تونس.. تعديل وزاري أم إعادة هيكلة؟ | 28 نوفمبر

تونس.. تعديل وزاري أم إعادة هيكلة؟

سبت, 07/08/2017 - 00:53

غم أن حكومة يوسف الشاهد لم تكمل سنتها الأولى، إلا أن الأوساط السياسية في تونس تضج بدعوات من سياسين ونقابيين لإجراء تعديل وزاري "عميق".

وتتباين المواقف إزاء هذه الخطوة، إذ يراها البعض ضرورية لتفعيل الأداء الحكومي، ويؤيدها آخرون، لكنهم يحذرون من "تبعثر أوراق الحكومة"، في ظل معسكر يرى أنها لن تحل شيئا من مشكلات البلاد.

وفي حين أنه لم يتم الإعلان رسميا عن إجراء تعديل وزاري، إلا أنّ تقارير صحفية أشارت إلى أن حسم الملف سيكون منتصف يوليو / تموز الحالي.

وأفادت وسائل إعلام محلية بأن الشاهد سيجري مشاوراته لإجراء التعديل، عقب عودته من الولايات المتحدة، التي سيزورها ما بين 9 – 13 من الشهر الجاري.

نداء تونس وإعادة الهيكلة

نجل الرئيس التونسي، حافظ قائد السّبسي، المدير التنفيذي لحركة "نداء تونس" كان من أوّل الداعين إلى إجراء التعديل، بحجة أنه بعد مرور أكثر من عشرة أشهر على توقيع وثيقة قرطاج، صار من الضروري "تحوير الحكومة في العمق وحتى إعادة هيكلتها".

وتضم حكومة الشاهد الحالية، التي انبثقت عن "وثيقة قرطاج"، أواخر أغسطس/ آب الماضي، 26 وزيرا، و14 كاتب دولة (موظفا حكوميا برتبة وزير).

وبفعل الانشقاقات التي ضربتها، تراجعت "نداء تونس" من 86 مقعدا في البرلمان إلى 59 مقعدا، من أصل 217.

وفي تعليقه للأناضول، قال حسن العماري، القيادي بالحركة إن "الحكومة الحاليّة سجلت نجاحا في بعض المجالات، إلا أنها لا تخلو من هنات في عمل بعض الوزارات".

ورفض الرجل تقديم مزيد من التفاصيل حول الوزارات التي يقصدها، وأوجه القصور التي شابتها.

وأشار العماري إلى شغور وزارتي التربية والمالية، رغم أهميتهما خاصة مع "اقتراب الموسم الدراسي وإعداد موازنة 2018، وما يتطلبان من تفرغ ومجهود وزاري".

وأواخر أبريل/ نيسان الماضي، شهدت الحكومة التونسية تعديلا جزئيا تمثّل في إقالة وزير التربية، ناجي جلول، ووزيرة المالية، لمياء الزريبي، مع تعيين سليم خلبوس، عوضا عن الأول بالإنابة، وفاضل عبد الكافي، بدلا عن الثاني بالإنابة أيضا.

ويعود تشدد "نداء تونس" في إجراء التعديل باعتبار أن "الموسم الصيفي يعد أنسب وقت لإجراء التحوير، حتى يكون للوزير الجديد إمكانيّة التعرف على وزارته"، كما أوضح العماري.

ومن الأسباب التي يجادل بها العماري أن، "تمثيل نداء تونس في الحكومة الحالية يعتبر ضعيفا، ولذلك نحن نؤكد ضرورة احترام أصوات الناخبين، واحترام الحزب الذي فاز في الانتخابات التشريعية".

واستشهد بأن "النظام السياسي في تونس شبه برلماني، لا يسمح بأن تكون الحكومة بلون واحد، وأن المشهد السياسي يتطلب مزيدا من الوحدة الوطنية".

بالمقابل، استبعد القيادي في الحركة "توسعة" الائتلاف الحاكم بحجة أن هناك أحزابا "اختارت من البداية أن تكون في صف المعارضة".

