دولتان وغور واحد
الأربعاء, 01 يناير 2014 19:29

jordan-valley-455يعرض الامريكيون في هذه الايام التصور الذي صاغوه المتعلق بالترتيبات الامنية في واقع دولتين. وقد تبنوا في الجملة مواقف اسرائيل المتعلقة بحاجاتها الامنية. وتعتمد اقتراحاتهم للحلول التي سترضي كما يرون رئيس الوزراء على وسائل تكنولوجية كثيرة

ووضع قوات دولية في الجانب الاردني من الحدود – الى جانب الجيش الاسرائيلي الذي سيبقى في شريط ضيق مدة تُحدد مسبقا. وقد قامت اسرائيل في ظاهر الامر بتنازلات بعيدة المدى بحسب هذا السيناريو لأن بلدات الغور غير مذكورة فيه ألبتة وينحصر الجدل في وجود اسرائيلي على الحدود ومعابر الاردن. وفي هذا السياق فان المقارنة بين الغور ومحور فيلادلفيا على حدود غزة – مصر بعد الانفصال اشكالية، لأنه لم يكن هناك اتفاق. وبرغم ذلك فان غزة تسم الوعي الاسرائيلي بصفتها فشلا لا يجوز تكراره. إن الحلول التقنية التي صيغت كي يكون لاسرائيل حق الاعتراض من بعيد على مرور الناس في رفح بمساعدة مراقبين اوروبيين، انهارت حتى قبل أن تبدأ العمل. وبعد زمن غير طويل هرب المراقبون الاوروبيون ايضا. ولا تسهم هذه الذكرى في جهود الامريكيين للطمأنة وهم الذين ما زالوا يؤمنون بقدرتهم على اقناع الفلسطينيين بالموافقة على وجود اسرائيلي في غور الاردن مدة بضع سنين. ولا يريدون في اسرائيل أن يلتزموا بالمدة مسبقا، وتراوح المدة بين 40 سنة الى أبد الآبدين. إن انسحاب اسرائيل من أكثر مساحة الضفة الغربية، من جهة أمنية، مقرون بتخلٍ عن قدرات استراتيجية في مجال الردع والكشف ومُضر بالقدرة على جمع المعلومات الاستخبارية والقضاء على البنى التحتية للارهاب التي ستنشأ في المناطق التي سيسيطر عليها الفلسطينيون بصورة ناجعة. ويزعم مؤيدو الانسحاب من غور الاردن أن احتمال نشوء جبهة شرقية من الجيوش العربية قادرة على تعريض اسرائيل للخطر في العقد القريب، ضعيف. إن هذا الزعم صحيح لكن ليست له صلة بالنقاش: فالترتيبات الامنية التي هي أساس لاتفاق سلام يفترض أن تثبت لزعزعات شديدة وأن تترك لاسرائيل هامشا أمنيا واسعا جدا كي تستطيع أن تواجه تغييرات مفرطة حتى لو حدثت بعد عقود ايضا. وفي فترة تجري فيها على الشرق الاوسط تغييرات حادة فان ثم مكانا للحذر المبالغ فيه. والسبب الثاني هو أنه حتى حينما يشتغلون باحباط الارهاب فثم معنى كبير للعمق من الارض ولمجال المرونة الذي ينشئه. يُحتاج كي يستطيع الفلسطينيون الى أن يواجهوا في نجاعة الفراغ الذي سيبقى بعد خروج الجيش الاسرائيلي الى تحسين لقدراتهم الاستخبارية وزيادة اخرى على عدد القوات، وإلا دخلت حماس والجهاد الاسلامي الى الفراغ. وليس جهاز القضاء والسجون مُهيئا لمواجهة ناجعة للارهاب ايضا. فينبغي اعداد كل ذلك وتثبيته لتمكين الفلسطينيين من منع تحول الضفة الى كيان ارهابي. إن منع دخول وسائل قتالية وعناصر ارهابية الى الضفة شرط ضروري لمنع التدهور وتمكين السلطة الفلسطينية – التي ستبقى تعاني ضعفا وانقساما وعدم وجود شرعية داخلية – من اقامة مستوى معقول من القدرة على الحكم. يعمل الجيش الاسرائيلي والجيش الاردني في غور الاردن في تنسيق وهما ينجحان في أن يمنعا تماما تقريبا التسلل وتهريب وسائل القتال من الاردن الى الضفة الغربية. إن التصميم الذي يظهره الجيش الاردني مدهش وهو ينبع من توجيه الملك الذي لا هوادة فيه الى عدم تمكين عناصر ارهابية من أن تُعرض العلاقات الحساسة بين الدولتين للخطر. إن واقعا لا يكون فيه الجيش الاسرائيلي موجودا على طول الحدود سيجعل الالتزام الاردني غامضا، ومن المنطق أن نفرض أن تصرف الاردن قوة بشرية وموارد لمواجهة مشكلات صعبة على الحدود مع سوريا والعراق وفي مخيمات اللاجئين الجديدة، وهي ظاهرة ستزداد شدة. وستكون النتيجة المباشرة ضعف النظام الامني في غور الاردن وتعريض اسرائيل للخطر. لا يوجد حل أمني كامل. إن اتفاقا يُمكن من المخاطرة المعقولة يمكن احرازه، لكن لا يمكن أن تُحدد مسبقا المدة التي سيُحتاج فيها الى سيطرة اسرائيلية على الغور. إن استقرار الحكم الفلسطيني في الضفة الغربية ومكافحة الفلسطينيين للارهاب وتهريب السلاح ونوع التعاون مع اسرائيل، واستقرار الحكم في الاردن والتزام الاردن بالسلام، وتطور صورة التهديدات من الشرق مع تأكيد سوريا والعراق، والعلاقات بين السلطة الفلسطينية وحماس في غزة والعلاقة بايران – كل ذلك جزء من المعايير التي اذا اتفق عليها الطرفان ويشمل ذلك طريقة الفحص عنها وتقويمها، يجب أن تكون الأساس الذي تُحدد بموجبه هذه المدة. بقلم: غاد شمني هآرتس  31/12/2013