حماس والاخوان: ما الجديد؟!
الاثنين, 30 يونيو 2014 17:44

  abdallah-assafeenد. عبدالله السعافين  

انهارت وتنهار وسوف تنهار الحركات والتنظيمات والأحزاب التي تخطيء في ثلاثية الهوية والاستراتيجية والادارة. ومناسبة الحديث هنا هي ما آلت اليه حركة الاخوان المسلمين بعد أكثر من ثمانين عاما من تأسيسها، شكلت

 الحركة خلالها مآلاً لعشرات الآلاف من الباحثين عن الأصالة والمحافظة والتدين والتغيير. وقدمت فيها الحركة خدمات جليلة في اعداد أجيال كاملة من الشباب المنضبط سلوكاً وتديناً، وساهمت بقوة في تبطئة التغريب ببعده السلبي الذي نفذته النخب الحاكمة في كثير من الدول العربية، وشاركت في كثير من المشاريع الاغاثية والتربوية.

لم تعتبر حركة الاخوان نفسها صراحة جماعة المسلمين، ولم تنص أدبياتها على أن من كان خارجها فاسقاً أو كافراً أو مسلماُ ضعيف الايمان أو قليل الالتزام، لكنها عملياً أرادت كل من يتحرك للدعوة الى الاسلام أن يكون تحت لوائها.

من هنا نشأت أخطر الظواهر على الاطلاق في تاريخ الحركة وهي ظاهرة الحزبية بمفهومها السلبي. فاعتقاد الاخوان أنهم أفضل من يدعو الى الاسلام أو يمثله، سواء صرحوا بذلك أو طبقوه عملياً بلا تصريح، شكل النفسية الحزبية، وأسس للتحزب والانطواء.

وما زال الاخوان عاجزين عن الاعتراف بأنهم مجرد وسيلة أو تجربة بشرية اجتهادية للدعوة الى احياء الاسلام والدعوة اليه، مما ساهم في اذابة الفرق في أذهان مناصريهم بين الاخوان والاسلام.

قد يقول قائل ان استراتيجية الاخوان هي اصلاح الفرد والأسرة والمجتمع، ومن ثم الدولة. وهذا في الواقع ليس استراتيجية بالمعنى العلمي الاداري، وهو يقع ضمن دائرة الشعار والترويج وحسب، وهو شعار يدركه ويفهمه أي ملتزم دينياً له بعض الاهتمام بالمشروع الاسلامي.

ولا يوجد في اطروحات الاخوان ولا ملفاتهم ولا تجربتهم ما يدل على تغيير مرسوم سلفاً مبني على تخطيط تفصيلي بعيد المدى ومبني على فهم الذات والبيئة المحيطة والعالم. 

لايمكن مع ذلك نفي بعض التجارب التي بنيت على استراتيجية واضحة المعالم في كل من اليمن والسودان بزعامة الترابي، لكن السائد هو تكرار الخلف لأعمال السلف، وفي غياب الاستراتيجية، لم تتمكن حركة الاخوان من احداث تغييرات هائلة في المنطقة تتلاءم مع انتشار الاخوان وأعدادهم الكبيرة، وامكاناتهم المادية والبشرية، وقدرتهم على الاستقطاب.

لكن نشاطهم المثير للاعجاب في المشاريع الخيرية والتربوية وحتى السياسية، انطلق من هدف المحافظة على كيان الجماعة، بدلاً من خدمة الدين بتجسيده تسامحاً وتنمية وحضارة، بمعنى أن الاخوان قدموا العمل الخاص على العمل العام.

اذا عملت الأحزاب والحركات لخدمة المجتمع فان مصيرها الانتشار والتطور والريادة..  واذا انطلقت في عملها من عقدة المحافظة على الكيان وتقوية الحزب والاحتماء بالمؤسسات، فانها تتحول الى طائفة، لها مؤسساتها ونشاطها الذي يتفاعل مع المجتمع بقدر استفادة الطائفة من هذا التفاعل في المحافظة على كيانها.

ورغم أن الاخوان وضعوا عند نشأتهم لوائح ادارية لتنظيم عملهم واختيار قيادتهم وضبط عملهم، وكانت وقتها لوائح متميزة تناسب الظرف والعصر والحال، الا أن الجماعة بقيت بعد ذلك أسيرة أفكار ولوائح ادارية تناسب النصف الأول من القرن الماضي.

وبذا ضربت الحركة حول نفسها غلافا من التخلف الاداري المرتبط بلوائح قديمة يرفض القائمون على الحركة تغيير جوهرها. هذا النظام الاداري أدى الى اقفال الطريق أمام الابداع ومنع تجاوز الشخصيات القديمة في الحركة، ووفر الفرصة الكاملة لسيطرة الجيل القديم ومن ينافق له من الجيل الشاب، على ادارة الحركة بشكل مطلق. وقد حول هذا الواقع الاداري الجماعة الى مؤسسة تعاني من الجمود.

 ورغم وجود كوادر جديدة في الاخوان الا أن النظام الاداري يجعل التخلف والجمود السمة النهائية لأداء الاخوان. لقد كتب الدكتور محمد البلتاجي مقالاً بعد ثورة 25 يناير المصرية حذر فيه من تقدم الاخوان لمنصب رئاسة الجمهورية، وجاء بعنوان “حتى لا نقع في الفخ”، لكن ضغوط قيادات الجماعة وتحديدا مجلس شوراها بعناصره العتيقة داخل وخارج مصر أرغمه على القبول بقرار الجماعة ترشيح محمد مرسي لمنصب الرئاسة، وكان ما كان.

ومن تطبيقات هذا السلوك في فلسطين اشتراط أن يكون من يتولى أمور الناس في الادارة والحكم والخدمات هم فقط من تنطبق عليهم معايير حزبية تنظيمية لا علاقة لها بالكفاءة والعلم والمصلحة الوطنية.

لقد أخبرني أستاذ جامعي معروف بكفاءته العلمية يعمل في جامعة تشرف عليها حركة الاخوان بأن مسؤلاً تنظيمياً عطل لسنوات ترقيته عميداً للكلية التي يدرس فيها، مع ان هذا المسؤول ليس له علاقة ادارية او معرفة علمية تسمح له بذلك، والمثير للسخرية هو أن هذا الأستاذ ينتمي تنظيمياً الى الاخوان، لكن بعض المتنفذين في الجماعة يصنفونه “مشاكساً”!! ان امكانية الاصلاح مشروطة بازاحة الشخصيات العصية على التغيير المصرة على التشبث بالموروث وكأنه كلام الله المنزل.

وان من يتصدون للمسؤولية هم أنفسهم الذين أوردوا الجماعة المهالك مرة تلو المرة. وفي فلسطين بالتحديد، اكتفت قيادات الحركة في الخارج بالاختفاء أو الانكفاء، وانتقل الشعب من حصار الى حصار، و بتنا نعادي الأصدقاء، وأضعنا ارثاً عظيماً من التضحية والبطولة والفداء. لقد أحسن صنعاً السيد خالد مشعل حين شدد في مقابلة على تلفزيون الجزيرة قبل أيام على أن “حماس حركة تحرر وطني فلسطيني” ، حيث يأمل كثيرون أن يكون هذا الموقف نتاج مراجعات داخلية واسعة، اختارت فيها حماس أن تلقي عن كاهلها شعارات العالمية ودولة الخلافة وبناء الفرد المجتمع والدولة المسلمين، لصالح أهداف أكثر تحديداً وأشد وضوحاً.

فيديو 28 نوفمبر

البحث