ويضم الائتلاف حاليا، بجانب حركة السبسي، ذات التوجه الليبرالي، حركة النهضة (إسلامي)، آفاق تونس (ليبرالي)، الحزب الجمهوري (وسط)، وحزب المسار (يساري).

مخاوف النهضة

من جانبها، عبرت حركة النهضة، التي تتصدر مقاعد البرلمان بـ 69 نائبا، عن تأييدها للتعديل الوزاري، لكن شريطة أن يكون بعد "استشارتها"، وبعيدا عن الحسابات السياسية "الضيقة".

وفي إفادته للأناضول، قال عماد الخميري، الناطق الرسمي باسم الحركة، "نحن مضطرون للذهاب إلى التحوير الوزاري خاصة مع وجود شغور في وزارات على غرار التربية والمالية".

وأضاف أن "حكومة الشاهد لديها الآن ما يقارب السنة، وهي مدة كافية تسمح له بتقييم أداء بعض الوزارات، وإجراء تعديل لتحسين مردوديتها".

غير أنه استدرك "نحن مع الاستقرار، ولسنا مع تعديل عميق قد يبعثر أوراق الحكومة ويشوش اهتماماتها، خاصة في الملفات الكبرى، مثل الفساد، والإرهاب، والمسائل الاقتصادية".

وأبدى حرص حركته على أن "لا يشمل التعديل الوزاري أشخاصا تحوم حولهم شبهات فساد مالي".

وأكد دعمهم لحملة رئيس الحكومة ضد الفساد كـ "أولوية لا يمسها التحوير".

من سلسلة الإقالات

وفي نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أقال الشاهد وزير الشؤون الدينية، عبد الجليل بن سالم، وذلك "لعدم احترامه لضوابط العمل الحكومي، وتصريحاته التي مست بمبادئ وثوابت الدبلوماسية التونسية".

وتعود إقالة سالم، الذي عُين أحمد عظوم بدلا عنه، إلى مطالبته السعودية بـ "إصلاح مدرستها الدينية"، بحجة أن "الإرهاب، تاريخيا، متخرج منها".

كما ألغت الحكومة التونسية، مطلع آذار/ مارس الماضي، وزارة الحوكمة والوظيفة العمومية، على خلفية رفض خليل الغرياني، نائب رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، المكلف بالملف الاجتماعي، تعيينه وزيرا لها.

وكان الشاهد قد أقال، وقتها، عبيد البريكي من هذه الوزارة.

كيف يكون التغيير؟

بالنسبة إلى أستاذ القانون العام بالجامعة التونسية، عبد المجيد العبدلي، فإن " السلطة أصبحت في تونس غنيمة، وأن الوضع الذّي تمر به لن ينقذه التعديل الوزاري".

ورأى في حديثه للأناضول، أن "المواطن التونسي لم يعد يهتم بمن سيكون على رأس كل وزارة، فهو لا يعرف حتّى أسماء الوزراء، فما يهمه اليوم حكومة تسهر على تحسين وضع البلاد، وهو ما لم يحصل".

ولا يؤيد أستاذ القانون التعديل الوزاري لأن "الوضع سيتواصل على حاله (...) من يدعو للتحوير لا بد أن يكون له برنامج اقتصادي وتعليمي".

واستشهد بأن "الفساد استشرى في كل القطاعات، والحكومة ليس لديها سياسة وبرنامج واضح، كأنها حكومة تسيير أعمال، وبالتالي فإن التعديل لن يُغيّر شيئا".

لكنه استحسن ما اعتبره "التأثير النقابي" في التعديل المُحتمل، قائلا "لحسن الحظ فإن الاتحاد العام التونسي للشغل يدافع على مطالب الطبقة الشغيلة، التي تمثل ثلاث أرباع المجتمع".

وكان أمين عام الاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي، قد أيد التعديل لكون "الحكومة في أمس الحاجة إلى تغيير في بعض المواقع الهامة".

ومن أهم هذه المواقع كما يرى الطبوبي، "الوزارات الحساسة التي لها علاقة بالمسائل الخدمية اليومية".

الأناضول