تناولت صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية الاضطرابات التى تضرب المغرب منذ الانتخابات البرلمانية الأخيرة ومقتل بائع السمك "محسن فكرى" فى "الحُسيمة" أكتوبر من العام الماضى.
وفى تقرير الصحيفة بعنوان "بعد 6 أعوام.. الربيع العربى يضرب المغرب"، قالت إنّه على غرار تونس ومصر، مهد ثورات الربيع العربى، والتى كان مُفجريها "محمد البوعزيزى، وخالد سعيد"، كان بطل المشهد فى المغرب "محسن فكرى".
وأشارت "هاآرتس" إلى أن الاضطرابات الأخيرة شهدت تغيّراً جذرياً تعكس الغضب المتنامى فى البلاد، حينما أعلن رئيس الوزراء المُقال "عبد الله بنكيران" أن الملك ليس إله، وليس معصوم.
وقالت إنّه منذ البداية، رأت السلطات أن حظر التجول وقمع الاحتجاجات، والتواجد الشرطي والعسكري سيكون كافيا لتهدئة الأمور، لكن مواطنى تلك المدينة والمناطق المجاورة، أوضحوا أن الحكومة قد أساءت الحكم على الغضب المتراكم على مر السنين.
وكالعادة كانت شبكات التواصل الاجتماعى فى صدارة المشهد السياسى، وسرعان ما انتشرت المظاهرات فى مدن أخرى، واعتقل الجيش مئات المتظاهرين، وتم منع الصحفيين من تغطية الأحداث.
وفى خطاب الملك محمد السادس الأخير، الذي يحكم البلاد منذ 18 عاماً، لم يكن بإمكانه تجنّب ذكر تلك الأحداث، وتوبيخ المسؤولين الذين فشلوا فى تنفيذ خطه التنموية بمناطق ريفية قرب مضيق جبل طارق.
وشهد سكان الريف، ومعظمهم من البربر، تحسناً كبيراً في حقوقهم الثقافية خلال حكم الملك، لكنهم لا يزالون يعانون من آثار التمييز الاقتصادى والفساد البيروقراطى، واعتبروا أن خطاب الملك خيبة أمل لهم، ولم يتم حبس الشرطيون المسؤولون عن مقتل "فكري" سوى بضعة أشهر فقط، فضلاً عن عد تحقيق وعود التنمية.
ورفع المحتجون فى الحسيمة ومدن أخرى فى المغرب نفس شعارات ميدان التحرير فى القاهرة، "حرية، كرامة، عدالة الاجتماعية" فى مظاهرات يقودها الحراك الشعبى، وزعيمهم "ناصر الزفزافى" المعتقل حالياً.
ويسعى سكان المدينة التى تفخر بنجاحها في محاربة القوات الإسبانية في بداية القرن العشرين، إلى الكرامة والعدالة، وكذلك التحرّر منن النظام والوجود العسكري الكثيف بالمنطقة، الذي جعلها منطقة أمنية، فضلاً عن أن الاتجار بالمخدرات شائع في المنطقة، وانضم العديد من الشبان من الريف إلى تنظيم داعش كبديل للبطالة، لذا ترى السلطات ذلك سبباً لتواجدها العسكري، ولكنه يسبّب مواجهات مع المدنيين، وفقاً للصحيفة العبرية.
وأضافت أن الحكومة المغربية منقسمة بين فريقين، أحدهما يدعم قمع الانتفاضة، والآخر للحوار مع المتظاهرين، الذين رفعوا من حجم مطالبهم ويرغبون في التفاوض مباشرة مع الملك، وليس مع رئيس الوزراء الجديد سعد الدين عثماني.
ويسيطر الملك على جميع مؤسسات الدولة ويحظى بدعم الجيش، ولا يتدخل عادة في الخلافات العامة، حيث يترك تلك المهمة إلى الحكومة، لذا فإن مطالب المفاوضات المباشرة معه هو استثنائى يرفضه الملك محمد السادس.