استضافت أنواكشوط قبل أيام أعمال مؤتمر المعهد الإقليمي الأفريقي حول علوم الفضاء بحضور وزراء التعليم العالي للدول الأعضاء حيث يضم المركز في عضويته بالإضافة إلى موريتانيا كلا من المغرب و تونس و الجزائر و كوت ديفوار و التوغو و الغابون و السنغال و وسط إفريقيا و الرأس الأخضر و الكاميرون و الكونغو و النيجر و في ختام هذا المؤتمر ستتسلم موريتانيا الرئاسة الدورية للمركز الإقليمي الأفريقي لعلوم و تكنولوجيا الفضاء.
إن الفضاء بالنسبة لأي دولة على هذا الكوكب هو وسيلة ناجعة لغرس الاعتزاز الوطني في الأنفس و تحسين الجودة الصناعية، و أستهواء جيل الشباب لمجالات العلوم و التكنولوجيا فلم يكن الفضاء مثيراً إلى هذا الحد الذي نراه الآن منذ ستينيات القرن الماضي و ليس الإهتمام بعلومه من الترف بل هو في صلب الحياة المعاشة يوميا إذ تدخل التطبيقات الفضائية في مختلف نواحي الحياة اليومية في الإتصالات و الملاحة و البث الإعلامي و مراقبة الطقس و مراقبة الكوارث الطبيعية وغيرها، و ذلك في ظل سباق دولي للسيطرة على الفضاء و أستخداماته، و تقوم العديد من الدول بتنفيذ برامج فضائية، من خلال بناء مؤسسات متخصصة، و رصد ميزانيات ضخمة لتنفيذها. ويقدر حجم القطاع الفضائي الدولي بنحو 300 مليار دولار سنوياً.
في مجتمعنا المحلي حين تهتم بعلم مهم كالجيومعلوماتية و علوم الفضاء و الفلك تتراوح ردود الفعل الأولية على أهتمامك ما بين الابتسامة الساخرة إلى التعليق الإستنكاري “إذاً سترسلون صواريخ إلى الفضاء؟!” أو “متى ستطلقون قمركم الصناعي؟!” ويقال لك هذا بعد أن وفرت العلوم الحديثة تقنيات توفر بكل بساطة إحداثيات جغرافية ترصد أماكن مختلفة و بسرعة متناهية، عبر البصمات الطيفية التي طورت في هذا المجال لتعطي صورة في غاية الدقة للأرض و الكواكب عبر الأقمار الصناعية.
و هنا من المهم للحكومية وضع استراتيجية مضبوطة تهدف للإستفادة من إمكانيات علوم الفضاء و الإستشعار عن بعد و التركيز على المحاور الآتية :
زيادة الوعي بعلوم الفضاء في المعاهد و الجامعات الموريتانية
إيجاد برامج تعليمية مختصة بالفضاء
التشجيع على تدريس الفضاء بالمدارس
إلهام جيل جديد من الموريتانيين الذين يتحمسون للفضاء
التشجيع و المساعدة على إنشاء الجمعيات و المجموعات و الأندية الفلكية
الطلب من وزارات التعليم العالي تخصيص منح دراسية في علوم الفضاء و الفلك
إنشاء معهد جديد يختص في الجيومعلوماتية و علوم الفضاء لتوفير خدمات من أهمها :
ترجمة المواد العلمية المتعلقة بالفضاء و توفيرها
نشر المقالات الفضائية بشكل دوري
تشجيع المدرسين و الطلبة على البحث في مجال علوم الفضاء
تعزيز البرامج الأكاديمية في الجيومعلوماتية
و ختاما أذكر بقصة حصلت حين كان العالم المشهور (برتراند راسل) يلقي محاضرة عامة عن علم الفلك، وصف فيها كيف أن الأرض تدور حول الشمس، و كيف تدور الشمس بدورها حول مركز لمجموعة هائلة من النجوم تسمى مجرتنا و فى نهاية المحاضرة نهضت سيدة عجوز ضئيلة فى آخر القاعة و قالت: إن ماتقوله لنا هراء فالعالم فى الحقيقة، صفحة مسطحة مستقرة على ظهر سلحفاه ماردة، فأبتسم راسل قبل أن يجيب: “و ما الذى تقف عليه السلحفاه؟” فقالت السيدة العجوز: ” إنك لبارع جداً أيها الشاب على أن الأمر كله سلاحف بطول الطريق لأسفل!
المختار ولد أعبيدي
مهندس و خبير فى تكنولوجيا المعلومات