “الارهاب”، وبمباركة جامعة الدول العربية.
الجزائر، حكومة وشعبا، لا تحتاج الى شهادة بالوطنية من هذه الصحيفة “راي اليوم” او غيرها، فمواقفها غنية عن التعريف، ولكن كلمة الحق يجب ان تقال، ولا بد من رد الفضل الى اصحابه، او هكذا نؤمن ونعتقد.
“راي اليوم”