من هو الرئيس العاشر “لإسرائيل”؟
الأحد, 29 يونيو 2014 18:40

abdel-husein-shaban.jpg77   عبد الحسين شعبان

تغلّب رؤفين ريفلين على منافسيه الأربعة لرئاسة دولة  “إسرائيل”، الأولمائير شطريت (من حزب الحركة) والثانية داليا اتسيك (عضوة الكنيست السابقة) والثالث البروفسور دان شختمان (الحاصل

على جائزة نوبل في الكيمياء العام 2011) والرابعة داليا دورنر (القاضية المتقاعدة).

وكان المرشحالخامس هو الصهيوني العراقي بنيامين بن أليعازار الذي لوحق بتهمة الرشوة التي حصل عليها من أحد رجالات النفط فوز ريفلين في الانتخابات سيضعه في موقع الرئاسة لسبع سنوات قادمة، وليصبح الرئيس العاشر ” لإسرائيل” منذ تأسيسها في 15 أيار (مايو) العام 1948.

وكان أول رئيس هو حاييم وايزمان واستمر من العام 1949 ولغاية العام 1952، ثم اختير اسحاق بن زفي بين عامي 1952-1963 وجاء بعد زلمان شازار الذي استمر لعشر سنوات بين العام 1963-1973، وكان الرئيس الرابع إفرايم كاتسير من العام 1973 ولغاية العام 1978 واحتل موقع الرئاسة الخامسة إسحاق نافون بين العام 1978-1983. ثم جاء الرئيس السادس حاييم هيرتسوغ الذي كان مندوباً “لإسرائيل” في الأمم المتحدة في السبعينات، ويوم صدر القرار 3379 الخاص بمساواة الصهيونية بالعنصرية، واعتبارها شكلاً من أشكال العنصرية والتمييز العنصري في 10 تشرين الثاني (نوفمبر) العام 1975، خرج هيرتسوغ من حدود اللياقة الدبلوماسية ومزّق القرار من على منبر الأمم المتحدة، واعتبره قراراً مثيراً للاشمئزاز، وعندما أصبح رئيساً لدولة “إسرائيل” في العام 1983، تعهد بألاّ يمرّ العام 1990 (نهاية فترة رئاسته) إلاّ ويكون هذا القرار الكريه حسب التعابير المتداولة صهيونياً إلاّ وقد أعدم.

وعملت الصهيونية العالمية وضمن خطة إسرائيلية ودولية إلى إلغاء القرار، وتحقّق لها ذلك بتغيير ميزان القوى العربي والعالمي، بعد تدهور التضامن العربي وانقسام العرب بعد غزو الكويت العام 1990 وانحلال كتلة الدول الاشتراكية، حين بدأت المفاوضات الإسرائيلية- الفلسطينية السرّية في مدريد العام 1991 وصولاً إلى إتفاقية أوسلو العام 1993، حيث أجهضت النتائج الإيجابية التي حققتها الانتفاضة الفلسطينية منذ أواخر العام 1987 بالتدريج، وخصوصاً عند الوصول إلى محطة أوسلو، التي كان يفترض أن تنتهي بمفاوضات “الحل النهائي” في العام 1999، لكنها وصلت إلى طريق مسدود، وذلك في فترة الرئيس “الإسرائيلي” عيزرا فايتسمان 1993-2000.

وابتدأت رئاسة موشي كتساف العام 2000-2007 المحكوم حالياً لمدة سبع سنوات بتهمة الفساد والتحرش الجنسي، مع بداية الانتفاضة الفلسطينية الثانية، وانتهت بُعيد حرب تموز “الإسرائيلية” ضد الشعب اللبناني وجنوبه بالتحديد، وكانت رئاسة شمعون بيريز وهو الشخصية الإسرائيلية التي لعبت أدواراً كبيرة في السياسة الإسرائيلية قد ترافقت مع الحصار ثم الحرب ضد غزة العام 2008-2009 والحرب ضد حزب الله، وضد الوفاق الفلسطيني بين حماس وفتح، وهكذا تبدأ الآن مرحلة جديدة بانتخاب رؤوفين ريفلين إلى سدّة رئاسة دولة “إسرائيل” .

