بعد أكثر من خمسة أشهر على الجمود في المغرب، أدت المفاوضات في نهاية المطاف إلى اتفاق على تشكيل ائتلاف حكومي، ومن المفترض أن يتم سريعا تأليف الحكومة الجديدة التي ستضم ستة أحزاب، وفق ما أعلن رئيس الوزراء المكلف سعد الدين العثماني السبت.
وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس قد عين العثماني رئيسا للحكومة، ليحل مكان عبد الإله بن كيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية الذي تم إعفاؤه.
والعثماني نائب رئيس حزب العدالة والتنمية الإسلامي الذي فاز في الانتخابات البرلمانية في تشرين الأول/أكتوبر 2016، وكان قد بدأ مشاورات مع الأحزاب الرئيسية في البرلمان.
وبعد خمسة أشهر من المفاوضات المكثفة والمطولة، لم يتمكن بن كيران من جمع الحد الأدنى من الأصوات اللازمة وعددها 198 ليحصل على الثقة لحكومته في البرلمان.
وسيضم الائتلاف الحكومي الجديد كلا من حزب العدالة والتنمية، حزب التقدم والاشتراكية (شيوعي)، التجمع الوطني للأحرار (ليبراليون)، الحركة الشعبية، الاتحاد الدستوري، والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، حسبما أعلن العثماني خلال مؤتمر صحافي.
وأضاف العثماني من مقر حزبه في الرباط إثر لقائه رؤساء تلك المكونات السياسية أنه "سيتم تشكيل لجنة ابتداء من الأحد للنظر في تعيين الوزراء وإعداد برنامج حكومي".
ووافق رئيس الوزراء المكلف في نهاية المطاف على مشاركة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في الائتلاف الحكومي العتيد، وهي مسألة كانت حتى الآن سببا أساسيا لجمود المفاوضات.
وكان الوجه السياسي الجديد النافذ في المغرب الملياردير ووزير الزراعة السابق عزيز أخنوش قد اشترط مشاركة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في الحكومة، لكن بن كيران رفض ذلك واعتبره خطا أحمر.
وسيستند الائتلاف الحكومي الجديد إلى غالبية من 240 نائبا من أصل 395 هي مجموع مقاعد مجلس النواب. ولدى حزب العدالة والتنمية 125 من بين تلك المقاعد.
والأزمة الحكومية في المغرب غير مسبوقة منذ نحو 20 سنة من حكم الملك محمد السادس (1999)، كما أن المراقبين اعتبروا أن التأخير في تشكيل الحكومة هو الأطول في تاريخ البلاد منذ استقلالها العام 1956.
وبحسب الصحافة المحلية، فإن الإعلان عن الحكومة الجديدة قد يتم قبل 28 آذار/مارس، موعد سفر الملك إلى عمان لحضور القمة العربية.
وقد وضع حزب العدالة والتنمية السبت لائحة من ثلاثين وزيرا محتملا، وفقا لوسائل إعلام محلية.
وإذ أشار العثماني إلى أنه تصرف "وفقا للدستور والديمقراطية والإرادة الشعبية"، أكد عزم الجميع على "الإسراع في تشكيل حكومة قادرة على مواجهة التحديات" وتكون حكومة عمل يرى المواطنون نتائجها، على حد تعبيره.
والعثماني طبيب نفسي ووزير خارجية سابق من كانون الثاني/يناير 2012 إلى تشرين الأول/أكتوبر 2013، وهو من مواليد منطقة سوس جنوب المملكة.
وتقليديا، لا تؤخذ التوجهات العقائدية للأحزاب في الاعتبار في المغرب عند تشكيل التحالفات الحكومية التي تعمل بإشراف الملك الذي يحتفظ بسلطة القرار في الخارجية والأمن والقطاعات الأساسية للاقتصاد.
ويعتبر إشراك الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في الحكومة المقبلة تنازلا كبيرا يقدمه رئيس الوزراء الجديد.
وقد يثير هذا التنازل جدلا واسعا داخل حزب العدالة والتنمية، بعد الإطاحة ببن كيران الشخصية الكاريزمية الذي يعتبر صانع النجاحات الانتخابية للحزب الإسلامي.
فرانس24/ أ ف ب