عزيزتي المرأة الساكنة في بلدان الهوس الجنسي، تقبلي تعازي الحارة فيك... في جسدك وفي روحك. في تونس الخضراء، تعرضت مراهقة عمرها ثلاثة عشر سنة للاغتصاب المؤدي للحمل من طرف قريبها...هل تمت معاقبة المغتصب؟ أبدا... فقد قررت المحكمة أن يتم تزويجها من مغتصبها لأنها، حسب نفس المحكمة، أهل للزواج... وأن حملها دليل على ذلك.
نسجل هنا أن الأسرة بدورها وافقت على هذه الزيجة تفاديا للفضيحة.
لأهلية للزواج عند محاكمنا هي إذن قدرة على الحمل لا غير؟
والحياة المشتركة لامرأة مع مغتصبها... لا تطرح للمحكمة ولا للأسرة أي إشكال؟
كيف يعقل أننا، في معظم بلدان الجهل الساكن فينا، ما زلنا لا نرى في الاغتصاب إلا فضيحة؟ كيف لا يتأمل المشرع والقاضي وكيف لا تتأمل الأسرة العنف الجسدي والنفسي الذي تعيشه المرأة بسبب الاغتصاب؟ كيف لا يتم توقيع عقوبات صارمة حقيقية على المغتصب؟ ثم، كيف يمكننا أن نغير العقليات حقا، ما دمنا لا نعاقب المغتصب؟ ما دمنا نعتبر الضحية هي موضوع الفضيحة وليس المغتصب؟
وهل تدرك المحكمة أنها، بهكذا قرار، تخير المغتصب بين السجن... وبين الزواج من الضحية؟ فهل يصبح زواجه منها عقابا له، ليتحول المجرم إلى ضحية؟
منذ بضعة أيام، وفي لبنان، تم إلغاء القانون الذي يمكن المغتصب من الإفلات من العقاب بزواجه من الضحية. قبل لبنان، ألغت مصر والمغرب نفس القانون. لكن بلدان أخرى كثيرة في المنطقة ما زالت تعمل به.
والنتيجة أن المغتصب ما زال قادرا، مجتمعيا وقانونيا، على الإفلات من العقاب...
وما زالت الضحية تتحمل وحدها مسؤولية الاغتصاب قبله وخلاله وبعده... وما زلنا نعتبر أن الاغتصاب ليس إلا فضيحة للأسرة وللفتاة الضحية وليس جريمة حقيقية تجب معاقبة فاعلها...
لذلك، فاسمحي لي، عزيزتي المرأة، أن أقدم لك مجددا كل العزاء في جسدك وفي كرامتك.
سناء العاجي
** سناء العاجي، صحفية مغربية عملت ولا تزال تعمل في العديد من المنابر والمواقع الإخبارية في المغرب وخارجه باللغتين العربية والفرنسية. حاصلة على الجائزة الثالثة للتحقيق الصحافي من المنظمة الهولندية "Press Now". ساهمت في كتاب مشترك تحت عنوان "التغطية الصحافية للتنوع في المجتمع المغربي"، ونشرت لها رواية " مجنونة يوسف" سنة 2003 عن دار "أركانة" للنشر (مراكش)