ليبيا: الاتهامات الجنسية بعد الخطف والعزل! |
الجمعة, 28 مارس 2014 13:15 |
تحت عنوان ‘فضيحة نوري ابو سهمين رئيس المؤتمر الوطني مع فتاتين في منزل في فشلوم’ وزّعت جهة تدعى ‘الرصيفة الاخبارية’ شريط فيديو مصوّراً بكاميرا جهاز هاتف جوّال. لا يفهم من الشريط شيء حقيقي ذو صلة بالعنوان المثير الذي اختاره المرسل، والذي اضاف إليه بهارات إضافية أخرى لتلقيمها لمشاهد شريط الفيديو على الطريقة التالية (التي أنقلها بأخطائها اللغوية): هذا رئيس المؤتمر الوطني وليّ أمرنا وفضيحة زنقة الباز فشلوم حيث تم ضبطه مع فتاتين، احدهما صاحبة السيارة التي تظهر في الصورة وهي موظفة في المكتب الاعلام في المؤتمر الوطني ويظهر فيها ابو سهمين وهو يتوسل لشباب فشلوم وهو بملابس النوم ان يسترو عليه والا يصل الموضوع للاعلام خوفا علي منصبه فماذا يختلف رئيسنا الحالي عن القذافي وعاره هذا الفيديو مقدمة لفيديوهات وفضائح اكبر’! وبعد هذا الشريط نشرت الجهة نفسها واحداً آخر يظهر فيه ابو سهمين مع شخص (يعرّفه مرسل الشريط الى ‘يوتيوب’ بأنه هيثم التاجوري) يقوم بالتحقيق معه في سبب وجود موظفتين، احداهما مديرة مكتبه الاعلاميّ وفتاة أخرى، في بيته.
يقوم ‘المحقّق’ الافتراضي بالسخرية من تبرير المسؤول الليبي الكبير لسبب لقائه الفتاتين، فيما يتحدث ابو سهمين، الذي هو، نظرياً على الأقل، رئيس البرلمان والقائد الأعلى للقوات المسلحة الليبية، بطريقة اعتذارية وتبريرية أقل ما يقال فيها أنها مسيئة للمقام السياسي الذي يمثله، ولبديهيات المنطق القانوني والانساني، والتحقيق يقوم به شخص لا صفة رسميّة له في ليبيا تخوّله تمثيل سلطة، ناهيك عن التحقيق مع مواطنين. جذر القضيّة برمّتها هو الفوضى السياسية والقانونية والأمنية التي تزايدت في ليبيا بعد سقوط نظام القذافي، والتي أدّت عمليّاً إلى حيازة بعض المجموعات المسلحة على سلطات هائلة قادرة، مثل المحقّق المزعوم (وما هو غير قائد لإحدى هذه الميليشيات)، على السخرية من كل أجهزة السلطة التي نشأت، او تحاول النشوء، على أنقاض النظام السابق. إضافة الى الخطف الذي تعرّض له مسؤولون عديدون، كما حصل مع رئيس الوزراء السابق، علي زيدان، وصولاً الى العزل والملاحقة القضائية، انضاف لأدوات ميليشيات ‘الدولة الموازية’، إذن، سلاح التشهير الأخلاقي بالمسؤولين.
كاميرا ‘شباب فشلوم’ المستخدمة في الشريط الأول لنوري ابو سهمين لا تكشف شيئاً غير أن القوة الهوجاء والعارية قادرة على انتهاك حرمة بيت رئيس السلطة التشريعية و(قائد الجيش) دون إذن قانوني أو شرعيّ وهو أمر يدلّ على الاستهتار بالقانون وحرمات البشر والاستسهال لفكرة الاساءة للآخرين وسحقهم معنوياً (وهذا ينطبق على رئيس المؤتمر الوطني كما على الفتاتين) بالقوّة العارية. في المشهد المذكور يتمّ قلبٌ ميكانيكيّ لما اعتدناه من تغوّل السلطات التقليدية التي تستعين بمناصبها وزبانيتها لانتهاك حرمات المواطنين، وهو شأن ممكن الحصول في بدايات الثورات التي تستمرّ لفترة، تطول أو تقصر، بتكسير أصنام الماضي والحاضر في محاولة لمنع نشوء طغاة جدد، لكنّ مبالغة ‘الثوّار’ المسلحين في ممارسة فهمهم الخاص للثورة، باعتبارها ملكهم الخاصّ لا ملك الشعب الذي ثار، لا يلبث أن يلبسهم بدوره ملابس الطغاة وتهريجهم الدمويّ. يسخر أصحاب الشريط والمستفيدون من ترويجه بالطريقة المفتعلة التي حصلت، من ابو سهمين، والمقصود من ذلك السخرية من مؤسسات الدولة الليبية الجديدة وأشخاصها المدنيين، ومن نظم الانتخاب والاختيار الحرّ للبشر، مفترضين أنهم يملكون شرعية ثورية لمحاسبة هؤلاء المسؤولين، وخصوصاً الكبار منهم، ومنعهم من ‘التجاوزات’، وحين لا يجدون عليهم ممسكاً فلا بأس أن يفتعلوا هذه ‘التجاوزات’ افتعالاً، وبذلك يقوم هؤلاء بانتهاك كل ما يدّعون حمايته: الوطن، والشريعة، والقانون، والأخلاق، وهو ما يجعلهم أقرب الى القذافي من أي كائن آخر. راي القدس |