حصل ريفلين وهو من حزب الليكود على 63 صوتاً بعد جولة ثانية ضد منافسه مائير شطرت الذي حصل على 53 صوتاً، وأثار انتخابه لغطاً كبيراً في أنه على خلاف شديد مع رئيس الوزراء نتنياهو الذي قيل أنه لم يصوّت له،منذ أن كان رئيساً للكنيست.

يعتبر ريفلين من اليمين الآيديولوجي ولكنه استقطب أصوات اليمين واليسار المتطرّف معاً، بل إنه حصل على أصوات النواب العرب في الكنيست. الرئيس الإسرائيلي الجديد رفلين وإن كان منصبه شرفياً وبروتوكولياً، أي فخرياً وليس تنفيذياً، لكن هذا المنصب يعد رفيعاً لاعتبارات كثيرة، منها أنه رئيساً للدولة، وكذلك إن اختيار الشخصيات التي توّلت هذا المنصب، جاء بعد خبرات عمل طويلة لها وخدمتها في مؤسسات الدولة، سواء على مستوى رئاسة الوزراء أو تمثيل “إسرائيل” في الأمم المتحدة أو غيرها من المناصب الأكاديمية والاجتماعية الرفيعة المستوى. ويأتي اختيار رفلين خلفاً لشمعون بيريز الذي يعتبر شخصية عالمية لها شعبية في “إسرائيل”، وارتبط بعلاقات قوية مع العديد من رؤساء العالم ، وقد حاول إدارة مفاوضات ثنائية مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، لكن نتنياهو أجهضها.

يعتبر ريفلين من أشد المعارضين لحل الدولتين وتقسيم القدس وهو يؤمن بدولة “إسرائيل” الكبرى، التي ينبغي أن تمتد ” من النهر إلى البحر”، وهي مواقف كان سلفه يتحاشى التعبير عنها أمام قادة العالم وزعمائه، لأنه يدرك أنها ستساعد على عزل دولة “إسرائيل”، ولهذه الأسباب فقد يكون من المرجّح أن لا يتعاطى ريفلين كثيراً في السياسة الخارجية، إلاّ إذا حاول مناكفة نتنياهو، وعلى أغلب الظن أنه سيسعى لمتابعة بعض قضايا السياسة الاجتماعية الداخلية.

ريفلين هو استاذ للدراسات الإسلامية، وقد ترجم القرآن للعبرية وهو محامي وعضو في الكنيست منذ العام 1988 ورئيساً له .

إن دلالة فوز ريفلين تعكس طبيعة التغييرات في المجتمع “الإسرائيلي”، وخصوصاً اتجاهات التعصب والتطرّف والتشدّد ضد العرب والفلسطينيين، وضد أي حل يستجيب لمطالب ما يسمى بالحد الأدنى وفقاً لقرارات الأمم المتحدة. كما أنه من جهة ثانية يعكس التوجهات اليمينية داخل الكنيست التي صوّتت لصالح ريفلين، خصوصاً وأنه كان قد صدر عن الكنيست في الفترة الماضية عدداً من القوانين العنصرية ضد حقوق العرب الفلسطينيين، سواء على المستوى السياسي أو المستويات الاقتصادية والمعيشية، بهدف دفعهم نحو الهجرة، ناهيكم عن المضايقات ضد السلطة الفلسطينية المستمرة، إضافة تصاعد عملية تهويد القدس والأماكن المقدسة إسلامياً ومسيحياً، لذلك فإن المتفائلين بإمكانية استمرار مفاوضات السلام للوصول على حل مقبول عربياً، سيكون من باب التمنّي، لأن ريفلين أشد تطرفاً حتى من نتنياهو.

هكذا تتأكد يوماً بعد يوم أن دولة الكيان الصهيوني، تزداد تعصباً وتطرفاً وأن مجتمعها يزداد انغلاقاً وغلّواً، بل أن القادة “الإسرائيليين” هم الأكثر غطرسة وعدوانية وعنصرية على المستوى العالمي، من جيل الآباء المؤسسين إلى اليوم، ومن بن غوريون إلى نتنياهو ومن حاييم وايزمن إلى رؤفين ريفلين!

 

باحث ومفكر عربي

فيديو 28 نوفمبر

البحث