ذكرت صحيفة "كومسومولسكايا برافدا" أن عملية اغتيال السفير الروسي لدى تركيا ربما وقعت لتعريض "مركز القوة" الجديد في الشرق الأوسط للخطر.
جاء في المقال:
لقد وصل التطور التكنولوجي الحديث إلى حدود أصبحنا معها نعرف اسم القاتل بعد ساعة من عملية الاغتيال، تاريخ طفولته، فريق كرة القدم المفضل لديه وقناعاته الإيديولوجية... وهكذا، بعد ساعتين من وقوع الحادث أصبحت لدينا صورة عن سيناريو عملية الاغتيال، وكيف تسلل القاتل إلى داخل معرض الصور، ونظام الحراسة، الذي حدثت فيه ثغرة مصيرية.
وبعد يوم واحد من عملية قتل اندريه كارلوف المأسَوية، بقي سؤالان حتى الآن من دون إجابة كاملة: أين كان حرس السفير؟ ومن المستفيد من عملية الاغتيال؟
هناك أناس مختصون، يجب عليهم أن يضمنوا أمن السفير شخصيا والسفارة أيضا. كما أوضح سفير الاتحاد السوفياتي سابقا في الكويت وليبيا بوغوس أكوبوف، في لقاء خاص مع مراسل الصحيفة. أكوبوف أكد أن ضابط الأمن ملزم بمرافقة السفير في حال تحركه لتنفيذ مهمات العمل. وبالطبع توجد حالات، عندما يذهب السفير إلى متجر أو لقضاء أمور شخصية من دون أن يبلغ عنها ضابط الأمن، ولكن في إطار تنفيذه للمهمات الرسمية يجب أن يرافقه ضابط الأمن.
وهل مسموح لضابط الأمن أن يحمل سلاحا خارج حدود السفارة؟
- هذا ممنوع، في حال غياب اتفاق منفصل مع سلطات البلد المضيف. حقيقة أن هذه أعراف دولية مشتركة، عندما تتعهد الدولة المضيفة بضمان سلامة الشخص الذي يتمتع بوضع الحصانة على أرضها. وفي بعض البلدان ينظرون إلى تسليح حراسة السفير كإهانة للحكومة المضيفة. وإذا كان المحيط الداخلي للسفارة الروسية يحرسه رجال الأمن الروس (إذا تطلب ذلك الوضع الخاص بالدولة المضيفة)، فإن الأمن خارج محيط السفارة وفي المدينة هو من صلاحيات الدولة المضيفة. وهل كان بمقدور رجل أمن اعزل ان ينقذ حياة السفير أندريه كارلوف؟ ذلك ممكن فقط في حال إلقاء نفسه على السفير وتغطيته له بجسده. ولو توفرت الفرصة لضابط أمن السفير كارلوف، لكان فعل ذلك.
ويضيف أكوبوف:
- بالطبع إن ذلك هو خطأ رجال الأمن الأتراك الأكبر، حيث إن معرض الصور الذي حدثت فيه عملية الاغتيال، يقع على أراضيهم. ولكن هذا لا يبرئنا من تحمل المسؤولية كذلك.
في هذه الأثناء، لفت انتباه العديد من المراقبين أن الهجوم حدث عشية زيارة وزير الخارجية التركي إلى موسكو. والاستنتاج بسيط ـ لقد حاول أعداؤنا بهذا العمل الإرهابي تخريب عملية المصالحة بين روسيا وتركيا. وفي واقع الأمر، حاول الأعداء إفشال تحقيق شيء أكبر من ذلك، وهو إنشاء "مثلث جيوسياسي" جديد في الشرق الأوسط.
ففي موسكو كان يُعتزم عقد لقاء ثلاثي مشترك بين روسيا، تركيا وايران - اللاعبين الرئيسيين في سوريا، والمشاركين بشكل مباشر في العمليات القتالية ضد الإرهابيين. وباتت الحلول الغربية لـ "القضية السورية" تواجه مخاطر الفشل النهائي على ضوء نشأة "مركز قوة" جديد في الشرق الأوسط. والمعنيون بإيجاد خلاف جديد ما بين موسكو وأنقرة هم كثيرون، من الولايات المتحدة والسعودية وإلى "جبهة النصرة" و "داعش".
وإن الخيار الوحيد الذي لا أؤمن به هو أن اغتيال السفير كارلوف، كان انتقاما لحلب.
ولعل القاتل كان يؤمن بالشعارات التي كان يرددها فوق جثة السفير كارلوف بعد أن أطلق النار عليه وقتله، ولكن الذي أرسل هذا القاتل إلى هناك أناس آخرون. إنهم أولئك الذين حسبوا جيدا العواقب الجيوسياسية لهذه الجريمة، ونحن نأمل أن يكونوا قد أخطأوا.