رغم أن القانون الجزائري يمنع تشكيل قوائم انتخابية من الرجال فقط، فإن حزباً معارضاً لجأ إلى تشكيل قائمة انتخابية من النساء فقط، في محافظة تقع غرب البلاد، لخوض الانتخابات البرلمانية، المقررة في 4 مايو/أيار المقبل، في سابقة هي الأولى من نوعها بتاريخ الجزائر؛ إذ إنه لا توجد أي مادة في القانون تمنع تشكيل قوائم نسوية بحتة، عكس القوائم الرجالية.
في محافظة الشلف (غرب الجزائر)، أُعلن تشكيل قائمة نسائية 100%، ويوم انطلاق الحملة الانتخابية، في 9 أبريل/نيسان الجاري، فجّر رئيس حزب الجبهة الوطنية الجزائرية (معارض)، موسى تواتي، مفاجأة غير مسبوقة بتقديم قائمة مشكلة من النساء فقط، في محافظة الشلف (200 كم غرب العاصمة).
وتتصدر هذه القائمة النسائية المحامية خدوجة بوسكة، إلى جانب مترشحات يشتغلن في المحاماة والطب والإدارة العمومية، وفق ما أفادت به قيادة الحزب لوكالة الأناضول.
والجبهة الوطنية الجزائرية، حزب جزائري معارض ينتمي إلى تيار الوسط، ويقوده مرشح الرئاسة السابق موسى تواتي، ويعتبر حالياً سابع كتلة نيابية في المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان) بـ9 مقاعد من إجمالي 462 مقعداً، التي سيجري التنافس عليها خلال الانتخابات المقبلة.
"رداً على عدم المساواة"
وقال رئيس الحزب موسى تواتي، في تصريح لـ"الأناضول": "أثق بالعنصر النسوي، كما أن لا قانون يمنع وجود قائمة مشكلة من النساء؛ بل يمنع أن تتشكل من الرجال فقط".
وأضاف: "القائمة النسوية لا تعني غياب مترشحين ذكور، ولكن النساء هن الأكثر نشاطاً في الهياكل المحلية للحزب".
وأشار تواتي، إلى أنّ قرار اختياره النساء لتشكيل قائمة انتخابية بمحافظة الشلف يعتبر رداً على ظاهرة عدم مساواة الرجل مع المرأة في كثير من المجالات.
وذكر بهذا الخصوص: "عدم المساواة بين العنصرين موجود في الانتخابات، حيث يحتكر الرجل ترتيب القوائم وتكون زعامة المرأة بدرجة أقلّ؛ لذلك أردنا تجسيد المساواة بين الجنسين".
وأبدى المتحدث تفاؤله بتصويت المواطنين على القائمة النسائية التي تتصدرها خدوجة بوسكة، بقوله: "بطبيعة الحال متفائل؛ لأنّنا نتحدث هنا عن الكفاءة والنزاهة، فالمرأة ملتزمة مقارنة بالكثير من الرجال، والتزامها وتجاربها في الحياة خير دليل للناس".
من جهتها، قالت متصدرة قائمة الحزب بوسكة، إنّ "مناضلات الحزب يدافعن عن البرنامج الانتخابي لحزب الجبهة الجزائرية الوطنية الأفانا".
وأضافت في حوار مع جريدة "الوطن" الناطقة بالفرنسية (خاصة) نُشر في 13 أبريل/نيسان الجاري: "عمري 38 سنة، أشتغل محامية ومناضلة في الحزب منذ 2008، حاصلة على 3 شهادات ليسانس؛ في القانون، واللغة الإنكليزية، والتعليم".
وأوضحت أنّ "اختيار المرشحين تم على أساس معايير دقيقة وصارمة؛ منها النشاط (الحزبي) والمستوى الجامعي".
وأكدّت أنّ "القائمة المكونة من الإناث 100٪، تضم أكاديميات ومديرات في مؤسسات وإدارات عامة، واختيارهن من قِبل رئيس الحزب موسى تواتي يعتبر تشجيعاً وتقديراً لهن ولنشاطهن".
مشاركة المرأة
ويأتي هذا الحدث الجديد والمفاجئ في الوسط السياسي الجزائري في ظل هيمنة الرجال على قوائم الترشيحات بمختلف الانتخابات المنظمة بالبلاد، سواء الرئاسية أو النيابية أو المحلية (البلدية والولائية).
وتقول السلطات الجزائرية إن العدد الإجمالي للمترشحين للانتخابات البرلمانية القادمة بلغ 12 ألفاً و591 شخصاً، منهم 3 آلاف و945 امرأةً، أي إن نسبة 31.33% من إجمالي عدد المترشحين هن نساء.
ووضعت السلطات الجزائرية في 2012 قانوناً أُطلق عليه "قانون توسيع مشاركة المرأة في المجالس المنتخبة"، وهو نص فرض حصة ما بين 20 و50% من المقاعد في المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان) لفئة النساء، ويلزم الأحزاب بتخصيص هذه النسبة لهن في قوائمها.
وينص القانون في مادته الثانية حول تخصيص هذه النسبة على أنّه "يجب ألاّ يقل عدد النساء في كل قائمة ترشيحات، حرّة أو مقدمة من حزب أو عدة أحزاب سياسية، عن النسب المحددة بين 20 و50% بحسب عدد المقاعد، المتنافس عليها وإلا تلغى هذه القوائم آليا".
وحدد القانون ذاته، النسبة بـ20% عندما يكون عدد المقاعد يساوي 4 مقاعد في الدائرة الانتخابية، و30% عندما يكون عدد المقاعد يساوي أو يفوق 5 مقاعد، و35% عندما يكون عدد المقاعد يساوي أو يفوق 14 مقعداً، و40% عندما يكون عدد المقاعد يساوي أو يفوق 32 مقعداً، و50% بالنسبة لمقاعد الجالية الجزائرية في الخارج.
ومن نتائج تطبيق هذا القانون، دخول 145 امرأة إلى المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان)، في انتخابات مايو/أيار 2012، من بين 462 مقعداً، وهي "كوتا" لقيت إشادة من عدة منظمات دولية وحكومات غربية، لكنها لاقت انتقادات أطراف داخلية، حيث تجد العديد من الأحزاب صعوبة في إيجاد نساء للترشح في قوائمها؛ ما يدفعها أحياناً لاختيار نساء بصرف النظر عن كفاءتهن السياسية والثقافية والتعليمية.
وتعتمد الجزائر نظام القائمة المغلقة في الانتخابات البرلمانية، حيث تُمنح المقاعد حسب عدد المصوتين لكل قائمة وترتيبياً من رأس القائمة إلى نهايتها. "الاناضول"