لا تتحاوروا حولي.. يا هؤلاء / عبد الله السيد
الاثنين, 14 أبريل 2014 23:14

لا بد للناظر المتبصر لوضع موريتانيا اليوم أن يحتار..فليس في آخر النفق ضوء..وما لهذا الليل الطويل من إصباح: فقد غطت القترة أنجمه وكواكبه التي كانت تشع هدأة الليل، عندما تهرب الأرواح لعالمها.

يذكرني البلد في وضعه الغريب هذا، بفريسة لاحقتها ضباع فأدمتها، فشمت رائحة لحمها المنهوش، ذئاب ضارية فالتحقت بجوقة القطع والسلخ، ثم انحط عليها سرب نسور جائع..كنت أسمع أنينها لكنه انقطع، وكنت أرى حركة رفس الأرجل المحتجة على ملاك النزع، لكنه سكن سكون الأبد. من حول هذه الجثة التي نسميها نفاقا "وطننا"، آنا.. وندعوها، نحن الوأدة الجدد، "موريتانيا" آنا آخر، يقف نفس المفترسين المتوحشين الذين تشهد عليهم جلودهم وأرجلهم بما اقترفوه بل بما اقترفناه كلنا، في حقك أيتها الموؤودة التي لم تسأل بعد، عن الذنب الذي به استحقت كل هذا التدمير والعبث وكل هذا البطش.. هل أستمع لك، أنت يا من مكنت بني الأصفر من ملحفة شنقيط يمزقون أكمامها ويدنسون وجناتها ويعبثون بأرضها وسمائها لسنوات؟.. هل أثق فيكم أنتم يا من تداولتم الكراسي لسنوات ثم عدتم بعد عملية تجميل تتسترون وراء "ماسكات" الحرية والديموقراطية والتعددية؟ هل أقبل عذركم يا من كنتم تقفون في صف مصالحكم ولا تقبلون التضحية من أجلي ولو لدقيقة واحدة؟ هل أركن إليكم أنتم يا من وعدتموني ولم تفوا، ويا من طلبتم صفحي عن خياناتكم لي وعدتم تختانونني في كل شيء ؟؟ هل ألتفت لهذا أو لذاك أم أنظر لذلك ..ليس هناك من يستحق مني أن أعطيه كتابه بيمينه..خذوا جميعكم كتبكم بأيساركم.. لم تعد حيلكم تنطلي علي أبدا ..تسرقون مع السارقين وتقصون مع القاصين؟ حول ما ذا أنتم تتحاورون اليوم؟ أهو حوار حولي، أنا موريتانيا المؤودة ؟.. نعم أهو حولي، وفي يد كل واحد منكم خنجر به كان قد طعنني يوما ما..هذه دمل جراجكم تشهد عليكم فردا فردا..فهل أنتم منتهون ؟ أحول مستقبلي تتجاذبون أطراف الحديث ؟ وهل لي من مستقبل وقد تعطلت بوصلة زمني منذ أن قابلني بالعقوق أولاد حملتهم كرها ووضعتهم كرها؟ إنها الجراءة أيها السادة، استريحوا من شأني .. ليس لأي منكم الحق في التداول حول أموري ولا حول شؤوني وشجوني.. ربما من تحت هذا الركام قد ينبثق زمن آخر وصبح آخر وأولاد بررة آخرون.. ربما من تجاويف دمعتي قد يخرج عالم آخر غير عالمكم هذا الذي فيه تجرعت كؤوس المعاناة وعشت فيه عهود الخيانات..ربما