كشفت إحصائيات حكومية، لأول مرة وبشكل رسمي، السبت الماضي، حجم نشاط شبكات الاتجار بالبشر في المغرب، التي كانت ظاهرة طالما نبهت إليها تقارير دولية واعتمد البرلمان قانونا لمكافحتها وانطلق تفعيله منذ بداية فبراير الماضي، فقالت إنه تم رصد 3094 عصابة وتفكيكها خلال 14 سنة، أي بين 2002 و2016.
وأعلن عن الرقم المذكور، على لسان فيصل بوزكري، المسؤول الذي مثل الوزارة المكلفة بشؤون الهجرة والجالية المغربية المقيمة بالخارج، في ندوة حول «المهاجرين والاتجار بالبشر، التحديات والمقاربات الرسمية»، نظمتها جمعية الأيادي المتضامنة، مقرها تطوان وتدير مراكز لتوجيه وإرشاد المهاجرين بشمال المملكة، بتعاون مع ممثليتي المنظمة الدولية للهجرة، والاتحاد الأوربي، بالمغرب. وفيما أظهرت الإحصائيات الرسمية ذاتها، أن بداية الألفية الثالثة، كانت ذروة نشاط عصابات الاتجار في البشر على الأراضي المغربية، إذ أن 2002، كانت السنة التي تم فيها رصد وتفكيك 425 شبكة مقابل 19 شبكة في 2016، أبرز المسؤول في الوزارة، ارتباط الانخفاض، بالخطط الوطنية المعتمدة لمكافحة الظاهرة، سيما «الإستراتيجية الوطنية للهجرة، المرتكزة على تسوية وضعية المهاجرين المقيمين بصورة غير شرعية في التراب الوطني».
ولم تحصر الوزارة عدد الأشخاص ضحايا تلك الشبكات المفككة، غير أن فاطمة الزهراء عتبي، ممثلة منظمة الهجرة الدولية في المملكة، قالت إن «أغلبية المهاجرين غير النظاميين الموجودين بالمغرب، هم من ضحايا شبكات الاتجار بالبشر»، التي تنظر إلى المغرب بلدا للعبور إلى أوربا، مشيرة إلى أن المنظمة رصدت خلال 2016، ست حالات لضحايا الاتجار بالبشر، الذي يعد ثالث جريمة عابرة للقارات في العالم، بعد الإرهاب والاتجار بالسلاح.
وفيما تشكل الإناث نسبة 60 % من ضحايا الاتجار بالبشر، لا تستهدف الظاهرة بالمغرب، المهاجرين وحدهم، إذ كشفت معطيات أوردتها تقارير دولية، سيما التقرير السنوي الأمريكي حول الاتجار بالبشر، وجود عصابات تنشط على المستوى الداخلي وضحاياها مغاربة، خصوصا القاصرين، إذ يتم الاتجار بهم لاستغلالهم في العمل المنزلي والجنسي (الدعارة).
وفيما يوجد المغرب، تبعا لذلك، ضمن صنف «الدول التي تبذل جهودا كبيرة للتصدي للظاهرة لكن بشكل غير كاف»، أكد ممثل الوزارة المكلفة بشؤون الهجرة والجالية المغربية المقيمة بالخارج، خلال الندوة ذاتها، أن عمليات تسوية الوضعية القانونية للمهاجرين، والتي تجري مرحلتها الثانية حاليا، تعد بالنسبة إلى المغرب، «المدخل الأساسي لحماية المهاجرين من الشبكات المتخصصة في الاتجار بالبشر».
وأبرز ممثل المفوضية العليا للأمم المتحدة الخاصة بشؤون اللاجئين بالمغرب، خلال الندوة ذاتها، أن التسوية القانونية، تعد الركيزة الأساسية للحماية من الاتجار في البشر، بقوله «المفوضية تعمل على منح اللاجئين والمهاجرين، في البلدان التي يوجدون فيها، بطاقة اللاجئ، ما يمكنهم من تدبر حياتهم اليومية وحمايتهم من شبكات الاتجار بالبشر»، مشيرا إلى أن تضافر «جهود منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الرسمية، ضروري من أجل التصدي للهجرة».
يشار إلى أن وزارة العدل والحريات، أمرت، خلال فبراير الماضي، وكلاء الملك بالمحاكم الاستئنافية والابتدائية، باليقظة من أجل ضمان تطبيق مقتضيات القانون المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر، الصادر بالجريدة الرسمية في شتنبر الماضي، كما نبهتهم إلى أن جنحا ظاهرها التسول والاستغلال في البغاء يمكن أن تستبطن في الواقع أفعالا ذات ارتباط بالاتجار في البشر.
م . خ
، الذي تعرفه الأمم المتحدة بوصفه كل عملية توظيف أو انتقال أو نقل أو تقديم ملاذ لأناس بغرض استغلالهم تحت التهديد أو استخدام القوة وغيرها من أشكال الإكراه.
امحمد خيي