في 12 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي، أعربت 3 دول عن قلقها إزاء الوضع في سوريا وما وصفته بـ "الدور الروسي في الأحداث هناك".
هذا القلق جاء مباشرة من العاصمة الإيطالية روما على لسان وزراء خارجية إيطاليا باولو جينتيلوني، وألمانيا فرانك فالتر شتاينماير، وفرنسا جان مارك إيرولت. أما اللقاء الثلاثي نفسه فقد جاء بعد حوالي أسبوع من لقاء خماسي (الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا) في برلين، وكان مخصصا أيضا لبحث الأزمة السورية والعلاقات مع روسيا، و"الشروط" التي يجب إملاؤها على موسكو من أجل ما أسموه بـ "التعاون معها في سوريا".
لقاء برلين أسفر عن زيارة خاطفة – فاشلة لوزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت إلى موسكو، حيث حاول إثناء روسيا عن موقفها بشأن الأزمة السورية وإقناعها بالتصويت على مشروع فرنسي يكرس لتوسيع الأزمة وتعميقها وليس لتسويتها. ومن ثم غضبت فرنسا لا لأن روسيا استخدمت حق الفيتو فقط على مشروعها، بل ولأن موسكو طرحت هي الأخرى مشروع قرار لتسوية الأوضاع في حلب وكيفية نقل المساعدات الإنسانية. وتوالت الاتهامات الفرنسية التي انعكست على زيارة كان من المقرر أن يقوم بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى فرنسا، وعلى برنامج الزيارة، وعلى المزاج السياسي العام للدولتين، ما أدى إلى تأجيلها.
أما لقاء روما فقد شهد عدة تصريحات تعكس أيضا المزاج السياسي والنفسي العام للقادة الأوروبيين الذين انتقلت إليهم العدوي السياسية والنفسية من الولايات المتحدة.
- وزير الخارجية الإيطالي باولو جينتيلوني قال إن "إيطاليا كانت تعول على أن تساهم روسيا بقسط إيجابي في التسوية، من خلال التأثير على الأسد، لكننا نضطر للاعتراف بأن ذلك لم يحدث".
- وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت أعرب عن أسفه لعدم تأييد روسيا لمشروع القرار الفرنسي حول سوريا في مجلس الأمن الدولي، وأشار إلى أنه لم يصوت ضد مشروع القرار سوى روسيا وفنزويلا، وأنه لم يجد تفهما لدى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أثناء زيارته الأخيرة إلى موسكو، عندما طلب من لافروف أن تساعدهم روسيا في تهيئة الظروف لوقف إطلاق النار والقصف.
- لا توجد تصريحات واضحة أو مهمة لوزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير. ولكن الموقف الألماني ينعطف نحو الحدة وتبني المسارات الأمريكية الأكثر عنفا سياسيا واقتصاديا. وكانت برلين قد سربت معلومات وأخبارا على لسان مسؤولين كبار ونواب برلمانيين بأن ألمانيا تهدد بفرض عقوبات على روسيا بسبب الأزمة السورية.
في كل الأحوال، يقولون إن لقاء روما جاء تطويرا للقمة الثلاثية لزعماء الدول الثلاث (ألمانيا وفرنسا وإيطاليا) في جزيرة فينتوتيني في أغسطس الماضي. وبصرف النظر عن هذا التبرير، إلا أن اللقاء جاء أيضا في إطار عمليات الحشد السياسي الأمريكي – الأوروبي ضد الموقف الروسي.
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أعلن أن اجتماعا دوليا حول سوريا سيعقد في مدينة لوزان السويسرية، يوم السبت 15 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي، بمشاركة روسيا والولايات المتحدة والدول الإقليمية، بما فيها السعودية وتركيا، وربما قطر. وأشار إلى أن "اللقاء سيجمع بين الدول التي لها تأثير على ما يجري على الأرض في سوريا". وفسر الكثير من المراقبين عبارته الأخيرة، بأنها تقصد "إيران" تحديدا وضرورة مشاركتها. هذا في الوقت الذي تتحدث فيه مصادر عن عدم وجود رغبة لدى الكثير من الأطراف المشاركة بشأن وجود طهران في لوزان. ويبدو أن هناك خلافات ومباحثات حول هذا الموضوع.
هذا اللقاء المهم الذي يأتي ضمن لقاءات كثيرة، تمتلك أهمية خاصة كمؤشر لأحداث ستتوالى حتى نهاية الشهر الحالي، خاصة وأن الحديث يدور عن إمكانية الإعداد للقاء بين وزيري خارجية روسيا والولايات المتحدة، بعد أن أعلنت الأخيرة عن تجميد العمل باتفاقات جنيف بين لافروف وكيري.
إن نتائج لقاء لوزان ستظهر جيدا في لقاء آخر في لندن، يوم الأحد 16 أكتوبر الحالي، بقيادة الولايات المتحدة التي أعلنت أنه لقاء سيضم شركاء واشنطن الغربيين والإقليميين الأساسيين، وأنه سيركز على "بحث النهج متعدد الجوانب في مجال حل الأزمة السورية، بما في ذلك الوقف المستمر للعنف واستئناف عمليات إيصال المساعدات الإنسانية". وبالتالي، إذا لم يكن هذا اللقاء امتدادا للقاء لوزان، فإنه سيكون مرآة حقيقية لما سيتم التوصل إليه هناك. وربما تتصاعد لهجة الغرب وحملاته الإعلامية في حال فشل في الضغط على موسكو من أجل تبني وجهات نظره بشأن الهدنة في حلب وتسوية الأوضاع في بعض المناطق السورية الأخرى، وإدخال المساعدات الإنسانية، ولكن وفقا لرؤية الغرب ووجهات نظره، وارتكازا لعلاقاته ومصالحه مع مختلف القوى والجماعات والتنظيمات، سواء "المتشددة أو المتطرفة أو الإرهابية" في سوريا.
في اليوم التالي مباشرة، الاثنين 17 أكتوبر، سيبحث وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي الـ 28 في بروكسل مسألة فرض عقوبات جديدة على روسيا، بسبب الوضع في سوريا. وفي الحقيقة، فموضوع العقوبات غير مدرج على جدول أعمال اللقاء، و"لكن ستجري مناقشته"، وفقا لمصادر أوروبية في بروكسل. أي أن هناك عدة لقاءات أوروبية وأوروبية – أمريكية بعد لقاء لوزان، ما يعني وجود تهديد، أو في أحسن الأحوال، تحضير لاستعدادات سياسية واقتصادية من جهة، واستعدادات ربما تكون عسكرية من جهة أخرى، إزاء الوضع السوري عموما، وبالنسبة لروسيا على وجه الخصوص.
أشرف الصباغ