مارس الشيوخ حقّهم الطّبيعي فى التّصويت، وإن عارضوا توجّه السّلطة التنفيذية فقد لّبّوا نداء الضّمير ورغبة الكثيرين من هذا الشّعب الذى يمثلونه فى تلك الغرفة العليا التشريعية، فلماذا يأخذ عليهم البعض تأديتهم لواجبهم اتّجاه مواطنيهم ووطنهم بالإدلا بأصواتهم فى قضايا مصيرية تمسّ الهويّة والمقدّسات الوطنية؟ أليسوا سلطة تشريعية توازي السلطات الأخرى؟ هل أُسقِط مبدأ فصل السّلطات الذى هو ركيزة أساسية من ركائز الدّمقراطية؟ انبرت الأقلام تخوّنهم وتعالت أصوات الإعلام الرّسمي تنعتهم بأسوء الأوصاف وتؤلّب العامّة عليهم كما فعلت الإذاعة الوطنية! وتسابقت القنوات التى تسير فى فلك النّظام فى استضافة كل محلّلٍ ومتسلّل ومدجّل ومتملّق للنيل منهم ومن غرفتهم الموقّرة، ألم تخدمهم عقدا من الزمن؟ أليست غرفة لها مكانتها الدّستورية؟ لقد طفى كيل السلطة التنفيذية، وساد منطق عبادة الفرد!
نعم، عانوا الشيوخ من احتقارالنظام لهم إذ وقف رأس السلطة فى خطاب النعمه، متّهمتهم بعدم الجدوائية بل أكثر من ذلك بعرقلة القوانين وتأخيرها متناسيا مكانتهم ودورهم، وعزف الجّوق على نفس المنوال، ثمّ مورست عليهم أنواع الضغوط تهديدية تارة وعروض مغرية تارة أخرى، سارت بخبرها الركبان وتناقلتها وسائل الإعلام ليقبلوا بالقضاء على غرفتهم! أين الكرامة الإنسانية من هذا؟ هجوم لاذع، تهديد ثمّ رشوة لكي يقبلوا سوقهم إلى المقصلة! لا لشيئ سوى نزوة القيصر!، وما الضّير فى انتصارهم لأنفسهم بعد إذلالهم، ولكرامتهم التى أهدرت من الجميع لم يسلم لهم جانب، المعارضة تصفهم بغرفة التسجيل واحتقارهم من نظام خدموه عشر حجج لم يعصوا له أمرا ! وإن افترضنا أن كلّ ذاك من دوافعهم من يمكن نفي حميتهم لثوابت ومقدّسات وطن؟ ربّما تلك الدّوافع مجتمعة، المهم عندنا أنّهم وقفوا سدّا منيعا فى وجه العبث بثوابت ودستورأمّة كان سيفتح الباب على المجهول، فكفّروا بذلك عن كلّ المآخذ عليهم، ألم يضع الشّارع كفّارة لليمين وللإفطار عمدا ؟ ألا يعتبر الرجوع إلى الحقّ حقّ؟ ألا نعتبرها توبة نصوحة؟ أو صحوة ضمير؟ أمْ كونهم أخفوا قرارهم عن السّلطان وأباطرة نظامه وحزبه الذين بيدهم كلّ القوّة ولن يتوانوا عن استغلالها ضدّهم، فذلك أمر يمكن تفهّمه ولا يعتبر أبدا خيانة، بل هو الإسرار بالحقّ حتى يتسنّى إظهاره، فإن كانوا صرّحوا للرئيس أنّهم سيصوتوا بنعم ثم خالفوا فلهم ذلك، لأن الكذب ليس محرّم لذاته بل لما يترتّب عليه، فيجوز الكذب لجلب منفعة أو لدرء مفسدة، وما أعظمها من مفسدة درؤوها!
----------------
من صفحة الأستاذة خديجة بنت سيدينا على الفيس بوك