لهذا من الخطأ المشاركة في انتخابات العسكر الصورية / مصطفى اعبيد الرحمن |
الأحد, 10 نوفمبر 2013 11:00 |
في بداية هذه السطور أود أن أشير إلى أني أوجهها إلى أولئك الذين من المفترض أن يكونوا حاملين لمشروع إصلاحي مستعدين لبذل الوقت والجهد والمال وحتى النفس إن تطلب الأمر ذلك في سبيل تحقيقه غير مبالين بما يصيبهم من أذى وغير مبالين بما قد يفوتهم من مصالح دنيوية زائلة. وإننا لنعلم اليوم أن هناك انتخابات تجري يشارك فيها شرفاء ووطنيون ولن نعدم فيهم الرجوع إلى الحق يوما ما بعد ان يتبينوا خطأ المسير. فقد تكون المشاركة في انتخابات صورية يقيمها نظام عسكري شمولي فاشل أوصل بلادنا إلى الحضيض من أجل تثبيت حكمه، قد تكون يوما متوقعة ممن رموا رداء العزة والعيش بكرامة ورضوا بأحذية العسكر على ظهورهم. لكنها لن تكون أبدا مقبولة ممن رفعوا لواء النضال والدفاع عن شعب مظلوم يكاد يفنيه الجهل والفقر والمرض بفعل بعض من أبنائه خانوا الأمانة ورضوا بالتبعية للآخر. ولا أظن أن أحدا منا بحاجة لدليل على الحالة المأساوية التي يعيشها شعبنا ووطننا في شتى مجالات الحياة. ونحن اليوم بحاجة أكثر للوقوف مع الذات والتعرف على مواطن الخلل والأسباب التي أوصلتنا لهذا الحال ثم التحرك خطوة أخرى إلى الأمام والعمل على صنع تغيير حقيقي داخل المجتمع وطريقة الحكم. فمنذ عشرات السنين ووطننا يحكم بالدبابة والبندقية وليس للشعب من أمره شيئ. فتجذر الجهل والتخلف لأن من في الحكم ليس في أوانيه غير ذلك ليقدمه. وفي ظروف كهذه يكون من الخطأ المشاركة في انتخابات يقيمها حكم عسكري شمولي هدفه الوحيد منها تثبيت أركانه مما سيطيل حتما أمد معاناة الشعب ويرفع من تكلفة التخلص من نظام الاستبداد مستقبلا. ويكفينا أن نذكر الحقائق التالية التي لا يختلف عليها إثنان لنثبت أن المشاركة في انتخابات ينظمها العسكر ما هي إلا عبث وتضييع للجهد والوقت والمال. - النظام العسكري الموجود حاليا في بلادنا هو المتحكم في كل شيئ وليست هناك أي مؤسسة أو جهة في البلد لها أدنى مشاركة في الحكم ويمكن أن تقدم وجهة نظر أخرى. - رأس النظام العسكري هو دكتاتور بغض النظر عن شخصه لأنه يتحكم في كل مفاصل الدولة فهو من يختار لكل الوظائف المهمة وحتى غير المهمة إن شاء ويقيل كل من يخالفه متى شاء ودون رقيب. وهو المتحكم في ميزانية الدولة وفي عقد الصفقات ومنح التراخيص بكل أنواعها. - كل إدارات الدولة تتبع للنظام العسكري فرأسه هو من يعين الحكام والولاة وفي جميع الوظائف الإدارية في كل قرية ومدينة في البلد. - إنتشار الثكنات العسكرية في المدن لإرهاب المواطنين وإشعارهم بجبروت العسكر وصعوبة التخلص من حكمهم الجائر المتخلف بل وأيضا تسليط فرق من العسكر بدل الشرطة المدنية للتحقيق مع المدنيين إمعانا في إذلالهم وإخضاعهم لسلطة العسكر. - تحكم النظام العسكري في إعلام الدولة وإخضاعه لمصالحه وتلميع صورته القبيحة مع إقصاء شبه تام لأي صوت معارض. - استخدام النظام العسكري للهيئات الإغاثية التابعة للدولة أو المتعاونة معها وتوظيفها للترويج له في الأرياف والمناطق النائية. - استغلال النظام العسكري لكل أسباب القوة السابقة التي يحتكرها لنفسه وتوظيفها لصالحة في كل الأوقات وخاصة في المواسم الانتخابية. إذن في ظروف كهذه لن تكون هناك أي نتيجة ذات قيمة تذكر للمشاركة في انتخابات يقيمها نظام عسكري تلك صفاته. إننا اليوم مطالبون شبابا وقوى حية بالتحرك لإنقاذ ما تبقى من هذه البلد ورد الاعتبار لشعبنا وتمكينه من حياة كريمة. ولا شك أن هناك طرقا مختلفة لتحقيق ذلك وإني أرى أن من أصوبها العمل على تكوين تيار شبابي من رحم معاناة الشعب يحس بآلامه ويدافع عن كرامته وحقه في الحياة. تيار شبابي يكون قادرا على فرض التغيير وتخليص الشعب من حكم العسكر الفاشل أو على الأقل إرغامه على تنظيم انتخابات تتساوى فيها حظوظ الجميع ويكون الشعب هو الحكم الوحيد فيها. وأقول هذا لأني أرى أن الشباب من الشعب هو بمثابة العصب من الجسد. فالجسد إذا ماتت أعصابه أو خدرت لن يشعر بالآلام والضربات التي يتعرض لها مهما قويت وسيبقى مستسلما له إلى أن تهلكه. وكذلك الشعب حينما يعزف شبابه عن تحمل المسؤولية فإنه مهما جار حكامه وظلموه لن يتحرك وسيبقى مستسلما لهم وهذا لعمري هو حالنا اليوم في موريتانيا. إننا ندعو إلى أن يكون هناك عمل جاد من القوى الحية في الأحزاب والتجمعات الشبابية، عمل يهدف إلى تكوين ذلك التيار. ويجب أن تكون الانطلاقة من المدراس والثانويات والجامعات في كل أرجاء الوطن. ولن يفوتني هنا أن أشيد بعمل الاتحادات الطلابية للتحسين من ظروف منتسبيها ولكني أرى أنها تقع في خطأ كبير حين تجعل من بين مبادئها عدم التدخل في الشأن السياسي، مما يؤدي تلقائيا إلى ترك الشعب فريسة سهلة لأنظمة الاستبداد والتخلف. وهو خطأ أرادته لها الأنظمة العسكرية المتعاقبة بمخابراتها الخبيثة حتى تستفرد بالشعب المغلوب على أمره. نعلم أن الطريق شاق وطويل ولكن ما منه من بد ولابد من سلوكه وإلا فسنظل ندور في حلقة مفرغة وتضيع أعمار أجيال قادمة لا قدر الله. |