من سوء طالع هذا الشعب أنه لا تدمره قيمه السلبية فحسب ، بل تدمره قيمه التي كانت في الأصل حسنة .
وهذا ما جعل أمره غاية في التعقيد وجعل أزمته تقتات على فضائله حتى .
تخيلوا أنني عينت وزيرا ( لا سمح الله )
وأرسلت يدي في النهب والتعيين ( إلى حد الآن هذا طبيعي ، فأنا في النهاية موريتاني مثلكم )
وبعد سنوات من محاصصة الشعب وزارته ، خرجت منها وقد أحسنت القسمة بيني وبينكم .
فلل وسيارات ومزارع وعقارات وقطعان ابل وغيرها ( اللهم إنا نعوذ بك من العين والحسد و " عين المشتاگ خصوصا ).
وبعد خروجي من دنياكم ، أرسل الله عزيزا بعدي وانتزع منكم اصواتكم بوعد بمحاسبتي ( غالط بعد هو وانتوم الا ال نقالكم يجد عليكم ).
ارسل هذا العزيز أحد كلابه من حظيرة وزارة العدل ، وسمعتم نباحه وخلتم انني سأبيت ليلتي مقطع الأوصال ، وأن عقوبتي كعقوبات الصهاينة لأحرار المقدس .( ماني افالكم ).
هنا قد يظن بعضكم أن الأعراف الخفية ستطلق سراحي وأنكم حين تكتبون عن وساطة من شبخ قبيلتي أو جنرالها أو عينها ( التي لا تنام ) أنكم أبرياء من أثر الاعراف والسلطات الخفية .
لا
ماقامت به قبيلتي عرف بين ومعلوم وهو حماية ابنها " العين " وهي بذلك ترمم كرامتها ، فمبيتي في السجن اهانة لآلاف الرجال ، ووقوع بين وصارخ في عرض السلالة .
الحقيقة أن ذلك عرف بين كما أسلفت وليس هو موضع حديثنا .
فموضعه هو الأعراف الخفية .
فمن قابل العزيز في قضيتي يجمعه به عرف خفي ( أنا جايك فغاية ) ومن غير اللائق بأصحاب الريادة أن يردوا السائل من بني فلان , فأبناء فلان ( قبيلتي ) لايرد سائلهم من ناحية ومن ناحية أخرى لايرد أبناء فلان ( قبيلة العزيز ) السائل " گاع " .
والعملية برمتها ستتم وفق استدعاء للتاريخ يشبه القياس عند الفقهاء .
دعوكم مني أنا ولا تحشروا أنوفكم في كيفية اطلاق سراحي ولا حيثياته .( رحم الله امرأً شغله عيبه عن عيوب الناس ).
فسلوككم كجماهير اتجاه قضيتي تحركه ذات الأعراف الخفية ،فهي في مكنون وعيكم تفرض نفسها كمبرر وملطف وصابغ لقيم الدولة عندكم .
فما حرك وسيط قبيلتي هو ما جعلكم تقدمون لأنفسكم قراءة تناقض قيمكم الحديثة ( الشفافية ، المحاسبة ، المساواة أمام القانون ... الخ ).
حركته فطرته الإجتماعية وأنتم أخرستكم ذات الفطرة ، بل انتزعت منكم حنقكم .
تخيلوا أن يتوسط علماؤنا في لصوصنا ، فيخرج العلماء بالهيبة ذاتها واللصوص بالثروات ذاتها .
ماذا حصل ؟
قيمنا واعرافنا المستترة تحجب رؤيتنا ، وتدمر معاييرنا الأخلاقية لصالح معاييرنا الإجتماعية.
فتصبح القيم الحسنة ( الشفاعة الحسنة ، الصلح ، ... ) شريكا في صناعة الأزمة وطاقة تمدها بالحياة والاستمرار .
أنا الآن خارج السجن وأموالكم بين يدي .
أما انتم فلا زلتم تتفهمون ضرورة وبواعث إطلاق سراحي .
ولا زلتم تخلعون صفات المعبود على العزيز باعتقادكم أنه " لا يذل من والاه ولا يعز من عاداه " .
ولازالت قبيلتي تحتفظ بجميل قبيلة العزيز كما أحتفظ بثروتي وكرامتي و " تفگريشي ".
أنتم يا أصحاب الأقلام الحبارة والأفكار السبارة لازال قائلكم يقول لابن عمه الوزير " بلا شخصية " أو " بلا فايدة " لأنه لم يوظفه .
لازال عرقكم ينصب خلف أبواق الساسة طمعا في دفع ثمنه وظيفة " مشيت فحملة فلان ولا عدلي شي الين نجح " ( عبارة سمعتها كثيرا من نخب كنت اعول على وعيها ) .
ما يحرككم جميعا ليس وعيكم في الواجهة ،وإنما وعيكم المستتر خلف الأعراف والمنظومات الإجتماعية .
في الموسم القادم سترون وجهي مرة أخرى أنا والقاضي الذي اتهمني بأدلته الدامغة وأطلق سراحي ليلة هجعكم .
ستروننا عند اكتاف العزيز القادم فهو عرف بالطاعة وانا بالنفاق وأنتم بالاتباع والانصياع والطمع و" الضياع " .
وإلى ذالكم الحين يقول لكم أبناء " المشروع الوطني " قولة حسان :
" عدمنا خيلنا إن لم تروها ** تثير النقع موعدها كداء "
--------------------
من صفحة الأستاذ محمد أفو على الفيس بوك