أيام المركز الثقافي المصري ../الكاتب محمد الأمين ولد محمدو
السبت, 08 فبراير 2014 21:30

altاعتدت أن لا أكتب عن مواضيع الساعة التي تحمل طابعا خلِافيا أو عدم إجماع وطني لقناعتي التامه أن للبيت ربـًّا يحميه و لن يُضني الحقيقة في نظري أن تجد في أمة الكلام من هو أقدر و أجدر مني على الصدح بها. لكني اليوم و لصون العشرة ورد الجميل لم و لن أجلس منتظرا

بين صفحات الأخبار و ردهة المقالات فارسا يخرج من بين الصفوف يلْقمُ الجهّال أحجارا و يثنيهم عن ما يُـلحقوا به ثقافتنا و حضارة الأجداد من تشويه و تزييف ناتجين عن خلط الأوراق و مغالطات الإعلام التي ظل هدفها على الدوام السيطرة الفكرية على الشعوب الضعيفة و التحكم في مآلاتها و أرزاقها.

 

قبل عقد من الزمان كان الفتى الصغير الشغوف بإبهارٍ باستكشاف خبايا الكتب و أسرارها ينتظر بتوتر أن تَـزاور الشمس بـعيد المقبل كي يضع رجله على قضيب الحديد في مؤخرة أحد الباصات المتجهة إلى قلب العاصمة و بعد قطع عشرات أمتار من موقفها تنشرح نفسه عندما يرى علم جمهورية مصر العربية مرفرفا على مركزها الثقافي سفينة إبحاره إلى عوالم اخرى احبها. يقلب بين يديه أخبار الدنيا و زينتها و ينهل من معين الكتب أحلى الكؤوس المغذية لفكره و التي يراها البلسم لعلات الوطن و المجتمع و دربا لبناء الأمم و الشعوب.

 

لم يكن الفتى سوى فرد من سرب من المهندسين و الأطر و الكوادر مَروا من هذا النبع و نهلوا من معينه زمانا و لم يكن ذالك السرب سوى جيل من أجيال تعاقبت هنا و أمَّت النبع في بحث مجدّ عن الذات و عن التطور و تغيير حال الناس إلى الأحسن. فى السادس من فبراير عام 1964 و بطلب من أبي الدولة الموريتانية المختار ولد داداه جاء على شكل رسالة عاجلة إلى زعيم مصر جمال عبد الناصر و بعد زيارة من وزير الصحة المصري تم افتتاح المركز الثقافي المصري في موريتانيا كأقدم المراكز المصرية على الإطلاق ،حيث جاء إنشاءه ملازما لاستقلال الوطن و ظلت ذكرى تأسيسه عيدا لمريدي الثقافة و منبرا للشعراء و الكتاب و مثقفي الأمة يُخلَّد كل عام بإلقاء عشرات القصائد و المحاضرات و الخطب.

 

كما ظلت مكتبته العملاقة زاد المعين لكل باحث طالبا كان أو أستاذا.

نصف قرن مر على إنشاء المركز و خمسون عاما من الإشعاع الثقافي كانت كفيلة بتحميل أجيال تعاقبت في بلادنا دَيناً سيبقى على مر العصور غير مُـوفّى. و خلال خمسين عاما حدثت أمور سياسية كثيرة في بلادنا و في الشقيقة مصر أيضا. رحل الزعيمان اللذان كان لهما شرف بناء الجسر الحضاري بين شرق الوطن العربي و غربه ، رحلا و بقيت مآثرهم شاهدة على صدق نواياهم في ترسيخ الثقافة و الهوية العربية.

 

هجرت أمتنا الكتاب الذي هو سلاح الأمم و سبيل تحررها من قيود الجهل و التبعية و الحرمان و اتخذت من دونه الإعلام و اللهو خليلا فأنكرت فضل الاشقاء في بث روح الوعي و الوحدة و أذعنت لحملات الجهل الإعلامية القادمة من بلاد الحجاز التي لا تريد بأمتنا العربية و الإسلامية سوى التفرقة و التهلكة و التجهيل. مصر حرة بأمنها الداخلي و بمن توليه حاكما لها و تدخلنا في شأنها مهزلة ماكان لها أن تحدث في يوم كهذا وفي ذكرى كهذه و من أناس واعين.

 

كان الأجدى بكم يا من تدعون وعيا بالثقافة في وطني أن ترفعوا القبعات للوفد المصري تكريما و عرفانا بجميل ظل خالدا في ذاكرة الأجيال ولم تزده السنين إلا تجليا و تألقا. بدلا من تشويه صورة أمة و تدمير إنجازات كبرى. يا حمّـال شعاع النور في وطني ... رفقاً بوطني ..... !